تعني الترقية نقل الموظف من مرتبته التي يشغلها إلى مرتبة أعلى منها وما يترتب على ذلك من تحسين وضعه المادي والمعنوي معاً، حيث يحصل على زيادة في راتبه، وتغير في مركزه الوظيفي إلى الأفضل. وتعتبر الترقية أحد الأساليب الناجحة لشغل الوظائف العامة خاصة تلك الوظائف التي لا تعتبر مداخل للمؤهلات العلمية. ونجاح هذا الأسلوب في شغل الوظائف مُقيّد بأن تكون الترقية على أساس الكفاءة والجدارة، إضافة لذلك فهي حافز تشجيعي. فالترقية غاية كل موظف ومطلبه، بالرغم من الجدل الذي أُثير حول إن كانت الترقية تعتبر أحد حقوق الموظف من عدمه، فالعرف الإداري ربما يتجه إلى انها حق لكل موظف تثبت جدارته وكفاءته. وللترقية معايير وأسس تتم على ضوئها، فهناك معيار الأقدمية والذي ربما يكون ملائماً للترقية على الوظائف السهلة أو النمطية التي لا يتطلب مزاولة عملها مجهوداً ذهنياً. وحسب هذا المعيار يُرتب الموظفون حسب أقدميتهم في شغل المرتبة المطلوب الترقية منها وتتم ترقيتهم حسب هذا الأساس. أما المعيار الآخر فهو معيار الكفاءة وبموجبه تتم ترقية الموظف ليس على أساس طول المدة التي قضاها في مرتبته بل على أساس مدى قدرته وكفاءته حتى وان وُجد من زملائه من يقدمه في المرتبة ولكنه أقل كفاءة. وهذا المعيار إنما يناسب الترقية على الوظائف العليا والقيادية والإشرافية ونحوها من الوظائف ذات الأهمية. وتجدر الإشارة إلى أن نظام الخدمة المدنية في بلادنا المملكة العربية السعودية قد أخذ بالمعيارين حيال ترقية الموظفين، فقد جمع بينهما في الترقية للوظائف المصنفة في المرتبة العاشرة فما دون حيث حدد معايير للترقية هي: التأهيل العلمي والأقدمية والتدريب وتقارير الأداء الوظيفي. ومن مجموع النقاط التي يحصل عليها الموظف في هذه المعايير تتم مفاضلته مع زملائه. أما الترقية للوظائف القيادية من المرتبة الحادية عشرة فما فوق والوظائف المستثناة فإن معيار الكفاءة فقط هو الذي يحكم الترقية عليها، حيث إن صلاحية الاختيار على ضوء المعيار المشار إليه تركت للوزير المختص بسبب أهمية وحساسية هذه الوظائف وبالتالي عدم مناسبة ما هو متبع للترقية على المراتب الأدنى منها لها. من ناحية أخرى إذا كانت الترقية على المراتب العاشرة فما دون تتم حسب معايير وأسس محددة هي في غالب الأحوال تؤدي إلى اختيار الأفضل على ضوء ما لديه من نقاط في معايير الترقية أو درجات في المسابقة الوظيفية، فإن الاختيار على أساس الكفاءة للمراتب العليا والوظائف المستثناة والذي يتم دون إجراء مفاضلة أو مسابقة هو الأكثر مسؤولية واحراجاً خاصة إذا تعدد ذوو الكفاءة والمقدرة، الأمر الذي يتطلب من صاحب القرار توخي الدقة في حسن الاختيار. وهناك بعض المبادئ مستخلصة من القواعد الوظيفية ربما تسهم في عملية الترقية وهي: أولاً: توفر مبدأ القناعة بأن الوظيفة العامة خدمة عامة للدولة وللمواطن وان مزاياها للأعمال وليس للأشخاص، ولذلك يتساوى المواطنون الذين تتوفر لديهم شروطها في شغل الوظيفة العامة. ثانياً: عدم التفريق بين مواطن وآخر في الترقية على هذه الوظائف ما دام ان الجدارة والكفاءة متوفرة لديهما، وان الفيصل في تفضيل أحدهما ينبغي أن يكون على أساس ما يفضل به الآخرون. ثالثاً: تشمل إجراءات المفاضلة أو المسابقة للترقية جميع الموظفين من المرتبة العاشرة فما دون المستحقين للترقية بمن في ذلك موظفو الفروع والمناطق، وألا يستبعد أي منهم إلا بإقرار خطي منه بعدم رغبته الترقية إما لعدم مناسبة مكانها ونحوه له. رابعاً: لكل من التدريب وتقارير الأداء الوظيفي دور في ترقية الموظفين ولذلك ينبغي أن يكون تدريب الموظفين غير مقتصر على البعض أو موظفي المركز الرئيسي دون الفروع، كما ينبغي أن يكون تقرير الأداء موضوعياً يعكس الصورة الحقيقية لوضع الموظف. خامساً: بالنسبة للترقية على الوظائف العليا والمستثناة والتي أُعطيت السلطة المختصة صلاحية الاختيار فيها ينبغي أن يكون هذا الاختيار موضوعياً وفي إطار مبدأ الجدارة ومصلحة العمل وان يتم تحري الدقة في ذلك عن طريق معايير واضحة يحددها صاحب القرار. في حالة التساوي بين أكثر من موظف في عوامل الجدارة أو الكفاءة باعتبار ان المفاضلة أو المسابقة لا تطبق على الترقية على هذه الوظائف. سادساً: وأخيراً فإن الإدارة إذا قررت اللجوء إلى هذا الأسلوب أو ذاك في شغل وظائفها فينبغي أن تأخذ في الاعتبار حق جميع الموظفين التي تتوفر لديهم شروط شغل الوظائف وعدم التفضيل بينهم إلا لسبب موضوعي واضح، وأن تبذل قصارى جهدها في دقة الاختيار بأن يتم شغل الوظائف بالأصلح والأفضل من بينهم.