انتشرت في الآونة الأخيرة وبشكل ملحوظ المنتديات الاقتصادية التي تقوم بمتابعة سوق الأسهم السعودي بشكل يومي وقد تجولنا كثيراً فيها ولاحظنا أن روادها يزيدون يوماً بعد يوم وكان لا بد من واجبنا في مجلتكم (العالم الرقمي) متابعة ما تقوم به هذه المنتديات من خلال محاورة المشرفين عليها وأشهر الكتاب لنقف أمام مدى تأثيرها على سوق الأسهم، فكان لنا هذا التحقيق.. ماذا تعرف عن المنتديات الاقتصادية؟ بداية تحدث بندر بن حمد الماضي المشرف على منتديات المساهم قائلاً: إنه ومن خلال اطلاعي على كثير مما يدور في المنتديات الاقتصادية بحكم إشرافي على بعضها في فترة أجد بأن المنتديات - من حيث الأعضاء - مرت بثلاث مراحل مهمة: الأولى: كانت في ظل (سماع) الكثيرين عن سوق الأسهم ومحاولتهم التعرف عن قرب بما يدور في السوق وتعلّم بعض المعلومات عن الشركات المساهمة ولو على شكل جرعات لفائدة محدودة بحكم عدم تسليط الضوء الإعلامي على السوق حينئذ، إضافة لقلة جاذبية السوق آنذاك ومحدودية قيمته وحجمه التداوليين. المرحلة الثانية: شهدت إقبالاً أكبر وبمستوى أكثر وعياً من قبل متداولي الأسهم وممن ينشدون في المنتديات ما افتقدوه في الوسائل الرسمية (وزارة التجارة ومؤسسة النقد) والإعلامية (الصحف) عن وضعية الشركات. المرحلة الثالثة: (الحالية): وهذه المرحلة تمثل (جيل طفرة سوق الأسهم) للعشر سنوات الماضية، والتي شهدت إقبالاً كبيراً من المواطنين لأمر يسمعون عنه وعن قفزاته السعرية والمتصاعدة دوماً كما يتصورون! وتزايد عدد المحافظ في كثير من بنوكنا شاهد على ذلك، فهذه الطفرة أوجدت كماً عشوائياً من المتداولين والذين وجدوا في المنتديات الاقتصادية الملاذ المعلوماتي لتنشيط محافظهم، فأخذوا بالمتابعة الدقيقة لكل ما يكتبه (كتّاب المنتديات)، بل إنهم صنفوهم ما بين (مطبل لأسهمه - بائع - ) و(متهيب - مشترٍ - ). فأخذوا بالمتابعة الدقيقة وعلى مدار الأربع وعشرين ساعة لكل موضوع يدرج وعلى مستوى متساوٍ في جميع المنتديات تقريباً. ماذا يريدون؟ انعدام الشفافية - تقريباً - أوجد في المنتديات والصالات المناخ الخصب للإشاعات والتي قد تكتب ولا سيما من قبل (الموثوقين من كتّاب المنتديات)، والذين يمكن تصنيفهم (من حيث التخصص) على النحو التالي: - كتاب يُعنون بالتحليل الأساسي للسوق ولشركات السوق. - كتاب يُعنون بالتحليل الفني للسوق ولشركات السوق. - كتاب يُعنون بالتحليل النفسي لمتداولي السوق. - كتاب يُعنون بالأخبار (من مصادر خاصة). وكتاب التحليل بنوعيه تجدهم في المنتديات بكثرة وبتميز قد لا نراه حتى في صحفنا المتخصصة أو أقسامها الاقتصادية، بل إن بعضاً من كتاب الصحف لم يذع صيتهم سوى عن طريق كتابتهم في المنتديات الاقتصادية، وكثير منهم مؤهل بما يملكه من علم للكتابة في الصحافة وبتفوق. أما الصنف الأخير من الكتاب هو الأكثر جاذبية لدى المتلقين ومتابعي المنتديات الذين يطمحون للالتصاق بما يكتبه هؤلاء من أخبار عن شركات السوق مستبقين الصحف والإعلانات الرسمية لتعبئة جيوبهم من أسهمها طمعاً في الربح الوفير. سوق الأسهم والنقلة الإلكترونية: وتحدث مشاري بن حمد الماضي مشرف بمنتديات المساهم الاقتصادية قائلاً: مما لا شك فيه أن انتقال التداول في سوق الأسهم السعودية من مرحلة التداول التقليدية (عبر صالات البنوك) إلى إتاحة التداول عبر الإنترنت من خلال أكثر من بنك تؤمن هذه الخدمة وتجعل من التداول أمراً متاحاً لأكبر وأوسع شريحة من المتداولين (من الجنسين). واكب ذلك نشأة العديد من المنتديات الاقتصادية التي تؤمن للمتداولين مواقع تبادل الأفكار والخبرات على الشبكة العنكبوتية. المنتديات الاقتصادية على الشبكة العنكبوتية والمرجعية: كما أسفلنا فإن من تبعات إتاحة التداول الإنترنت (عبر الشبكة) كان نشأة هذه المنتديات الاقتصادية التي توفر للمتداولين المعلومات وتكون موقعاً لتبادل الخبرات بين أعضاء تلك المنتديات ومتابعة آخر أخبار الشركات للوقوف على مستجدات هذا السوق الناشئ فضائياً. وتعد المنتديات الاقتصادية الملاذ الأول لهؤلاء المتداولين ليثروا معلوماتهم ويزيدوا من خبراتهم. مصداقية المنتديات وتأثيرها على المتداولين: المنتديات الاقتصادية شأنها شأن أي وسيلة اتصال أخرى تجد بها المفيد وغير المفيد وبلا شك فإن وجود إدارة واعية لتلك المواقع من شأنه حماية المتداولين وأصحاب الخبرات الضعيفة وسريعي التأثر من بعض المغررين أو أصحاب الأنباء المغلوطة. ولا يعني ذلك أن المنتديات تختصر على الجوانب الإخبارية فقط، حيث المنتديات تستضيف الكثير من الأكاديميين والمثقفين وأصحاب الخلفية الاقتصادية الجيدة لإبداء آرائهم والتفاعل مع الأعضاء بما يفيدهم في هذا المجال. ومن ضمن أهم أدوار المنتديات الاقتصادية التدريب والتأهيل من خلال إقامة دورات متخصصة في التحليل الفني وأفضل الطرق للتعامل مع السوق بمتغيراته وبأسعار ومزية وتحت إشراف متخصصين وأكاديميين في عالم الأسواق المالية والتحليل الفني والأساسي. المنتديات الموجهة وخطرها: بلا شك أن المنتديات إذا كانت موجهة لتحقق أهداف شخصية فقد تكون خطراً على المتداولين ومن هنا يجب على من يرتاد هذه المنتديات الحذر والحيطة وأن يكون المنتدى استشارياً لا أساسياً في تنفيذ قراراته، كما أنه يجب أن يعي المشرفون والقائمون على هذه المنتديات عظمة الأمانة وأنهم مساءلون أمام الخالق عن كل كلمة أو موضوع قد يسيء إلى أحد أو يلحق به الضرر. أحد مرتادي هذه المنتديات قال: إن بزوغ شمس طفرة الأسهم في العامين الماضيين تزامن معه ظهور المنتديات الاقتصادية التي أضحت تقدم المعلومات المفيدة والتحليل اليومي لرتم السوق، ويرى أن المنتديات أصبح لها ثأثير قوي على المتداولين، بل إن جلّ صناع السوق باتوا من مرتادي المنتديات بشكل يومي قبل بداية التداول لمعرفة توجه المتداولين وقراءة نفسياتهم ومن ثم التخطيط لما سوف يقومون بعمله فإذا تشاءم الناس اشتروا وإذا تفاءل الناس باعوا جزءاً من كمياتهم ولما للمنتديات من تأثير إيجابي فإن ما يؤسف له استغلال المنتديات من بعض الكتاب في الترويج وبث الأخبار المغلوطة لأسهم تحتويها محافظهم بهدف الرفع من سعرها ومن ثم بيعها بأعلى الأسعار. لذا فإنني أنصح المتابع للمنتديات التحري والبحث عن المعرفات المشهود لها بالأمانة والصدق وعدم الانجراف وراء بعض التوصيات لكي لا يحدث ما لا يحمد عقباه. وكاتب منتدى آخر يرى أن الأمر يأخذ منحيين مختلفين الأول: التأثير الإيجابي ويتلخص ذلك في نقاط عديدة من أهمها محاولة زيادة الوعي والتثقيف لدى المتعاملين في سوق الأسهم ولا يتأتى ذلك إلا بالطرح الجيد وتوفير المعلومة الواضحة والسهلة التي يستوعبها المتخصص في هذا المجال وغيره وقد وفرت المنتديات هذه المعلومات بشكل سلس ومرن، بالإضافة إلى تقديم البيانات والمعلومات المساندة لهذا الأمر مثل التحليل الفني والأساسي وبيان أرباح الشركات المتداولة في السوق والنظرة المستقبلية لها من خلال محللين فنيين لم يصلوا لدرجة الاحتراف بعد ولكنهم وصول لمرحلة أصبحت الثقة فيما يقولون على درجة كبيرة. أما التأثير السلبي فلا يعتقد أن للمنتديات هدفاً موجهاً للتأثير السلبي على سوق الأسهم إلا من بعض الكتاب الذين يستغلون هذا الأمر بشكل خاطئ ويوجهون أقلامهم لخدمة مصالحهم الشخصية دون النظر لتأثير هذه التصرفات على الغير ودون اعتبار لما قد يسببونه لغيرهم من خسارة سيحملون وزرها دون شك ولكنهم فئة قليلة وسرعان ما تظهر أهدافهم للجميع. ويقول كاتب آخر ممن يتمتعون لدى المرتادين بالمصداقية: إن للمنتديات تأثيراً في جميع المجالات وليس على المستوى الاقتصادي فحسب والمتتبع لزيادة عدد المنتديات المتخصصة في متابعة سوق الأسهم السعودي يلاحظ أن هناك عينة كبيرة من المتداولين يتخذون قرارات البيع والشراء استناداً لبعض التوصيات التي يجب التعامل معها بحذر، وكما هو معروف فالمنتديات الاقتصادية المهتمة بالأسهم تتيح للمشاركين فرصة النقاش والحوار البناء وفرصة للتثقيف ونقل الخبرة المفيدة وتبادلها بين المهتمين بسوق الأسهم بالإضافة إلى متابعة التحليل الفني والفتاوى الشرعية. أما عبد الله محمد القاسم من منتديات المساهم تحدث قائلاً: إن الأفكار والرؤى المطروحة عبر المنتديات تعتمد على عوامل عدة منها أخلاقيات الكاتب صاحب الموضوع، المشاركون والمعلقون على الموضوع، والمشرفون أو الإدارة التي سمحت بعرض هذا الموضوع، وصاحب الموضوع يختلف من شخص إلى آخر حسب المعرفة ودرجة الثقافة والوعي والعلم والخبرة الشخصية، لذلك دور المشرفين والإدارة مهم في مراقبة كل المواضيع المطروحة ومعرفة درجة تأثيرها وشد الانتباه إليها والفائدة المرجوة منها. أما أحمد السالم (مشرف منتدى) فقال: إن المتابع لما يدور في المنتديات الاقتصادية يدرك مدى أهمية الاطلاع عليها يومياً لا بل تعد وجبة يومية وضرورية قبل افتتاح السوق صباحاً ومساء وبرغم السلبيات والإشكاليات التي تصاحب هذه المنتديات من خلال التخفي خلف معرفات وهمية ومجهولة الاسم والمصدر إلا أن إيجابياتها قد تتخطى سلبياتها وفوائدها تفوق أضرارها إذا ما علمنا أن هناك محللين متمرسين في هذا المجال وهناك الجالبين للخبر. ونختتم هذا التحقيق برسالتين وجّههما بندر بن حمد الماضي المشرف على منتدى المساهم إحداهما للكتاب والأخرى للقراء. رسالة لجميع كتاب المنتديات: الكلمة (بكل أنواعها) رسالة، والرسالة نبعها المصداقية في القول والفعل.. وتوخي الصدق مطلب نتمنى رؤياه وإن افتقدناه، فلا تسهموا في الإطاحة بمن وثق بكم وسلمكم (وأنتم تعلمون أو لا تعلمون) ماله وعصارة سنينه المادية، فقل ما يمليه عليه ضميرك ناصحاً، ومشيراً بصدق من خلال طرحك الذي ينتظره الكثيرون. ولا ننسى أبداً الرسالة المناطة بها تلك المنتديات ودورها التوعوي الديني والإنساني في التذكير دوماً بإرادة الله وأن ما يدار بها وتدور في أفقه إنما هو (سبب) لا (غاية)، فهي المرشد وهي المنصح وواجبات الغير عليها كثيرة في توخي كل ما من شأنه التقويم الشرعي والأخلاقي قبل كونها تعنى بالاقتصاد.
