قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ}. فالماء أصل الحياة وسبب العيش للإنسان والحيوان والنبات وكل ما يعيش على ظاهر الأرض، فمنه نأكل ومنه نشرب ومنه نستحم ونغتسل، وإنه مهما شربت من المشروبات بأنواعها فلن يغنيك عن الماء. وبنظرة ثاقبة أدركت حكومتنا الرشيدة أيدها الله أهميته في حياة الإنسان السعودي وأنفقت الأموال الطائلة في سبيل وصوله إلينا بيسر وسهولة وقد استضافت عاصمة العرب ودولة الإنسانية الرياض مؤخراً مؤتمراً عالمياً عن المياه برعاية كريمة من سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز جمع نخبة من العلماء والباحثين من دول العالم لمناقشة العقبات التي تواجههم وإيجاد الحلول المناسبة ورصد الجوائز القيمة التي تشجعهم في إجراء أبحاثهم، إذ إن الحروب القادمة ليست حرب دمار شامل أو صواريخ عابرة القارات كما يعتقد البعض، بل ستكون حرب مياه، وما أدل على ذلك مما يقوم به العدو الصهيوني من بناء السدود الضخمة لحجز المياه عن الدول المجاورة لهم والتحكم بالمياه، وقد نجحوا بحجز جزء كبير من ذلك، وهم يمضون في هيمنتهم على منابع المياه ما لم نتنبه لذلك، وعلى المستوى المحلي أعجبني أحد المواطنين البارين لمدينتهم مدينة طريف إذ رأى ما يعانيه أبناء مدينته من صعوبة ومشقة في الحصول على الماء فبادر مشكوراً بحفر (بئر) ارتوازية على نفقته الخاصة. وقد شاهدت أثناء الإجارة الصهاريج وهي مصطفة طوابير تتزود بالمياه ومن حولها الأغنام والطيور فقلت تلك هي الصدقة الجارية حقاً، التي يشرب منها الإنسان والحيوان والطيور، وقد قام مؤخراً بحفر (بئرين) أخريين ليصبح العدد ثلاث آبار فجزاه الله خير الجزاء. وتذكرت الحديث النبوي الشريف (قصة ذلك الرجل الذي وجد كلباً يلهث من العطش بجانب (البئر) فنزل وسقاه بحذائه حتى ارتوى فكان سبباً في دخوله الجنة).