بدت مراكز الاقتراع في مناطق السنّة خالية أو شبه مهجورة أمس الأحد بعد أن دعت أبرز هيئات الطائفة إلى مقاطعة الانتخابات ترشيحاً واقتراعاً بالإضافة إلى تهديدات بالقتل وجّهها المتطرفون لمن يرغبون في المشاركة. ومن جانب الإدلاء الانتخابي للشخصيات السياسية أدلى رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي بصوته في أول انتخابات تعددية في البلاد في مركز للاقتراع في المنطقة الخضراء في بغداد، حسب شبكات التلفزيون. ولم يدل علاوي بتصريحات للصحافيين. وكان الرئيس الشيخ غازي عجيل الياور أول من أدلى بصوته في المنطقة الخضراء داعياً العراقيين إلى التصويت في الانتخابات التي عدّها (خطوة نحو إقامة دولة ديموقراطية). كما أدلى وزير الدفاع العراقي حازم الشعلان ونائب الرئيس العراقي إبراهيم الجعفري بأصواتهما الانتخابية. كذلك أدلى الزعيم الكردي جلال طالباني بصوته أمس الأحد في مدينة السليمانية شمال العراق، حيث تشكلت صفوف من الناخبين أمام مكاتب الاقتراع قبل أن تفتح أبوابها. وقال: إن زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني أحد أكبر تشكيلين كرديين عراقيين، كان من أوائل الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم. وقد تأخرت عمليات التصويت في بعض مراكز الاقتراع في المدينة بسبب مشكلات تنظيمية. وفي مناطق العراق تفاوتت المشاركة في الانتخابات ما بين كثافة في التصويت وضعيفة وامتناع عن التصويت. ففي محافظة الأنبار بدت مراكز الاقتراع مهجورة تماماً وكانت الدوريات الأمريكية تسير في شوارع الفلوجة بدون أي حركة لسيارات أخرى أو للمارة. وأكّد أحد الشهود فتح خمسة مراكز اقتراع لكنّ أحداً لم يدخلها. وفي تكريت (180كم شمال بغداد)، بدت الشوارع خالية. وقال أحد الشهود: إنه تفقد ثمانية مراكز اقتراع ولم يشاهد أحداً سوى الموظفين والشرطة. وفي بعقوبة أدلى عدد من الناخبين بأصواتهم. وفي كركوك توجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم وسط إجراءات أمنية مشددة للشرطة العراقية وغياب القوات الأمريكية عن أماكن التصويت. ولاحظ شهود عيان إجراءات مشددة حول مركز اقتراع في منطقة يسكنها خليط من العرب والتركمان والأكراد، انتشر فيها عناصر الشرطة العراقية بشكل كثيف. وقد حدد الطريق المؤدي إلى المركز بأسلاك شائكة وشرائط. وتجمع حوالي خمسين ناخباً من الذكور والإناث في حين كانت أعداد من النساء متوجهة إلى المكان وهن ترتدين العباءات للعراقيات والزي الكردي للأكراد. وتجري عمليات تفتيش دقيقة. ولا يسمح بإدخال الحقائب والهواتف النقالة. وقال الناخب العربي إسماعيل رجب: (انتخبت القائمة التي تمثل التحالف الكردستاني وللمرة الأولى أشعر بحرية اختيار من أريد في العراق). وأضاف أن (العراق سيشهد مرحلة متقدمة في بناء الديموقراطية من خلال حرية التعبير واختيار من يقود هذا الشعب بعد سنوات القهر والظلم). وقالت الكردية كافية جبار (65عاماً) التي وصلت برفقة ابنتها (جئت لاختيار قائمة التحالف الكردستاني لنضمن حقوق الأكراد ونعمل على بناء العراق الذي دمرته سنوات الحرب والظلم). من جهتها قالت الحاجة كلعزار فتح الله (70): (على الرغم من مرضي المزمن وعدم استطاعتي المجيء وحدي بدون ابنتي أود المشاركة في الانتخابات لكنني لم أقرر حتى الآن أي قائمة اختار). وتحلق مروحيات أمريكية بكثافة فوق المراكز الانتخابية. يشارك الناخبون الأكراد والتركمان في منطقة كركوك بكثافة في الانتخابات في حين بدت شوارع الأحياء العربية مقفرة وسط إجراءات أمنية مشددة للشرطة العراقية وغياب القوات الأمريكية عن أماكن التصويت. وبدا ضعف المشاركة العربية في الانتخابات المحلية والعامة في كركوك (شمال) واضحاً للعيان، فالشوارع خالية في المناطق العربية في حين أنها مكتظة بالآلاف في المناطق الكردية. وقال ماهر عبدالله أحد مسؤولي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في كركوك: إن (نسبة الناخبين حتى الساعة 11.30 (8.30 تغ) تجاوزت 50% من المسجلين في المناطق الكردية والتركمانية لكن هناك ضعف في مشاركة المناطق العربية وخصوصاً في الحويجة (50 كم غرب كركوك). وأضاف أن العملية مستمرة ولم تحدث أي مشكلات تذكر، مشدداً على وجود نوع من التسابق في المناطق ذات الغالبية الكردية والتركمانية. ومن جهته قال جلال جوهر عزيز عضو المكتب السياسي في الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني: إن الاتحاد الوطني أحضر حافلات نقل للناخبين لمساعدتهم في الذهاب لمراكز الاقتراع بعد تقسيم المناطق ذات الغالبية الكردية إلى قطاعات لتأمين وصول الناخبين الأكراد. ولوحظ مشاركة منظمة للغاية في المناطق الشمالية للمدينة وهي مناطق كردية بحتة.. وفرضت إجراءات مشددة حول مراكز اقتراع في منطقة يسكنها خليط من العرب والتركمان والأكراد، انتشر فيها عناصر الشرطة العراقية بشكل كثيف. وقد حدد الطريق المؤدي إلى المركز بأسلاك شائكة وشرائط. وقد منح قرابة 100ألف ناخب كردي يتحدرون من كركوك كان نظام صدام حسين نقلهم عنوة من ديارهم الحق بالإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجلس محافظة التأميم وعاصمتها كركوك. ومن شأن هذه الزيادة في إعداد الناخبين الأكراد أن توفر الغالبية للأكراد في مجلس المحافظة وأن تؤثر على التوازن الهش في محافظة التأميم. ويسكن منطقة كركوك الغنية بالنفط قرابة مليون و200 ألف نسمة بينهم 45 في المئة من الأكراد ونسبة مماثلة من العرب إضافة إلى10 في المئة من التركمان والمسيحيين. وقد التزمت هذه الطوائف بهدنة هشة منذ سقوط نظام صدام حسين في نيسان - أبريل 2003م. وفي سامراء فتح مركز للاقتراع أبوابه أمس الأحد بتأخير ساعتين عن الموعد المحدد وبعد أن أعلن رئيس مجلس المدينة أن الانتخابات لن تجرى أمس في المدينة.. وفتح المركز الانتخابي في منطقة القلعة غرب المدينة.. وهو محاط بقوات من الوحدات الخاصة والجيش العراقي والقوات الأمريكية في حين أغلقت مدرعات الطريق باستثناء منفذ واحد. كما أن المركز افتقد وجود الناخبين. وقال المقدم محمود محمد من شرطة المدينة: إن (المراقبين جلبتهم المفوضية من تكريت للإشراف على الانتخابات في سامراء). وسقطت ثلاث قذائف هاون شرق المدينة بدون أن تسفر عن خسائر في مدرسة شيماء التي تضم مركزاً للاقتراع، وفقاً للمصدر ذاته. وكان رئيس مجلس المدينة طه حسين أكد أن الانتخابات لن تجرى في المدينة الواقعة على بعد 125 كيلومتراً شمال بغداد بسبب الأوضاع الأمنية. وأضاف طه حسين (أعتقد أنه لن تكون هناك انتخابات بسبب الأوضاع الأمنية). وفي بعقوبة توجه أمس عدد من الناخبين إلى مراكز الاقتراع في مدينة بعقوبة للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات تعددية في البلاد منذ أكثر من نصف قرن. وفي مركز للاقتراع وسط بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد) اتخذت إجراءات أمنية مشددة مع انتشار الشرطة العراقية، إضافة إلى دوريات أمريكية على بعد مئتي متر عن المركز. وقال أحد الناخبين: (الحمد لله انتخبت واخترت القائمة169). وأضاف أنه جلب عائلته المؤلفة من ستة أشخاص للإدلاء بأصواتهم. وكان رجل وزوجته ينتخبان عندما وقعت انفجارات لكنهما لم يعيرا الأمر اهتماماً.. وقال الرجل: (لا يهمنا ما يحصل المهم أن انتخب). من جهته قال مدير المركز: (هناك دمج في المراكز بسبب الوضع الأمني)، موضحاً أن عدداً من العائلات وصلوا منذ الصباح ودهشت لأنني لم أكن أتوقع أن يبدأ الناس بالتوافد في وقت مبكر. وكان إطلاق نار سمع أمس في شوارع مدينة بعقوبة كبرى مدن محافظة ديالي. وفي منطقة المثلث السني أكد متحدث باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق أن مراكز الاقتراع لم تفتح أبوابها بعد مع بدء التصويت في مناطق أخرى. وقال فريد ايار للصحافيين: إن (مراكز الاقتراع لم تفتح أبوابها بعد في اللطيفية والمحمودية واليوسفية). وأوضح موظف آخر في المفوضية أن (اللطيفية واليوسفية والمحمودية مناطق متوترة وقد سمحنا لسكان من هذه المدن بالتصويت في أقرب مركز اقتراع). وفي الموصل أشار شهود عيان إلى تفاوت في نسبة المشاركين في أول انتخابات تعددية في البلاد في أحياء الموصل، معقل الرئيس الشيخ غازي عجيل الياور في شمال العراق. وأكّد شهود عيان الإقبال على التصويت في أحياء القادسية والزهور والقدس في شرق الموصل وحي الجزائر في وسطها في حين تبقى المشاركة متدنية في حي العربي شمال الموصل، حيث هناك عشرات من الناخبين فقط. ومن جهته بث تلفزيون نينوى الناطق باسم المحافظ دريد كشمولة أن (مناطق برطلة والحمدانية وكرم ليس، وهي قرى تقع على خط واحد شرق الموصل، لم تتسلم صناديق الاقتراع ولا القوائم الانتخابية حتى الآن). وكان محافظ الموصل قرر فرض حظر كلي للتجول خلال أربعة أيام حتى صباح الثلاثاء في المدينة تجنباً لحصول هجمات قبل الانتخابات. وقد تضاعفت الهجمات الدامية في المدينة مع اقتراب موعد الانتخابات ووزع العديد من بيانات الجماعات الإسلامية التي تهدد المواطنين بأسوأ العواقب إذا شاركوا في التصويت. وفي الفلوجة توجه عشرات الناخبين إلى أحد مراكز الاقتراع في الفلوجة أمس للإدلاء بأصواتهم في بعد مرور شهرين على العملية العسكرية التي تعرضت لها المدينة السنية. وقال ضابط في الحرس الوطني العراقي: إن العشرات يأتون منذ السابعة صباحاً إلى المركز للتصويت كما يشارك أيضاً أفراد الحرس الوطني. وأضاف أن الفلوجة باتت آمنة أكثر من أي مكان آخر في العراق اليوم وهي في غاية الهدوء. وينتشر الجيش الأمريكي في المدينة في حين يتولى الحرس الوطني حماية المراكز الانتخابية الخمسة فيها. ولوحظ عدم وجود نساء بين الناخبين. وقال الناخب كريم فرج (31 عاماً): (جئت لممارسة حقي الانتخابي وأمنح صوتي لقائمة الملكية الدستورية بزعامة الشريف علي بن الحسين لأنها المناسبة أكثر من غيرها). وكان نحو 10 آلاف جندي أمريكي وقرابة ألفي عنصر من القوات العراقية شنوا هجوماً على الفلوجة غرب بغداد في الثامن من تشرين الثاني - نوفمبر وطردوا المتمردين منها وسيطروا عليها. ومن ناحية أخرى ذكرت صحيفة (معاريف) وإذاعة الجيش الإسرائيلي أمس أن صحافيا يحمل الجنسية الإسرائيلية كان جده عراقياً تمكن من التصويت في عمان في إطار المشاركة في الانتخابات العراقية. ومن جانب آخر قال ممثل الأممالمتحدة لدى اللجنة العليا المستقلة للانتخابات أمس في بغداد: إن المشاركة في الانتخابات العراقية العامة تجاوزت التوقعات وأن الناخبين يتهافتون على الاقتراع. وقال الكولومبي كارلوس فالينزويلا للصحافيين: إن (المعلومات الأولية التي تلقيناها تشير إلى أن عمليات الاقتراع تتجاوز التوقعات في بعض مناطق) العراق. وأكّد أن (الناس وقفوا في طوابير حتى في مدينة الموصل) التي تشهد الكثير من الهجمات المسلحة منذ أشهر.