ذهبت يا شهر الخير فهل تعود إلينا أم تغيبنا شمس المنايا ؟ ، هل تعود أيامك الجميلة المفعمة بأريج السكينة ولياليك المشبعة بأجواء الروحانية أم تختطفنا يد المنون ؟ ، إنها فرص لا تتكرر ، ومحطات لا تتوفر ، كنت لنا أيها الشهر معيناً نتقوى فيه على شهوات أنفسنا ، صرت لنا درعاً واقياً نحتمي فيه من نزوات أهوائنا ، أصبحت فيه لنا كالنور الذي يضيء به دربنا ، ما أجمل تلك الليالي التي قضيناها فيك ، تتجلى نفحات الإيمان في صدورنا ، وتبزغ في صدورنا نسمات الطاعة والخشوع ، لحظاتك سعادة ، وساعاتك إنابة ، ودقائقك فرص نخشى ذهابها ، ولياليك أوقات تلبية واستجابة ، يا شهر الخير .. أيها التاجر الأمين ، لقد وضعت بضاعتك الثمينة لتطلب فيها ثمناً زهيداً ، فلم نعرها أي اهتمام ، لقد بسطت يدك لتدلنا عليها فأعرضنا عنها ظانين بغيرها التمام ، والآن وقد فارقتنا ، هانحن نعض أصابع الندم على فراقك لنا ، ونتحسر على فوات بضاعتك الرابحة بوداعك لنا ، تسابقت الدموع على رحيلك ، واغرورقت المُقل من فراقك ، لقد تركت فينا الحب والعطاء ، ووضعت على صدورنا بصمة الراحة والنقاء ، أيها التاجر الأمين .. لهفة الحنين إليك باقية ، وشوق القلب بك مع السنين متلاق .. وداعاً أيها التاجر الأمين.