لقد قطعت المملكة شوطاً كبيراً في مجال الدراسات والبحوث العلمية وإقامة المؤسسات والمراكز العلمية، ولم يعد في إمكاننا الآن الاستناد إلى التهويمات والخيالات والاستغراق الطويل في مكنون التأملات الوجدانية، والقناعة بما وصلنا إليه في المجال العلمي من منطلق ليس في الإمكان أبدع مما كان، فهذا يشبه نداء أصحاب التربية الرياضية (محلك سر) فلم يعد هذا - بالطبع - ممكنا في ظل الركوض العلمي والتغيرات السريعة التي تحوط بنا في الداخل والخارج، تقدم علمي هائل وسريع، وغزو من قبل كم من الاختراعات العلمية الحديثة لحياتنا اليومية، وتحطيم لروتين الحياة المعاش.. حتى فيما نتناوله من مأكل ومشرب وما نرتديه من ملبس حتى الأثاث ومكونات المنزل إلى أن صار كلمة مستوردة لدينا عبارة عن أنشودة يتغنى بها المواطن السعودي كبيراً وصغيراً، فها هي أنواع من الشيكولاته مستوردة (صنع في....) حتى الكرة واللعبة الميكانيكية مستوردة - الغترة والعقال مستورة، التلفاز والسيارة مستوردة، حتى أطقم زينة المرأة مستوردة، حتى معاونة المنزل ومُربية الطفل مستوردة، وانظر حولك عزيزي القارئ الله كان في عوننا جميعا فيما سيئول إليه الحال من طرح الأسواق في إثر تطبيق اتفاقات التجارة العالمية، ومنتجات الشركات العابرة للقارات، ولنتساءل معك: إذا كان ذلك كذلك فماذا بعد؟ الإجابة: عزيزي القارئ إنه بات محتوما علينا الدخول الواعي الابتكاري المدرك لعالم الصناعة والتكنولوجيا المتطورة للاكتفاء الذاتي، وإعداد العدة لدخول منتجاتنا المختلفة إلى الأسواق الخارجية ومنافسة الأسواق المتطورة مثلما هو قائم وحادث في صناعة البتروكيماويات وحديد التسليح والأدوية والأسمنت، وأن نهتم بمبادرات الإصلاح والتطوير التعليمي والتأهيلي بمؤسساتنا التعليمية ومراكزنا المهنية باعتبار هذا التطوير أداة اكتشاف المواهب وصقلها، وهو استجابة طبيعية لتداعيات التطور الشامل الذي لحق كافة مؤسسات ومنظمات المجتمع الحكومية والأهلية تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين مما يضعنا أمام حالة تغيير مفترضة تكشف عن عزم أكيد للنهوض بمجتمعنا بوضع برنامج عملي بسيط يتناول قضايا التربية التي يتوجب أن تتجه إليها كل الجهود حتى يكون هناك تراكم في المخرجات وأن تتوافق البرامج بحيث يكون مردودها قوياً ومؤثراً. ومن هذه البرامج - في ضوء مفهوم التمكين - برامج إذكاء العقول الوطنية والدفع بها ما أمكن نحو اتباع الأسلوب العلمي باعتباره جزءاً من عالمنا المعاصر وذلك في كافة مناحي الحياة الطامحة في صعود سلم الإصلاح والتحديث والتطوير. وعلينا بإذكاء العقول الوطنية كي تتبع المنهج العلمي في التفكير باعتباره هو محور الارتكاز في عالمنا المعاصر، ومستدخل في كافة مناحي الحياة الطامحة للإصلاح والتحديث. ومن مرتكزات تنمية التفكير العلمي لدى الطالب السعودي تأكيداً ودعماً للموهوبين نذكر ما يلي: 1- إدراك الميول الكامنة لدى الطالب واستعداداته المعرفية والعلمية وملكاته المهارية، والعمل على تنميتها تنمية متوافقة، وصقل وتمكين قدراته لفهم ما يحيط به من وقائع وأحداث وأشياء. 2- حفز وكفاية دعم المؤسسات التربوية (البيت - المدرسة - المؤسسة الدينية - النادي الرياضي - وسائل الإعلام.. إلخ) لتقديم الحديث من المعطيات المعرفية والقيمية والخدمية بأسلوب علمي وتحليل منطقي ورؤية نقدية يمكن من خلالها معرفة الصالح والطالح، وما هو أكثر صلاحية فيجب اتباعه والسير بمقتضاه في العمل التربوي. 3- تزايد الاهتمام بما تصدره المؤسسات المهتمة بالثقافة العلمية وتشجيع الاختراعات والابتكارات ذات النفع والفائدة لحياتنا الآنية والمستقبلة، والعمل على متابعة ما هو مستحدث في تكنولوجيا المعلومات وثورة الاتصالات بعيداً عن الأسلوب الدعائي ودعم مفاهيم واتجاهات التمكين الثقافي. 4- تنمية روح الحوار الهادف البناء بين العلماء والمفكرين وأبناء الوطن المهتمين بالحوار، مع احترام وتقدير خاص للعلماء في مجالات وميادين التعليم المختلفة. 5- نشر المراكز العلمية على غرار صالة الاختراعات العلمية بمركز جدة للعلوم والتكنولوجيا، وإنشاء المتاحف العلمية ودعم وتنمية المختبرات العلمية ووحدات القياس والتقدير الكمي الإحصائي. 6- تشجيع الطلاب على ارتياد معامل اللغات والمكتبات والتعامل مع المراجع واستنباط ما يفيد وما يمكن تطويره أو السير على غراره. 7- دفع الطلاب للاهتمام بالمراكز والوحدات العلمية التي تجمع العلماء والباحثين باعتبارهم عقل الأمة المفكر والمبتكر. 8- تناول الطلاب الموهوبين بالاهتمام في مراحل التعليم المختلفة فهم الركيزة الأساسية المستقبل أمتنا، مما يتوجب معه وضع نظم تعليمية مستحدثة، وتطوير نظم التعليم الوطنية، والوفاء بمتطلباتها المادية والبشرية وتزويدها بما يلزمها من أجهزة علمية وتكنولوجيا التعليم. إن السعي لتنمية المواهب سعي من أجل التقدم والرقي ودعم قيم الحضارة والثقافة الإسلامية.