"رابطة العالم الإسلامي" تثمِّن تأكيد المملكة موقفها الثابت لقيام دولة فلسطين وعاصمتها "القدس الشرقية"    مساحة العُلا للتصميم تحتضن معرض "مدرسة الديرة"    رياح وأمطار متفرقة وتوقعات بتساقط ثلوج على مرتفعات تبوك    رعب الزلازل يجتاح العالم    «فروسية الطائف» تحتفل بكأس سعود بن محمد    «موسم الرياض» يرعى حفل الزواج الجماعي «ليلة العمر» ل 300 عريس    الكويت: صدور مرسوم أميري بتعديل وزاري يشمل "الداخلية" و"الدفاع"    مقترح بتحويل «بني حرام» إلى وجهة سياحية وربطها ب «المساجد السبعة» بالمدينة المنورة    «رماح النصر».. تمرين جوي لرفع القدرات القتالية بمشاركة 15 دولة    الرياض تحتضن «بطولة المملكة المفتوحة» للكيك بوكسينغ.. غداً    الدوسري لجيسوس: «ليش طلعتني؟»    تعويض المعلمين المتقاعدين عن الإجازات الصيفية    طرح تذاكر كلاسيكو الأهلي والنصر    في ختام الجولة 20 من" يلو".. الباطن يواجه النجمة.. والجندل في ضيافة العربي    واشنطن تضغط على إيران لمنعها من «النووي»    ولي العهد ورئيس الإمارات يبحثان تطوير التعاون    محادثات بين الشرع وأردوغان لتعزيز العلاقات والتعاون الدفاعي    أسترالي يصطحب صندوق قمامة في نزهة    انتحار طبيب هرباً من نفقة أطفاله    ضم هيئة التأمين لعضوية اللجنة الدائمة لمكافحة غسل الأموال.. مجلس الوزراء: نقل اختصاص تراخيص 4 مهن لهيئة المراجعين والمحاسبين    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    الاقتصاد السعودي.. أداء قوي واستدامة مالية    السماح للشركات الأجنبية الخاصة ب«الطلب» بنقل الركاب    بيئة حيوية    أخضر تحت 20 عاماً يواصل الإعداد للآسيوية    جريمة دهس تهز لبنان.. العنف يغتال حياة عشريني    تحديث بيانات مقدمي الإفطار الرمضاني بالمسجد النبوي    10 % من مشاهير التواصل مصابون بالانفصام    الشوكولاتة الداكنة تخفض مستوى الكوليسترول    إسبانيا تعتزم خفض عدد ساعات العمل الأسبوعي    طلاب وطالبات جامعة الملك سعود يُتوجون ببطولة الجامعات التنشيطية للبادل    فهد بن نافل: صافرات الاستهجان لا تمثل جماهيرنا ولا تمثل الهلال ولا تخدم النادي    واشنطن: تعهدات تعلق "الرسوم" على المكسيك وكندا    نورة الجربوع: العمل الفني ترجمة للمشاعر في مساحات اللون    أزياؤنا إرث وتاريخ حضاري    فريق جرعة عطاء ينظم فعالية للتوعية بمناسبة اليوم العالمي للسرطان    انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الثاني لطب حديثي الولادة في جازان    مترو الرياض.. وإعادة تشكيل الهوية    9 تنبؤات لأكبر اختراقات بحثية لعام 2025    وزارة الصحة بالمدينة المنورة تنظم دورة تدريبية للمتطوعين الصحيين    6 مناطق الأقل ممارسة للألعاب الشعبية    استعراض إنجازات لجنة السلامة المرورية أمام محمد بن ناصر    شتان بين القناص ومن ترك (الفلوس)    نصائح عند علاج الكحة المستمرة    علاج السرطان بتقنية cytokinogenetic therapy    666% نموا بدعم مربي النحل وإنتاج العسل    السعودية تقود المسار.. وسوريا تبدأ صفحة جديدة    تطبيع البشر    بئر بروطة    رؤساء أمريكا وأزمات المراقبة الجوّية    80 يوما على سقوط المطالبات التجارية    بقعة زيت قلبت سيارتها 4 مرات.. نجاة ابنة المنتصر بالله من الموت    نائب أمير تبوك يتسلم تقرير أعمال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    تحديث بيانات مقدمي خدمات الإفطار بالمسجد النبوي خلال شهر رمضان المبارك 1446ه    «911» يتلقى (2.606.704) اتصالات خلال يناير    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    رئيس الوزراء الصومالي يصل إلى جدة    العلاقات بين الذل والكرامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزكاة وأثرها
خواطر في الصوم .......
نشر في الجزيرة يوم 09 - 11 - 2004


* إعداد: د. عبد الرحمن بن سليمان الدايل :
وتمضي أيام رمضان المباركة مليئة بالخير والدعوة إلى التسابق في فعل الخيرات، حتى إذا ما انتهت تتوجت أيضاً بفعل المعروف والطاعات فالصوم معلق لا يرفع إلا بزكاة الفطر.
وهكذا تكون حياة المسلم في رمضان صلاةً وصوماً وذكراً وطاعةً وزكاةً.
وتمثل الزكاة في الإسلام ركناً من أركانه ولها شروطها التي تجب بها كما جعلها ربنا عز وجل لوناً من ألوان العبادات التي يتقرب بها المسلم إليه سبحانه لما لها من آثار اجتماعية بعيدة الأثر على المجتمع المسلم، فيها تسود الرحمة والمحبة والتكافل والتعاطف بين المسلمين، وتؤدي إلى تماسكهم وتعاونهم على الخير وعلى البر والتقوى، فبذلك تكون الزكاة مصدراً لاستقرار المجتمع حيث يجد الفقير واليتيم والمحتاج ما يسد عوزه وحاجته مما يغنيهم عن السؤال حينما يحصلون على حاجتهم وهم يشعرون أن ما يحصلون عليه هو حق لهم وليس منة أو تلطفاً ممن يعيشون معهم في المجتمع وفي ذلك يقول الحق تبارك وتعالى : {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}.
فليست الزكاة في الإسلام ضريبة تفرض وكأنها جزية أو عقوبة أو تدخل في الشؤون المالية للأفراد الأغنياء، بل هي غرس لمشاعر الرأفة وتأكيد لسلوك الخير والحنان وتهذيب لنفوس وطبائع المسلمين وتطهير لهم ولأموالهم قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} (103) سورة التوبة.
وهكذا تجيء الزكاة تطهيراً وتزكيةً للنفس والمال، ولذلك يرتبط إخراج الزكاة بالعطاء والإنفاق والنضج في السلوك الإنساني ولذلك فإن دافع العطاء الإنساني لدى المسلمين يقوي من شخصياتهم ويصون لهم أنفسهم بعيداً عن البخل والشح ليكونوا من المفلحين امتثالاً لقوله سبحانه: {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
وقد أثبت علماء النفس أن البخيل يتصف بالأنانية وتجده يعيش في خوف وقلق واكتئاب ولا يقدر على الانخراط بتفاعل مع مجتمعه على خلاف الإنسان الكريم المعطاء الذي يسعى لصالح مجتمعه وإسعاد أبنائه فتعود السعادة أيضاً إليه مصداقاً لقوله سبحانه : {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى} سورة الليل 18.
وحتى لا يتردى المسلم بماله ولا ينفقه في سبيل الله فقد جعل الإسلام الإنفاق بالخير عائداً إلى ذات المنفق بالخير أيضاً فقال سبحانه : {وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } (272) سورة البقرة. وقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكاً تلفاً) متفق عليه.
فالنفقة والإمساك عنها أمران متناقضان ويرتبطان بموقف إنساني سلوكي ينبع من نفس الإنسانية، ولذلك حرص الإنسان على تهذيب النفس الإنسانية فتوجه مباشرة إلى الدوافع التي تحول بين المسلم وبين الإنفاق وبخاصة ما يتصل منها بظلم الإنسان لاخيه الإنسان وما يرتبط بها من شح النفس وميل بعض النفوس المريضة للبخل لما يظنه البعض مكثراً لأموالهم أو محققاً لذواتهم، فعن جابر رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم) رواه مسلم.
وحتى يحفز الإسلام المسلمين على الإنفاق في وجوه الخير وإخراج الزكاة وبذل الصدقات فقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم أن الصدقات تزكي الأموال ولا تكون سبباً في إنقاصه أو تقليله أو النيل منه، فعن أبي هريرة رضي الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل) رواه مسلم.
وبمثل هذا السلوك المتسامي يكون المسلم دائماً في رعاية الرحمن فيزيده كرماً ومالاً وعزاً، لأن الكرم من المخلوق على المخلوقين يقابله الكرم من الخالق الكريم سبحانه.
ولقد كان لارتباط الزكاة بالإنفاق أن اقترنت في القرآن الكريم بالصلاة التي هي عماد الدين وأسمى العبادات فيقول سبحانه : {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} ويقول : {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ}.
ولذلك فقد حرص المسلمون الأوائل على الزكاة وتقديم الصدقات سعياً نحو الامتثال لأمر الله وتطلعاً نحو مرضاته سبحانه فماذا كانت النتيجة؟
لقد سجل التاريخ الإسلامي أنه حين طبق المسلمون أوامر الخالق سبحانه وتمسكوا بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأخرجوا الزكاة فقد نجحوا في محاربة الفقر وإقامة التكافل الاجتماعي فانخفضت معدلات الجريمة بعد أن انتزعت الأحقاد والضغائن من النفوس فتماسك المجتمع وسعد أبناؤه بل سعدت بهم الدنيا فاتحين ومعلمين وناشرين لمبادئ الخير والسلام.
ندعو الله أن يوفقنا لصالح الأعمال، وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.