يجمع المراقبون على أن المشهد الاقتصادي في مصر مطلع يناير 2005 يختلف تماماً عنه قبل عام بالضبط في يناير 2004، فالعام الجديد أقبل على الشارع الاقتصادي المصري حاملاً معه أقوى المفاجآت أو ما سماه البعض بالزلزال الذي يتوقع أن تكون له توابع إيجابية كثيرة على الاقتصاد المصري، وذلك بعد أن فقد الدولار الأمريكي أكثر من جنيه خلال عام، حيث وصل سعره إلى 6.11 جنيه بعد أن كان سعره قد وصل لأعلى مستوياته على الإطلاق في يناير 2004 حيث تجاوز حاجز السبعة جنيهات ويواصل الدولار انخفاضه أمام الجنيه المصري، حيث فقد 10 قروش كاملة خلال أربعة أيام فقط ليصل إلى 611 قرشاً للبيع و616 قرشاً للشراء بعد أن كان قد استقر عند 621 قرشاً في الفترة الأخيرة من عام 2004، وأرجع خبراء سوق الصرف سبب التراجع الكبير للدولار أمام الجنيه المصري إلى عدة أسباب على رأسها انخفاضه دولياً والزيادة الكبيرة في المعروض من النقد الأجنبي بسبب نشاط السياحة وهدوء الطلب على الدولار من قبل المستوردين بالإضافة إلى بدء تطبيق آلية الإنتربنك الدولاري بين البنوك والتي يتوقع أن يؤدي استمرارها إلى تواصل انخفاض الدولار وزيادة حجم التعاملات وفق هذا النظام الذي يسمح للبنوك بالتعامل فيما بينها بيعاً وشراءً لتدوير فوائضها من الدولار وتلبية الحاجات من العملات الأجنبية وهو الأمر الذي أعطى الاطمئنان في السوق بإمكانية توفير ما يحتاجه البنك من العملات الأجنبية من خلال بنك آخر بالسعر المعلن، وتوقع الخبراء مزيداً من الاستقرار في السوق وانخفاض سعر الدولار إلا إذا شهد مطلع العام الجديد هجمة استيرادية مع بدء تطبيق اتفاقية الجات وهو ما سيزيد الطلب على العملات الأجنبية والدولار ويصعب من مهمة البنوك في تلبية احتياجات المستوردين منه. انخفاض سعر الدولار في مصر صاحبه ظواهر تشهدها السوق المصرية لأول مرة، ومنها قيام المصارف ببيع الدولار إلى شركات الصرافة مع هامش ربح،وفي تعاملات شركات الصرافة استمر التكالب من جانب حائزي الدولار على بيع ما لديهم بسبب الانخفاض المستمر لسعره وتخوفهم من استمرار هذا الهبوط، ورغم التراجع الكبير في سعر الدولار إلا أن تعاملات شركات الصرافة شهدت نشاطاً ملحوظاً حتى أن بعض هذه الشركات اضطرت إلى إغلاق بعض الفروع لعدم توافر السيولة من الجنيه المصري لشراء مزيد من النقد الأجنبي والدولار والذي شهد زيادة كبيرة في المعروض منه. من ناحية أخرى تصاعدت أزمة شركات الصرافة في مصر والتي أصبحت مهددة بالإغلاق في الخامس عشر من يناير وهو موعد انتهاء المهلة الممنوحة لها من قبل البنك المركزي لتوفيق أوضاعها طبقاً لقانون البنوك الجديد والذي يلزمها بزيادة رأس مالها إلى 10 ملايين جنيه للشركة، وتزايدت حدة الأزمة بعد رفض المركزي مد المهلة الممنوحة للشركات باعتبار أن هذه هي المهلة الثانية التي أعطاها البنك المركزي للشركات والتي وصلت إلى 6 أشهر إلا أن الشركات لم تنته حتى الآن من توفيق أوضاعها وهددت شركات الصرافة باللجوء للمحكمة الدستورية العليا لحسم مشاكلها مع الحكومة، مؤكدة على عدم جدوى رفع رأس مال الشركات إلى 10 ملايين جنيه ومطالبة بضرورة إعادة النظر في هذا الأمر في ظل المتغيرات الإيجابية التي تشهدها أسواق النقد الأجنبي حالياً. ويرى مراقبون أن هناك اتجاهاً حكومياً لتقليص دور شركات الصرافة بعد استقرار سعر الصرف وعود قيادة السوق المصرفي للبنوك.