في يوم الأربعاء 20 رمضان 1425ه فقدنا رجلاً فاضلاً هو الشيخ عبد الرحمن المنصور الزامل حيث صلينا عليه عصراً في مسجد الراجحي الجديد في حي الربوة بمدينة الرياض. تزاحمت الكلمات في ذهني كالمعتاد وضاع معظمها ولم يتمكن قلمي من المتابعة والرصد عندما يكون الحديث عن رجل فاضل مثل أبي منصور، فصفاته يعرفها الصغير قبل الكبير وخاصة في مسقط رأسه (عنيزة) وفي غيرها من مدن المملكة العربية السعودية، وفي دولة الكويت الشقيقة وذلك لما له من أيادٍ بيضاء وسخاء وأريحية تمثلت في أعماله الخيرية ودعمه المادي والمعنوي لتطوير مدينته التي أحبها وأحبته. فالكل يعرفه ويقدر مساهماته المتواصلة في شتى المجالات وقلبه - رحمه الله - مملوء بالحب والتضحية والإخلاص، وينفق في أعمال الخير بما لا تدري شماله عما تنفق يمينه.. وفياً لأهله وأقاربه ومعارفه وجيرانه.. وقد قوبل وفاؤه وإخلاصه بوفاء أبناء محافظة عنيزة عندما كرموه في مركز ابن صالح الثقافي التابع للجمعية الخيرية الصالحية مساء يوم السبت 1 شعبان 1421ه بحضور صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز أمير منطقة القصيم. ولد أبو منصور في مدينة عنيزة في شهر محرم سنة 1333ه، وعاش فيها ردحاً من الزمن ثم سافر إلى المنطقة الشرقية ثم البحرين للعمل هناك وأسس مع رفيق دربه وشريكه المرحوم صالح العبد الرحمن العبدلي (شركة المنصور والعبدلي) في الكويتوالبحرينوالرياض والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. وقد سكنا مع أسرتيهما في الكويت، ولكنه لم ينقطع رحمه الله عن زياراته لمسقط رأسه (عنيزة) حيث كان يقضي فصل الصيف مع أسرته في منزله بمزارع الغزيلية النموذجية التي أسسها سنة 1382ه والتي بارك الله له فيها مع شريكه المرحوم صالح العبدلي، حيث أصبحت هذه المزارع تغطي المنطقة بالحبوب والتمور والفواكه والخضروات. بدأ تعليمه على الشيخ عبد الرحمن السليمان الدامغ ثم التحق بالكتاتيب حيث درس في مدرسة المغفور لهما صالح وعبد الرحمن القرزعي، كما حضر حلقات العلوم الشرعية واللغوية للشيخ عبد لرحمن الناصر السعدي في المسجد الجامع الكبير بعنيزة بالإضافة إلى دراسته في مدرسة أستاذ الجيل صالح الناصر بن صالح الأهلية والتي افتتحت سنة 1346ه وتعتبر من أوائل المدارس النظامية في منطقة نجد وما جاورها والتي تحولت بأمر من الملك عبد العزيز عندما زار عنيزة سنة 1354ه إلى مدرسة حكومية سميت باسم المدرسة العزيزية. كان الشيخ عبد الرحمن المنصور الزامل مثالاً في الكرم وعمل الخير بداية عندما كان في الكويت مع شريكه العبدلي، وما قدماه في مجالات البر والإحسان والتكافل الاجتماعي، خاصة في زمن كانت فيه دولة الكويت مقصد من يطلب العمل والتجارة والعلاج حيث فتح بيتاً لإيواء وإكرام القادمين من المملكة للسكن والإقامة ممن يحتاج إلى ذلك وعلى حسابهما الخاص، كما كان - رحمه الله - غاية في التواضع والإيثار وصلة الرحم بزياراته المتكررة للأقارب والمعارف والأصدقاء في كل المناسبات دون ملل أو كلل، وهذا ما جعل فقده خسارة فادحة أعقبها حزن عميق طال كل من يعرف أخلاقه وصفاته. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم كل محبيه وعارفيه الصبر والسلوان.. ولكن ما نقول وإياهم جميعاً إلا كما يقول الصابرون: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.