(ماشطة بنت فرعون) امرأة مؤمنة صالحة، حفظ التاريخ فعلها العظيم، ولكنه لم يحفظ اسمها الصريح.. عاشت هي وزوجها في ظل مُلك فرعون. فمنّ الله عليهما بالإيمان. فعلم فرعون بإيمان الرجل فقتله. أما هي فكتمت إيمانها.. حتى كان لها ذلك الموقف العظيم الذي تنأى بحمله الجبال، ويعجز عن فعله الرجال، نعرضه في هذا المقام.. ولسان حالها يرسل إلى نساء هذا الزمان هذه القصة العظيمة وفيها صور شتى من البطولة والصبر والثبات على دين الله القويم. (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء): (فإن النبي صلى الله عليه وسلم في الليلة التي أُسري به فيها يقول: أتت علي رائحة طيبة. فقلت: يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة؟ قال: هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها. قلت: وما شأنها؟ قال: بينما هي تمشط ابنة فرعون ذات يوم إذ سقطت المدرى (المشط) من يديها. فقالت: بسم الله. فقالت لها ابنة فرعون: أبي. قالت: لا ولكن ربي ورب أبيك الله. قالت: أخبره. قالت: نعم. فأخبرت أباها فرعون. فدعا هذه الماشطة. فقال: يا فلانة وإن لك رباً غيري؟. قالت: نعم. ربي وربك الله. فأمر ببقرة من نحاس (قدر من نحاس مملوءة بالزيت) فأحميت ثم أمر بها أن تلقى هي وأولادها فيها. قالت: إن لي إليك حاجة. قال: ما حاجتك. قالت: أحب أن تجمع عظامي وعظام ولدي في ثوب واحد وتدفننا. قال: ذلك لك علينا من الحق. قال: فأمر بأولادها فألقوا بين يديها واحداً واحداً. إلى أن انتهى ذلك إلى صبي لها مرضع وكأنها تقاعست من أجله. فقال الصبي: يا أمة اقتحمي فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فاقتحمت). هذه سيرة تلك المرأة المؤمنة (ماشطة بنت فرعون) التي ثبتت على دينها أمام أطغى الطغاة وأفجر الفجار. فلله درها. ما أعظم ثباتها وأكثر ثوابها. فأين نساؤنا، بل أين نحن جميعاً عن سير مثل هؤلاء الصالحات الصابرات على دين الله العظيم؟. وخصوصاً في وقت الفتن والابتلاء. فلو كان النساء كمن ذكرن لفضلت النساء على الرجال فما التأنيث لاسم الشمس عيب وما التذكير فخر للهلال بل ألا يحق للإنسان العاقل إذا رأى مثل تلك المواقف العظيمة من أولئك النساء الخالدات في تاريخ الأمة أن يقف وقفة تأمل واعتبار إذا ألقى طرفه على حال بعض نساء اليوم.. فكم من المسلمات أنجرفت إحداهن مع الأمواج فبدأت تتساهل بالحجاب والعباءة واللباس. بل وقد تتساهل بالكلام والحديث عن طريق أجهزة الاتصال المختلفة كالجوال أو الأنترنت وغيرها حتى بدأنا نسمع عن تلك القصص المأساوية في بعض الأسر والمجتمعات ما يندى له الجبين. وهذا لا يعني أن تلك النظرة عامة على النساء، كلا وحاشا (فمن قال هلك الناس فهو أهلكهم) ولكنه واقع لا بد من عرضه وعلاجه.. ذلك الأمر الذي يجعلنا ننتبه جيداً لما يخطط للمرأة المسلمة من أعداء الفضيلة والحجاب.. سواء كان ذلك من دول الغرب أو من بعض أبناء جلدتنا.. وذلك واضح جلي.. فلقد أصبحت المرأة عندهم سلعة رخيصة في سوق الرذيلة تستهلك ما دامت نضرة، فإذا ذبلت قذفوها في الزبالات مع سقط المتاع. كما هو الحال في كثير من القنوات الفضائية أو في المجلات الهابطة أو على مواقع الإنترنت.. بل وصل ذلك إلى أجهزة الجوال والله المستعان.