ليست هي المرة الأولى التي أحلّ فيها ضيفاً على والدي عثمان..!! وبالتحديد مساء يوم (الاثنين)، فما أكثر أولئك الذين (فطموا) عن تجمعات ثقافية نافعة، ذات أطياف متعددة..!! إلا أنهم ما زالوا ينهلون من معين (إثنينية) الرجل الصالح.. الشيخ عثمان الصالح.. متعه الله بالصحة والعافية.. قبل سنوات ليست بالبعيدة، أدمنت الحضور إلى هذا (المنبر) بحكم انشغالي بالإعلام الخارجي (المهاجر) حينها..!! وكنت أعجب من هذا (البيت المبارك) في هذا الحي العامر.. في قلب العاصمة الرياض: كيف استطاع أن يجمع بين كل فئات المجتمع، رغم اختلاف (مشاربهم) و (مآربهم) بل وتوجهاتهم السياسية والفكرية..!! إنه حقاً شكل آخر من أشكال الحوار الوطني البناء..!! ورغم ذلك لم أجد صوتاً يعلو (صوتاً آخر): كان الوئام بين الحضور (سيد الموقف)..!! وكان الحاضرون (متداخلين).. فلا تكاد تفرق بين الطالب والأستاذ الجامعي..!! بل بين المواطن والسفير والوزير والأمير..!! بين المواطن والمقيم..!! كنت أسمع عن هذا المربي الكبير الذي خرّج الأجيال..!! كما كنت أسمع عن (سلطته المطلقة) في معهد العاصمة المعروف سابقاً بمعهد الأنجال.. قبل أربعين عاماً أو تزيد..!! وزراء وأمراء، بل وبعض من بيدهم السلطة، تتلمذوا على عتبات مكتبه..!! كم كنت أعجب عندما أسمع أنه عاقب الأمير (فلان) أو الوزير (فلان)، عندما أهملا أو قصرا في (الواجبات المنزلية).. في سنين الطلب الأولى..!! لا شيء يقلل من عجبي سوى علمي بأن سمو الأمير سلمان - حفظه الله - أعطاه (سلطة) إدارة المعهد وطالبه بالنتاج الحسن..!! عندها أدركت مقولةً لمعالي الدكتور غازي القصيبي، حينما يقول:( السلطة بلا حزم خطر قاتل.. والحزم بلا رحمة يؤدي إلى طغيان كبير..!!) لم أسمع عن مسؤول واحد - حتى أولئك الذين هوت عليهم (خيزرانة) الرجل الصالح - لا يحترم هذا المربي ويعترف له بفضله..!! كانت (مدرسته) التربوية عبارة عن دروس (عملية) تبدأ من تمارين الصباح، وتنتهي بآخر دقيقة من يوم دراسي طويل، مفعم بالنشاط الصفي واللاصفي..!! هذه الخواطر وغيرها ملأت عليّ جوانبي وأنا استعد لتلبية دعوة كريمة من أخي بندر الصالح خلال الأسبوع الماضي في بيت والدنا عثمان.. وبالتحديد في (إثنينيته) المعلومة للجميع..!! والتي تغري كل من شرف بالحضور إليها، بأن يعيد الكرة تلو الأخرى..!! ذلك أن الأخ بندر المشرف العام على هذا (المنبر الثقافي) يأسرك بخلقه، ويشدك بغزارة اطلاعه.. كان مُحاورنا هذه الليلة: صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن متعب بن عبد العزيز، وكان حديثه حول الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها - لأول مرة في تاريخ مملكتنا الغالية - خلال الأشهر القادمة..!! كانت أمسية ثقافية تستحق الوقوف عندها..!! رأيت فيها سفراء محبين لهذا البلد، ويودون له السؤدد والتقدم..!! وأمراء يهمهم أن تشارك الصفوة من المثقفين في (بلورة الاصلاحات) التي تنادي بها القيادة السياسية، في خطى ثابتة ورؤى واعدة..!! رأيت فيها مثقفين، وإن كانوا مختلفين في (طرائفهم - إلا أنهم متفقون على أهداف نبيلة، تخدم مجتمعهم في حاضره ومستقبله..!! رأيت فيها الجميع يستمع إلى سمو الأمير وهو يدلي بالخطوات (العملية) التي سوف تصحب عملية التصويت الأولى في ربوع بلادنا، كنتيجة حتمية لما وصل إليه أبناء المجتمع من الوعي والإدراك التام لأهمية المؤسسات الخدمية في حياتنا اليومية.. رأيت فيها والدنا عثمان وهو يتصدى لعناصر هذه المحاضرة، بجبين ينبعث منه النور، ووجه (احتشدت) على تقاطيعه (أسمى آيات الحزم والعزم، وشفتين لم تتوقفا عن التسبيح، وترديد الذكر الحكيم، الذي افتتح به هذا اللقاء المبارك..!! رأيته ولسان حاله يقوله: أيها الأبناء.. أيها الأحفاد..!! لتختلف آراؤكم..!! ولكن احذروا أن تتفرق قلوبكم..!! ليكن همّ الجميع: الأصلح للعباد والبلاد..!! لا المآرب الشخصية الزائلة..!! أو الحظوظ الدنيوية الزائفة..!! اعلموا أن اختيار الأصلح لخدماتكم اليومية ليس بالشأن الهين، كما أنه ليس بالأمر العسير..!! وبالممارسة (والدربة) يستقيم أمر الحياة..!! وتنتظم شؤونكم اليومية في عقد فريد..!! رتبوا أنفسكم على أن خيركم عند الله، أنفعكم للناس..!! واعلموا أن الانتخابات (تربية) للنفس وجهاد لها على (نبذ الذات) أولا تكون...!!. [email protected]