* خرج أبو سليمان ابن حمدون القاسمي من بستانه القديم وقد التهم الجراد مجمل حصاده وجلَّ خضاره.. وهو يقول في نفسه: أي مال سيعيد بستاني إلى ماضيه العامر..؟ * فقد قارب الهشيم أن يصل إلى أساس منزله الذي أبقاه لزمنا (مطلا) على أطلال (أنشودته الخضراء) التي ظن بها المضي إلى قلب الملك الأموي.. كافور الإخشيدي..!! * وغفل أو تغافل عن حديث الدنانير فحاصرته تلك البساتين الفارهة لتجعل من الاخشيدي زائراً (دائماً) لجيرانه يمتع النظر، ويأكل العسل.. ويقضي الحاجة.. كل الحاجة.. وما أدراك ما الحاجة..؟!! * لكن موسم الجراد قد أحصى الأمكنة، وغطى الأسقفة.. وبدأت تطفح تضجرات الملك الأسود على الملأ !! * حتى جاءت الفكرة إلى البخيل القاسمي.. إنها الفكرة الذهب.. الذهب الذي جعله يذهب مهرولاً (أياماً) وأسابيع يجلب الشوك ويحتضن الصبار ويقدم البرشوم !! * أمر غريب كغربة مزاج ملك ليالي مصر العامرة..! * فإذا بالجراد يقلع عنه.. ويتزين بستانه بعيداً عن نهش الجراد الهائج.. * لتحين الفرصة الغالية.. تلك التي ستجلب قلب الملك وتعود بالدنانير الضائعة فيلج البستان ويعمر جيب رب البستان!! * ذهب القاسمي إلى الملك (كافور) يدعوه حتى دخل إليه وقال له والابتسامة ترتسم على جبينه: (مولاي ملك مصر أطال بقاءه.. وزاد عطاءه.. عطاء) تقبل به يا مولاي وليمتنا المتواضعة.. وتشرف أمكنتنا المهترئة .. وتؤنس فرحة حظوتنا.. انها يا سيدي الغالب على أمرنا دعوة لزيارة أقاصي الأرض السمراء.. هنا في أرضك العامرة.. دون سواتر أو بواتر أو جراد يهلك الزرع والأرض.. وعلى ألا تأخذ تلك الزيارة بضع ساعات قليلة يمتزج بها الملك الأعظم بالعامة الأهون فهلاَّ قدمت يا سيدي لتؤنس المكان.. وتشرف الزمان..؟ * نظر إليه الملك الإخشيدي وأجاب: وماذا عن الجراد؟ * فقال القاسمي: أنا أكفيك شره يا مولاي!! * ابتسم الأخشيدي وقال: هي لك يا هذا.. * فراح أبو سليمان يستعد لزيارة الملك الأسود.. ساعات وأيام فأوصل الليل بالنهار.. حتى أنه بات يضرب الكف على الكف لزيارة تجلب عليه ما لا يحتمل وتجر له ما لا ينتظر !! * حتى جاءت اللحظة البكر.. إنها زيارة ملك من ملوك مصر لرجل من عامة الناس وأبخلهم..! * دخل الملك الإخشيدي، ثم دار واستدار.. وجلس على مضض فإذا بوزيره يهمس في أذنه بأن القاسمي قد احضر الملك ليهزأ به ويخبر الملأ ان الملك حضر دعوته المقفرة على الشوك والصبار فيهزأ من سمرته المشابهة لتلك القاطنة في أدنى القارة السمراء!! * فغضب الملك غضباً (شديداً) وكتم غيظه.. وغطى ميظه حتى جاء وقت الوليمة تلك التي جعلها القاسمي على غطاء السماء الحالم ليوري الملك سوأة غيره.. وفرقة صنعه وراح يهلي بالملك حتى إذا دخل الملك على مائدة الطعام وجد الجراد قد حل على الطعام وهوى..!! * فإذا بالملك وقد طفح غضبه يصيح صيحة غاضبة ويقول: اتهزأ بي يا هذا انك والله لغادر أثيم!! * فأمر بسجنه فلا هو الذي عتق بماله ولا هو الذي كسب ود الملك الأسود!! أورد ذلك.. كل ذلك وعفا الله عما سلف حتى يكف.. ويكف اولئك عن تزييف الحقائق.. كل الحقائق بإذاعات وقنوات يجرها من لا يفقه بفقهه .. ويتقول بكذبه.. وليعلموا أن مصيرهم مهما طال واستفحل سيكون على شاكلة القاسمي لا محالة لينالوا غضب ربهم، وكره أمتهم فيلقوا بأنفسهم إلى التهلكة.. (2) * نحن لا نطالب ممن لا يتفقون معنا في الرأي أن يساعدونا في جمع رفات أولئك الأبرياء الذين ذهبوا غدراً (وهوانا) وحيلة (لأننا لا نريد ان نحمل أحداً) فوق طاقته !! * نحن لا نريدهم ان يساعدونا في القبض على الجناة لأن طرقهم جميعها تصب في طريق واحد نعرفه.. ونعيه.. وندركه تماماً !! * نحن لا نرغب في مساعدتهم بحفر القبور لدفن الشهداء .. لأن صناعة حفر القبور أنبل وأشرف وأكرم وأعز من كل الأكاذيب والافتراءات التي يصوغها اتباع المرقة والخوارج والبغاة..!! * نحن نعلم أن نفوسهم المتأججة تأبى حمل النعش وأنوفهم الحساسة تكره الرائحة المتصاعدة من بين الأجداث!! * نحن لا نطالب ولا نريد ولا نرغب منهم شيئاً.. لأن العقلاء الأحياء أقوياء كانوا أم ضعفاء سيسكنون أرواحهم وأطعمة قلوبهم وأسقية دمائهم.. لينصروا الحق ويزهقوا الباطل في أرغمته!! (3) * يسألني أصحابي بين الملأ (هل يوجد في قلة الوعي بذرة صالحة للنمو وحرية نافعة للاستثمار.. وماهي الوسائط لإنمائها؟ * قلت لهم: نعم ، وألف نعم ونعم.. ففي قلة الوعي بذرة بل بذور حية.. صالحة للنمو.. خلاَّقة بالاستثمار.. تتعقد في صيوانها.. وتتأجج في قيعانها!! * إنها بذور تنيخ قامات الرجال وهامات الطوال!! * لكنها بذور جامدة.. مطمورة تكبل أيدي زرَّاعها.. توهن عقبات المطامع رُكَبها.. وتثقل أميّة المتاعب أجفانها.. سَرَت في ذاكرتها اخيلة الأجيال الغابرة.. فانثنت أفكارهم نحو مسارح التعصب.. وأرتهم قوة انفسهم وتعالي أرواحهم وقدرة أفعالهم دون العالمين.. دون أن يمتزجوا بعظائم الكلدانيين وفخامة الآشوريين ونبالة العرب الأحرار!! (4) بذرة الإصلاح تبدأ من الذات المتطورة الخلاقة الحالمة إلى التحديث والتكوين ومسايرة الأفضل في كل الطرق المؤدية إلى الإبداع.. * ولو تفكر الكثيرون من (اللا وعي) لوجد أن طرق وآلية التطوير في بلادنا تتعدى أي قلم تصيغه الأنامل .. وترتقي إلى كل الأنامل التي تدرك القلم وتنثره سائلاً (أزرق ناطقاً بالعربية)!!؟ * إن (قلة الوعي) تأتينا متأوهة نادبة حظَّها فنسمعها ولا نشاهدها.. ونشعر بها ولا ندركها.. فكأنها البحر من الحب يغمر أرواحنا ولا يغرقنا، ويتلاعب بأفئدتنا ولا يحركنا..!! * والحل في اجتثاث البذرة الفاسدة ، ومدِّ يدَ الانتشال إلى البر الآمن.. تلك التي ستعني استبدال اللاذات بالذات.. واللا وعي بالوعي المطلق..!! (5) * ما أقسى حياة (اللا وعي) ؛ فهي مثل قلب المجرم المفعم بالإثم والمخاوف!! * وما أجمل حياة (الوعي) فهي مثل قلب المؤمن المملوء نوراً (ورقَّة).. * حياة الوعي مثل موسوعات في بال حاملة.. لخياله رؤا).. أخبار أزمنة.. وأقواما.. (تاريخ عرب).. تراث إسلام.. انبثاقات من شعر يراعه.. وتجليات بدع.. كأن ألقت عليه الضاد عصمتها.. فراح بها ترتيلا.. (وتجويداً).. حتى لنقول انه على ذاكرة الأمة مؤتمناً.. * يرأب الصدع.. يصوغ رجعاً.. يستنهض تبليغاً.. * (الوعي) رجل حر.. قومه الأحرار.. من كل سهل وبادية ومن عباب صاخب.. منذ فجر التاريخ أمسى جبل أخضر (بالثلج مبيضاً)..!! * أباتا (قد صمدوا وعلى القمم كالمزن انهمروا في مساقط الرمل فانتشروا مبللين بالندى.. مكللين ضياء.. رعاة وفلاحين إلها (رضيا عبدوا، وبحبله على أرضهم اعتصموا . * في دياجير العصور.. خمس الثقافات.. محوا الهويات.. صدّوا الجهالة.. قلّموا القصب.. تمنطقوا الذوات.. حفظوا العربية في الأحداق.. خبأوها تحت الأهداب.. اضاءوا لها في كهوف النسق شموعاً!!. (6) * مطلع القرن العشرين والنهضة براعم تتفتح.. هلا قمر الإبداع.. والإبداع مقمر تلاقت في سموات العرب على اسم النهضة الأنجم.. فكان عرس العظمى همس الوفاء.. دفق الإيمان.. رؤية الأرض.. مسرح الإخلاص.. وقصة العشق.. وهالغة التنزيل في أرضنا.. منبت الرسالات.. تختال.. تلوح لها الرايات.. وقبلة على هودج ازاهيره لاعتناق فتاها.. جميلة أنت بين الآيائل في ظلال التنزيل أيتها الحبيبة.. بلادي. * عذراً (بني عمنا .. ما نفاخر ولا نتباهى لكننا معكم أهلنا نتماها.. تحية لمن بنى في زمن الإعجام على الأبجدية مجداً).. وزرع في زمن (اللا وعي) وعياً.. * آية (الوعي) أنه مثال نادر للعطاء.. فكراً (وعمارات.. بياناً) وثوابت في عصر متغيرات مذهلة. * نرسم به من هول الايام.. لوحات ابهى من المثال.. * استلال من خيوط الواقع حاكها مطارف وحللاً.. شارف روح الأمة.. لامس قلوب القراء.. حاز ثقتهم.. فقامت بينهم وبينه مودات وباتوا جمهوره الوفي.. * (الوعي) صاحب قضية حملها.. اختصر الأزمنة بقوله الحق.. فنَّها المعرفة والتبليغ.. أمانتها الصدق والإخلاص.. فترون وتجهرون!! * الالتزام أن تفصح صدقاً (ومنطقاً).. وأمانة.. بالكلمة (الواعية).. تلك التي تميد بها عروش.. وتتهاوى تيجان..وتتبدل أنظمة..وتتحقق شريعة موزونة بعيدة عن الغلو والتعصب . * السكوت عن (اللا وعي) تنصُُّل متواطئ .. * جرائد (اللا وعي) ليست صحافة بل منشورات إعلان على شاشة ورقة أو موجات أثير.. أبواق دعاوى.. ولافتات أجرة. * إعلام (اللا وعي) تمويه وخداع.. بخور الزلفي يزكم.. مدائم البطانة تُعمي.. * شاعر ( اللا وعي) نظام.. رصّاف قوافي.. * مؤرخ (اللا وعي) ملفق يزيِّف التواقيع.. * خازن (اللاوعي) سارق.. ورَّاقوه خونة.. * مروج اباطيل (قلة الوعي) مضل.. تمثيله تهريج.. ثقافته تعريج..!! * تعميم.. وتخطيط هي بعض ملامح الأنسلة في الأمم الحية لا إدارة متحجرة واجهزة تحصي الأنفاس تتجسس على الناس، تندس في خصوصياتهم لتدس عليهم (قلة الوعي) فتشكك في ولائهم..!! * انها تتلاعب بحياتهم فتصنف المواطنين اتباعاً وأعداء.. راعية فساد.. حامية ارتكاب.. تتزين بالفضيلة.. وتتستر بالكتاب!! * مشيئة (غير الواعي) مزاجه.. ونزواته.. مصالحه.. وما يزعم انه أسباب الدولة العليا الخفية.. وموجبات القومية البهية.. تلك التي تزر النكبات والهزائم كلها . (7) * الآن والهجمة باغية من كل جشع.. طماع غير مرتد، لا بديل من التزام ثلاثي القيم المتكامل.. * الحرية الإلتزام بالعقيدة دون غلو أو تزامت.. * حقوق الإنسان قبول الطرف الآخر والارتقاء به إلى مصاف الوعي والإدراك.. * والديمقراطية التسامح ونكران الذات في السر والعلن.. * ليس البشر انتاجاً متسلسلاً ولا دمى مرقمة بل عباد الله.. بذلك آمن المواطن (الواعي) فلم يتعصب.. ولم يتطيف .. ولم يتمذهب شاهراً انتماءه الوطني في مواجهة المنتدب والدخيل.. مؤمناً) بأن الحياة نعمة والموت حق.. لا القتل وترويع الآمنين والمعاهدين.. * فالإسلام لا يحتاج إلى جلادين.. ينتحلون صفاته .. ويزيفون احكامه.. ينفذون قراراتهم ويخالفون احكام الشريعة السمحاء.. تلك التي خلَّدت لتكون للبشرية جمعاء..!! * اننا متطلعون إلى الخلاص من الشؤم.. والغلو والبؤس.. والشرق شرقنا مهد الشرائع مدعو لإنقاذ نفسه، كسر قيوده.. وفك أغلاله لإنهاء احتلاله. * احتلال (قلة الوعي). فيكون جواز العبور إلى المستقبل.. قبول الآخر ولياً.. (حميماً).. لئلا نحزن كمن لارجاء لهم ويلفنا الختام..!! * يلفنا الختام بمن (وعى) وأدرك الآخر!! (8) * تلك نبرات المثل في موروث (الوعي) ونبضه الإنساني.. استشراف الكون.. شفَّ حجاب.. وسما خطاب..!! نحيي عطاء ووعي حكامنا وادبائنا ومفكرينا النوعيين القياسيين ونعتز بهم رواد حرية.. وأسياد بلاغة يقينا (أن العبد ليس من طوق عنقه.. وتناوب المرتزقة على تعذيبه في الأقبية والدهاليز .. بل من فقد حس الرفض للإباء والممانعة.. فرضخ.. انصاع.. وأسلس القياد لمستبد جهول ممعن غدر.. مدبن قتلا.. مدمن اغتيالا !! * انها انقلابات جهول متعصب يقص الأصيل.. ينصب العبيل عدواناً (وبهتاناً)!! * والله ثم والله ان أي مستضعف مضطهد يتشهى البلغة في القول والفعل لأغلى من كل أثرياء النهب والسلب والعدوان. * مسيلمات الدجل والكذب.. * وأبقى على العهود من صنوف المفتنين الظلام.. سلالاتٍ واضباطاً. * لقد تتلمذنا على نظرة حكامنا جيلاً (نهلنا من لياليه إلى الأنس اصولاً.. ونعمنا بأصباحه من التاريخ فصولاً).. فكان لهم علينا مع ابنائنا وآبائنا ومعلمينا.. رواد الأمس.. صناع القرار في ابنائهم.. فضل البدايات حين همنا بلغة القرآن شغفاً (وما زلنا بها صقلاً).. واحداثاً.. نتكاشف جمالاتها في عشق مؤبد.. نجلوها لتهدينا في دنيانا وتنير لنا طريق آخرتنا.. * نجلوها من دستور السماء الخالد.. قران العاليات البهيات.. لغة عبقرية بها ألف عالم يتعبد اليوم وكل يوم على أرض الحرمين (المملكة العربية السعودية) وهل أعظم من ذلك فعلاً).؟ [email protected]