من المعروف أن الدين الإسلامي هو دين يسر وليس دين عسر.. كما قال تعالى: (يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وهو بعيد عن الجمود، بل المنهجية الصحيحة، وقد شمل الإسلام بتعاليمه جميع جوانب الحياة، فنظم علاقة الفرد بربه، وعلاقته بالآخرين وفق قانون إلهي محكم ودقيق.. فهو مواكب لكل زمان ومكان.. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (بُعثت بالشريعة السمحة السهلة، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك)، فدين الإسلام غيث أصاب الأرض فأنبتت زهور الرحمة والتسامح والوفاء والصدق التي يفوح منها عطر الأمان والاطمئنان.. وفي كتاب الله كان التشريع وكانت الأحكام.. فالحلالُ بَيِّنٌ والحرامُ بَيِّنٌ.. وفي مملكتنا الحبيبة، وما نشهده بها من إيمان وإقامة لحدود الله، وديمقراطية وحرية تحت ظل الشريعة، يجعلنا نشكر الله بالمحافظة على نعمه، كما نعلم ان الإرهاب الذي يعصف بالعالم اليوم هو جرم وظلم بكل المعايير العقلية.. فهو يعني العنف الذي تمارسه بعض الخلايا المتطرفة باسم الإسلام، ومن الصعب أن تظهر صورة الإسلام بأحسن صورة أمام العالم الغربي وهؤلاء يربطون بين الاسلام والعنف..! فلابد من فصلهما حتى يظهر الإسلام على حقيقته وهي العدل والمساواة.. لأن الدين لن يُعرف إلا كما يمثله أهله. إن جميع الممارسات الإرهابية التي حدثت في بعض المناطق في العالم، كانت بمثابة الحرب الأهلية.. ولكن بعد أحداث 11 سبتمبر أصبحت قضية إرهابية ولها آثار سلبية على كثير من مناطق العالم. أما في محيط وطننا، مازال الإرهاب لا يبرح أن يباغتنا بطعنات غدر من فئات جاحدة وبأزمنة متفاوتة.. ولكنه يلبس ثوب المدافع عن الإسلام.. وفي الواقع هو ذريعة لكل من يئس من رحمة الله، وتمثل ذلك بما قامت به الجماعة الإرهابية في الرياض بشارع الوشم وينبع.. وكانت محاولات فاشلة لزعزعة الأمن وغايات أخرى مبهمة..! ربما لأن الحجج والدوافع التي يبررون بها جرمهم واهنة.. وهي مقولة إخراج اليهود والنصارى من الجزيرة العربية وهذا سبب غير مقنع، فليس من المعقول أن يقدم نفسه قرباناً للموت ويأخذ معه الأبرياء من أجل طرد اليهود! وبعضهم يدعي أنه ضحية للعوز والفقر والجهل.. وهذه الأسباب لن يقلها ذوو الألباب، لأن معظم من ينظم قاعدة الإرهاب والعنف ليسوا جهلة بل متعلمون وأغنياء. فلن نعير عقولنا لهذه المهاترات فلقد ميزنا الله بالعقل.. ولابد أن نعترف بأن ما يحدث من إرهاب لا يمت للدين أو العقل بصلة.. بل هو تشويه للإسلام الذي يتكئ على قاعدة تحقق السلام للفرد والمجتمع ومن فئات الإرهابيين المنتشرة هي: فئة العنف ليس طبيعتهم، ولكنهم تعرضوا لاستغلال فكري وغسيل عقلي، وهم الأغلبية التي مع الأسف منتشرة في وطننا الغالي، وبين القلة من شبابنا السعودي عن طريق التطرف أو التعصب السياسي فهم منتحرون ويجرون في عربات الموت عدداً من الأبرياء من أطفال وشيوخ ونساء.. وإن ما حدث يوم الأربعاء 17-11-1425ه من تفجيرات حول وزارة الداخلية في الرياض كانت شاهدا على عشوائية الأهداف الإرهابية.. وكذلك رداءة الوسائل المستخدمة ليشمل المنشآت والاحياء وهذا يعني بداية نهايتهم.. وهذا يستوجب استنفار قوى المجتمع العسكرية والفكرية والعلمية لمواجهة التيارات الهادمة للأمن التي تذكي نار الفتنة بين المسلمين. ومما يؤكد نهايتهم أن الحكومة قد اتخذت خطوات للقضاء إيجابية على الإرهاب.. ومنها إيقاف جميع مصادر التمويل المساندة للعمليات الإرهابية.. وعدم الغفلة عن هذه الجماعات، واستمرار الرقابة السرية وتسليط الضوء على مخططاتم وإبطالها.. وإعداد القوات العسكرية وتأهبها في أي وقت للقضاء عليهم. والشعب مسؤول عن مكافحة الإرهاب وليس رجال الأمن فقط.. فلابد أن نكون رجال أمن، كل حسب ما يستطيع، ونصحح المفاهيم الدينية الخاطئة.. مسلحين بالتقوى والإيمان والصدق والعزيمة كدرع يحمينا من غدر المغرضين وذوي الغايات الدنيئة.. ولابد من الدخول في مكافحة شاملة وحاسمة ضد كل من ينتمي لزمرة الإرهاب وعلى نحو مدروس ومنسق.. وتتضافر الجهود على النطاق الفردي والجماعي، وكذلك يجب علينا أن نوجه الشباب إلى الطريق الصحيح بالكلمة الطيبة والحوار الهادئ من صغيرنا وحتى كبيرنا ونبعدهم عن الغل الجامح. فقد ثبت عند علماء المسلمين خروج هؤلاء من دائرة الإسلام لأن هدفهم المسلمين الذين يشهدون أن لا إله إلا الله.. فقد جاء في الحديث (إيما رجل آمن رجلاً على دمه ثم قتله، فأنا من القاتل براء وإن كان المقتول كافراً).فهذا هو الدين وهذه هي السنة التي ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.. وكافر.. فاسق.. وجاهل. هي شمس في رابعة النهار، فلا غلو ولا تطرف بل سماء من شريعة صافية، ترفرف بها حمائم السلام بهديل الرحمة والعدل.. فمهما تأرجحت الآمال وكثرت معضلاتها.. فبالعلم والإرادة والفكر النير والعمل نحقق الأهداف بإذن الله.