وصف المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارات البحوث العلمية والإفتاء سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ ما قامت به الفئة الضالة في اليمن من اختطاف نائب القنصل السعودي في عدن بأنه جرم كبير وعمل إرهابي شنيع لا يقبله عقل ولا منطق فضلا عن شريعة رب العالمين التي تحرم الظلم والعدوان بجميع صوره. جاء ذلك في كلمة لسماحته فيما يلي نصها: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد: فإن دين الإسلام نهى عن جميع صور الإفساد في الأرض، والتعدي على حياة الناس، وأموالهم وأعراضهم قال صلى الله عليه وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه». ونهى الإسلام عن كل ما يضر بمصالح الناس الدينية والدنيوية، وحرم عليهم الظلم والعدوان فيما بينهم، وحفظ المجتمع من كل ما يحدث فيه الخلل والفساد، وحمى الضروريات الخمس، النفس، والعقل، والعرض، والدين، والمال، وصانها من أي بغي واعتداء عليها، ورتب حدودًا صارمة في حق من يعتدي عليها. ومن هنا فقد رفض الإسلام رفضًا كليًا الإرهاب بجميع أشكاله وألوانه وصوره؛ لأنه قائم على الإثم والعدوان، وقتل الأنفس البريئة، وترويع الآمنين، وتدمير مصالحهم ومنافعهم، ومقومات حياتهم، والاعتداء على أموالهم وأعراضهم، وكرامتهم الإنسانية، ولأنه اعتداء موجه ضد الأبرياء المعصومين من الرجال والنساء والأطفال، أو تهديد بهذا الاعتداء، أو أي وسيلة أخرى من وسائل الإزعاج والاعتداء، أو إخلال بأمن المجتمع واستقراره. وحيث إن المملكة العربية السعودية تنبع سياساتها وتوجهاتها من تعاليم الإسلام، وتحكم الشريعة الإسلامية في جميع مناحي الحياة، وتطبق حدود الإسلام، فهي كانت في مقدمة الدول التي حاربت الإرهاب بكل طاقاتها وإمكانياتها، وعلى مختلف الأصعدة والميادين الفكرية، والأمنية، والثقافية. وكانت مواقف المملكة العربية السعودية تجاه الإرهاب مواقف واضحة وثابتة ومبنية على العدل والإنصاف ومتصفة بالاتزان والموضوعية والشفافية. وقد حرصت المملكة في حربها على الإرهاب على عودة من غرر بهم من شبابها، ودعوتهم لإظهار التوبة والرجوع عن الأفكار الضالة، والعودة إلى أرضهم وبلادهم وذويهم قبل أن يلقى القبض عليهم أمنيًا، ويحالوا إلى القضاء. وأما من أبى هذه الدعوة، وتمادى في غيه وضلاله، فتلطخت أيديهم بالدماء، وتورطوا في الأعمال التخريبية، فتم القبض عليهم، فإنهم يحالون إلى القضاء، ويحاكمون محاكمة عادلة منصفة في المحاكم الشرعية داخل المملكة، ومن قبل قضاة مختصين ومؤهلين، وما يصدر في حقهم من الأحكام القضائية بسجنهم، أو عقابهم، أو إطلاق سراحهم، فهي كلها تكون موافقة لشرع الله تعالى، ومبنية على العدل والإنصاف، دون ظلم أو إجحاف بحق أحد من هؤلاء، وليست تلك الأحكام خاضعة لأهواء الناس ورغباتهم، أو لمصالح شخصية، أو اعتبارات غير نظامية. ومن الأعمال الإرهابية التي حرمها الإسلام ونهى عنها الاختطاف والاعتداء على الأبرياء وإيذائهم وتعذيبهم، فإن هذه الأعمال لا تقرها الشريعة بحال من الأحوال، لأنها اعتداء وغدر وخيانة وترويع للآمنين. فما قامت به الفئة الضالة في اليمن من اختطاف نائب القنصل السعودي في عدن، فهو جرم كبير وعمل إرهابي شنيع لا يقبله عقل ولا منطق، فضلًا عن شريعة رب العالمين التي تحرم الظلم والعدوان بجميع صوره. فهذا الجرم العظيم منافٍ لتعاليم الشريعة الإسلامية التي تتصف بالسماحة، والأمانة، وتنبذ الغدر والخيانة، والعنف والاعتداء، والتعذيب بلا وجه حق، ولا حجة شرعية. وما يطالب به هؤلاء المجرمون من إطلاق سراح السجناء ليس حقًا لهم، بل هو حق لذويهم وأهليهم، كما أن السجناء يخضعون لقضاء عادل، ويحاكمون وفق أحكام وقواعد الشريعة الإسلامية. وهذا العمل الشنيع فضلًا عن أنه مخالف للإسلام وشرعه، فهو منافٍ كذلك للشيم العربية، والعاطفة الإنسانية، والمعايير الأخلاقية، والقواعد الاجتماعية النبيلة. فليكف هؤلاء عن هذا العمل غير الأخلاقي، والسلوك الهمجي غير الإنساني، وليطلقوا سراح المختطف، وليعودوا إلى رشدهم، وليتوبوا عن هذه الأعمال الإجرامية التي لا تقرها شريعة الإسلام. وجدير بالذكر هنا أن المملكة العربية السعودية حريصة كل الحرص على سلامة مواطنيها وأبنائها ومبتعثيها في الخارج، وتبذل كل جهدها وإمكانياتها لتوفير الأمن والسلامة لهم في الداخل والخارج، ولا تتوانى في سبيل ذلك، ولا تألو جهدًا ممكنًا. فنسأل الله العلي القدير أن يحفظ بلادنا وأبناءنا من كيد الكائدين، وخيانة المجرمين، ودسائس الأعداء، وأن يحفظ لنا أمننا واستقرارنا، وأن يوفق الجميع لطاعته وطلب رضاه.