لن أنسى تلك الابتسامة، لن أنسى ذلك الوجه المشرق، لن أنسى السادس من رمضان ليلاً!.. كان الخبر كالصاعقة او ضربة شمس حارقة.. خبر وفاة عمي الغالي: عبد اللطيف .. في تلك اللحظة تفجرت مشاعري ببكاء قد أحرق عيني يزيد ذلك البكاء كلما أتيقن انني لن أراه.. نعم لن أراه مرة أخرى في هذه الدنيا لقد خرق قلبي سهم حاملاً خبر وفاته. سيظل جرح هذا السهم في قلبي حياً مدى الحياة.. قلبي الذي أتعبه الحزن وأعياه الألم.. وكبر فيه الأمل في انتظار شفائه. فقد أصبح حلمي بشفائه سراباً وتلاشى.. أمنية لم تتحقق. مات عمي عبد اللطيف: كلمة لم استطع اجبار قلبي على قبولها. فكم انتظر هذا القلب قدومه معافى.. وكم فرح لرؤيته.. وكم ابتهج لسماع صوته.. لم اتخيل أنه سيأتي يوم اضيف إلى لقبه (رحمه الله).. لم أتصور هذه الدنيا بدونه.. لم أفقد أمل شفائه ولو لحظة.. ولكن .. هذا ما أراده الله وهذا قدره المحتوم. فقد فتّت السرطان رئتيه كما يفتّت الحزن الآن قلوبنا عليه.. أتجرع غصته كلما استرجعت ذكراه.. يتحجر دمعي كلما تخيلت صورته التي أصبحت في ذاكرتي صورة بلا ألوان.. جرح يئن بداخلي كلما ذكر اسمه.. ولكن يهدأ جرحي كلما رسمت بين سطور مشاعري أنه محافظ على دينه وصلاته وأخلاقه وأنه نطق بالشهادتين قبل موته وان الله ابتلاه لحبه له إن شاء الله. في هذا الشيء بالذات يستوي كل شيء فدمعي يجف وصحرائي تمتلىء زهراً وورداً الا قلبي فلن استطيع أن أحكمه لأنه قد تعلق به.. أذناي تعيد صوته، عيناي ترى ابتسامته وترى نور وجهه وضياء جبينه. وأختم كتابي بالدعاء له: فيا حي يا قيوم يا عزيز يا قدير يا من بيده ملكوت السموات والأرض يا من أمره بين الكاف والنون يا من يقول لكل شيء كن فيكون أطلبك يا لطيف ان ترحم عمي عبد اللطيف وتوسع قبره وتنزله الفردوس جنتك ووالديّ والمسلمين أجمعين.. وهاهو صوت المؤذن معلناً ولادة فجر جديد.. ذلك اليوم الذي لم يكتب في عمرك عمّاه.. غفر لك ورحمك الله.