تعقيباً على ما يطرح في هذه الصفحة حول الدوام في رمضان، فالآراء التي طرحت بين مؤيد ومعارض والناس في هذا لهم مشارب. أما الذين أبدوا الدوام في رمضان فأجزم أن مكان أعمالهم ودوائرهم ومدارسهم لا تبعد عنهم سوى 5 كلم إلى 10 كلم, فهؤلاء بلا شك لم يذوقوا المرارة التي يتجرعها ويفطر عليها صباحاً ومساء ذهاباً وإياباً المعلمون والمعلمات الذين يقطعون في سفرهم لدواماتهم مئات الكيلومترات. كم نتصور متى ينطلقون ومتى يرجعون؟!! يقومون والناس نيام الساعة الثامنة بل السابعة صباحا ويرجعون والناس نيام بعد صلاة العصر بساعة، والبعض من المعلمات يفطرن بالطريق مع أذان المغرب!! لنتصور جميعاً المعاناة والعذاب اليومي الذي يتكبده أبناء الوطن والإرهاق والإعياء والإجهاد الذي يعتري كل واحد منهم يومياً.. فالمسافر العادي يعاني من السفر!! فكيف بمن يسافر وهو صائم لمسافات طويلة ثم حِصص واقف يشرح فيها ثم رجوع وهو مسافر!!؟؟ فهذا يعتبر من إلقاء الإنسان بنفسه إلى التهلكة!!؟ فكم من الحوادث المفجعة سمعنا؟؟ وكم من المصائب رأينا؟ وكم من الموتى شيعنا!!؟ أنتظر المزيد من الهلاك للكوادر الوطنية العاملة في حقل التعليم تموت أو تصاب بتعطل حركي، وهناك العديد ايضاً من المشكلات الأسرية والاجتماعية نتاجها الدوام في رمضان.. وهناك أيضاً إشغال عن العبادة من قراءة قرآن واستعدادات للصلاة والإفطار وتناول السحور وكذلك قيام الليل.. فكلها مترتبة على النظام اليومي للأفراد، والدوام أدى الى اضطراب البرنامج اليومي لكل فرد.. وكل منا يتأمل واقعه المكلوم جراء الدوام في رمضان. والمعايير التي نقيس بها ايجابيات وسلبيات الدوام في رمضان كثيرة وعلى رأسها ما يلي: أولا: شلل في العملية التعليمية، فإذا نظرنا كثرة الغياب بين صفوف الطلاب والطالبات نجدها تزداد في رمضان عن غيره من باقي السنة، وكذلك بالنسبة لإجازات المعلمين والمعلمات تكثر في هذا الشهر.. أما عن حالات النوم فحدث ولا حرج، والمجال واسع والذي يرغب التأكد يجري جولة استطلاعية على المدارس ويرى بأم عينيه أن وجود الطلاب كعدمهم!! وإذا تفحصنا الاختبارات في ظل هذه الظروف الجيدة؟!! نجد النتائج ضعيفة، خلاف الفصل الثاني وهذا أمر معلوم لدى مدراء المدارس. إذن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي الحصيلة والنتيجة طالما المخرجات التعليمية فاشلة؟ وما اقنعني وزاد إيماني بفشل الدوام في رمضان حينما سألت طلابي في المرحلتين المتوسطة والثانوية عن ضعفهم في هذا الشهر فكلهم أجمعوا على الدوام في رمضان وموعده الذي يتنافى ويتعارض مع قول النبي صلى الله عليه وسلم (بورك لأمتي في بكورها) فالتبكير جانب لم يدرس ولم يتخذ فيه قرار.. فما المانع من الدراسة بعد الفجر بساعة ونصف مثلاً أو كالعادة الساعة السابعة، وما ان تأتي الحادية عشرة إلا والدراسة انتهت؟ ويأخذ الجميع قسطاً من الراحة بعد الظهر وحتى العصر. إذن المعلمون والمعلمات والطلاب والطالبات تذمروا جميعهم من موعد الدوام وزمنه في رمضان.. إذا كانوا هم الشريحة الكبرى من المجتمع فلماذا لم يؤخذ برأيهم حتى وان تطلب الأمر عمل استبيان وعلى ضوئه يُتخذ قرار عاجل يريح أبناء الوطن من هذا العناء خصوصاً كما قلت الذين يتكبدون مشاق السفر اليومي. ثانياً: كثرة الحوادث المرورية، وذلك تزامنا كما أسلفت مع بدء الدوام الساعة العاشرة.. والكل يعلم عن هذا الموعد انه بداية (القيلولة) وهو بداية النعاس والنوم المستغرق.. فنحن نرى واقعنا حينما يتسحر الأفراد ويصلون الفجر، الكثير منهم يجبر نفسه على النوم وهو مستكره له لكونه أخذ قسطاً من النوم ليلاً. ومعروف ان الليل في الشتاء أطول منه في الصيف. قد يقول قائل بعض الأفراد يسهر ليلاً ثم لا يستطيع ان يواصل حتى موعد الدراسة المقترح في الساعة السابعة صباحاً. أقول: الذي أجبر الطلاب في الأيام الأخرى في غير رمضان ان يناموا مبكرين يجعلهم كذلك برمضان بتعاون من أولياء الأمور والمدرسة، علماً بأن المدارس لها إجراءات صارمة مع الطلاب المتغيبين والمتأخرين تصل الى حد استدعاء ولي أمر الطالب، وإن تطلَّب الأمر الفصل، ويتم ذلك عن طريق إدارة التعليم. أما بداية الدوام بوضعه الحالي الساعة العاشرة فله أضرار على سائقي السيارات بكثرة نعاسهم، هذا في الأيام العادية، وفي رمضان من باب أولى.. وأتمنى أن يصدر تقرير احصائي من الإدارة العامة للمرور عن حوادث السيارات ليثبت لنا هذا الكلام خصوصاً في الفترة من الساعة العاشرة صباحا فما فوق في الأيام العادية وإحصاء آخر في أيام رمضان. وأنا أجزم ليس تشاؤما ولكن اعترافاً بالخطأ أن الحوادث في رمضان في الفترة المشار اليها تفوق الأيام العادية.. ولو نظرنا الى الشريحة العظمى نجد أكثرهم من المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات لتعرضهم للإرهاق اليومي أكثر من غيرهم في وقوف المعلم والمعلمة طوال الوقت للشرح والإرشاد والتوجيه والطلاب والطالبات بالتركيز الذهني بمعدل ست ساعات متواصلة!! ثالثاً: المشاكل الاجتماعية: إذا تفحصنا المجتمع بكافة أطيافه نجد بعض الأسر تتعرض لمشاكل يومية بسبب الإهمال غير المتعمد من قِبَل الأم أو البنت تجاه بيتها لكونها معلمة وتسافر يومياً ولا تأتي في المساء إلا متأخرة!! وهذا الروتين يخلق شرخاً في جدار المجتمع وتزداد معه حالات الطلاق والمشاكل النفسية والتربوية للأطفال.. وإذا رأينا السبب نجده الدوام في رمضان.. إضافة الى ما نراه من قلة التواصل بين الجيران وكذلك الأقارب، وذلك للسبب نفسه. أخيراً أتمنى ممن يهمه هذا الأمر، وبعد التوضيح الذي ذكرت من خلال السلبيات للدوام في رمضان، أن نجد العلاج العاجل وذلك باستقطاع أيام من الإجازة الصيفية وتقديم الدراسة ثم قطعها في رمضان.. وأقترح اقتراحاً لعله يفيد في ذلك، وذلك بتقديم اختبارات الدور الثاني الى بعد انتهاء اختبارات الدور الأول بأسبوع أو اسبوعين، وهذا يفيد الطلاب باسترجاع المعلومات المحتفظ بها وهي أقرب الى التذكر والاستيعاب وتحصل الفائدة بنجاحهم، ثم جعل عودة المعلمين والمعلمات هي موعد بدء الدراسة ثم توقفها في رمضان للسلبيات الآنفة ذكرها.. آمل أن نرى قراراً يثلج صدور الجميع عبر الصحافة المحلية.. وكل عام وأنتم بخير. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إبراهيم بن عبدالكريم بن محمد الشايع