بدهي أن التعليم هو مقياس التقدم وأن أبرز مظاهر التخلف هي الفقر، المرض، الجهل، لذلك فإن القضاء على التخلف لا يتم إلا بالقضاء على مرتكزاته. إن الاحصاءات والدراسات المقارنة التي أجريت تشير إلى أن نسبة الدخل القومي تتناسب بصورة طردية مع نسبة التعليم، ولقد أثبتت الدراسات الاقتصادية ان انخفاض نسبة الأمية يرافقه تقدم اقتصادي، ومن أبرز مظاهر هذا التقدم الزيادة في الدخل القومي والزيادة في دخل الفرد والتوزيع المتقارب للدخل بين السكان. أتى ذلك في سياق دراسة حول الضرورات الاجتماعية والاقتصادية لمحو أمية الكبار، وأضافت أن الأمية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالمشكلة الصحية فإذا نظرنا إلى توزيع نسبة الأمية ونسبة الوفيات في أنحاء العالم وخاصة بين الأطفال لوجدنا أن المناطق التي تنتشر فيها الأمية هي المناطق نفسها التي ترتفع فيها نسبة الوفيات، وهذا أمر طبيعي نظراً لأن الأمية تؤدي إلى تناقص دخل الفرد السنوي وهذا بالتالي يؤدي إلى تناقص قدرة الفرد على تأمين المواد الغذائية الأساسية لجسمه أو دفع نفقات المعالجة في حال مرضه بالاضافة إلى أن الأمية تؤدي حتماً إلى الجهل بأهمية تطبيق التعليمات الصحية والايمان بالخرافات في هذا المجال. إن الحضارة المعاصرة تتميز بأن العمل الاجتماعي والاقتصادي فيها أصبح مرتبطاً بتطبيقات العلوم الطبيعية والانسانية انتاجاً وتنظيماً وإدارة وارتقاء وهكذا تقوم القدرة على السعي الاقتصادي والمشاركة الاجتماعية على العلم والمعرفة وسبيلهما هو التعليم. وبدهي أن محو الأمية يؤدي إلى تطوير الانتاج كماً ونوعاً ولقد أثبتت الدراسات أن هناك علاقة وثيقة بين زيادة التعليم وزيادة الانتاج وبمعنى آخر أن تحسين انتاج العامل الأمي أمر صعب التحقيق أما العامل المتعلم فيمكن تحسين انتاجه كماً ونوعاً إلى درجة كبيرة، وفي هذا العصر الذي تقدمت فيه التكنولوجيا والصناعة أصبح العامل المتحرر من الأمية قادراً على تقديم انتاج أوفر لقدرته على استعمال الآلات الأكثر تعقيداً، كما تبين من دراسة حالة المشروعات الصناعية أن مستوى الكفاءة الانتاجية يرتفع مع زيادة نسبة المتعلمين وأن التبديد وسوء استخدام الموارد والتمارض والغياب تنتشر في المشروعات وفي المجموعات التي ترتفع فيها نسبة الأمية وعلى هذا فإن المتحرر من الأمية بلاشك عنصر مساعد في الانتاج، وبحسب الدراسة فإن ترسيخ مبادئ الديمقراطية الذي يتجسد بافساح المجال أمام المواطن للتمتع بحقوقه والنهوض بواجباته على الوجه الأكمل وتحمل مسؤوليته يستلزم أن يكون المواطن قادراً على حل مشاكله والاحاطة بها واتخاذ القرارات السليمة ولا يتسنى له هذا الا إذا كان على درجة من المعرفة تمكنه من متابعة الاحداث وادراك القضايا الأساسية التي يجب أن يناضل من أجل تحقيقها ولهذا يعتبر محو الأمية درجة أو حلقة تؤدي إلى الانتقال إلى مرحلة أرقى هي مرحلة محو الأمية السياسية بما ينطوي عليه هذا المفهوم من المعايير القومية والطبقية والإنسانية والتحررية. هذه المعايير التي تعني بمجملها الانتماء إلى أمة عربية واحدة مع إدراك حامل هذا الانتماء أن النضال من أجل وحدة هذه الأمة مسألة مركزية واساسية في تفكيره وسلوكه، وعلى الله الاتكال. [email protected]