شهدت الساحة المصرية خلال الأيام القليلة الماضية جدلاً واسعاً حول عقوبة الإعدام التي أثارت خلافاً كبيراً بين منظمات المجتمع المدني والحكومة حول إمكانية إلغاء العقوبة، كما شهد البرلمان المصري مناقشات ساخنة حول مشروع قانون بتطبيق عقوبة الإعدام على من يقوم بتعذيب المتهمين المحتجزين. الأزمة حول عقوبة الإعدام تفجرت بعد زيارة وفد الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان لمصر، حيث أثارت الجدل بشأن أهداف وفد الفيدرالية الخاصة بحملتها الدولية لإلغاء عقوبة الإعدام في كل دول العالم وفجرت مناقشات الوفد خلافاً حول ما إذا كان إلغاء عقوبة الإعدام ضد الشريعة الإسلامية وحكم القصاص في الإسلام. وفي لقائه مع وفد الفيدرالية أكد الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر بشكل قاطع عدم الاستجابة لطلب إلغاء عقوبة الإعدام، مشيراً إلى أن الإعدام يعني القصاص في الشريعة الإسلامية ولا يمكن لأي مسلم أن ينكره وقال: إن الله شرع القصاص للحفاظ على حياة البشر وإلغاء العقوبة سيكون نصرة للقاتل على المقتول. وأكّد طنطاوي أنه لا ينبغي لأي دولة ألغت عقوبة الإعدام أن تجبر غيرها من الدول على اتباعها.. ورفض الاستجابة لطلب إلغاء عقوبة الإعدام لم يكن موقف شيخ الأزهر وحده ولكن الرفض جاء أيضاً من جانب المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي أكد أن إلغاء عقوبة الإعدام أمر ليس مطروحاً للنقاش. وأشار الدكتور أحمد كمال أبو المجد نائب رئيس المجلس إلى أنها ليست المرة الأولى التي تحاول فيها منظمات حقوق الإنسان الدولية الضغط على الهيئات المصرية لإلغاء عقوبات الإعدام، أما المنظمة المصرية لحقوق الإنسان فبالرغم من إقرارها العقوبة التي يقرها الشرع ورفضها لإلغائها إلا أنها أكدت على لسان أمينها العام حافظ أبو سعدة أن عقوبة الإعدام ستظل أحد الأسباب التي بسببها توضع مصر على قائمة الدول المنتهكة لحقوق الإنسان. المفاجأة في هذا الموضوع كانت من جانب منتصر الزيات محامي الجماعات الإسلامية والذي أكد أنه سينضم لحملة الفيدرالية لإلغاء عقوبة الإعدام، مشيراً إلى أن الأمر غير مرتبط بالشريعة الإسلامية وأن تطبيق القصاص لا بد أن يأتي ضمن نظام متكامل ومساواة بين جميع الناس وهو ما لا يتوفر في مجتمعاتنا حالياً واتفق معه في ذلك محمد زارع مدير مركز حقوق الإنسان لمساعدة السجناء الذي أكد أن إلغاء عقوبة الإعدام لا يمكن أن يتعارض مع الشريعة الإسلامية والتي تقر حكم الدية إذا غفرت أسرة المجني عليه عن الجاني. ومن ناحية أخرى شهدت لجنة الاقتراحات بالبرلمان المصري مناقشات حادة وساخنة حول مشروع قانون بتطبيق عقوبة الإعدام على من يقوم بتعذيب المتهمين والمحتجزين وقررت اللجنة الاحتكام إلى فضيلة مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة لتحديد شرعية نصر جديد مستحدث قدمه أعضاء في البرلمان كتعديل لقانون العقوبات يقضي بتطبيق عقوبة الإعدام على كل موظف عمومي أمر بتعذيب متهم أو محتجز أو فعل ذلك بنفسه لحمله على الاعتراف في حالة وفاة المجني عليه في حين اقتصرت العقوبة في حالة التعذيب دون حدوث الوفاة على السجن المشدد أو السجن لمدة تتراوح ما بين ثلاث وعشر سنوات وتأتي هذه التعديلات المقترحة في إطار حملة يشنّها نواب البرلمان من أحزاب المعارضة ومنظمات مدنية لوضع حد لعمليات التعذيب التي تمارس ضد مواطنين في أقسام الشرطة لحملهم على الاعتراف والتي أدت إلى حدوث حالات وفاة.