إن مجال المنهج الدراسي مجال تتعدد فيه الاتجاهات. وتختلف فيه وجهات النظر من مجتمع لآخر، بل من فرد لآخر، لأنه متصل بتنمية الإنسان من حيث هو كائن معمر لهذه الأرض ومستخلف على ما ورثه من قيم وآداب. وإذا كانت تربية الإنسان تقع مسؤوليتها على عقيدة المجتمع، تهذب سلوكه وتضبط مشاعره، وترقى بنفسه، فإن التعليم مجاله مفتوح للعاملين بهذا الفن يغيرون ويبدلون ويطورون تبعاً لمستوى خبراتهم، والتعليم بهذا الاعتبار حق مثالي للإنسان أينما كان. والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها. معنى المنهج يعرف المنهج بأنه مجموع الخبرات والأنشطة التي تقدمها المدرسة تحت إشرافها للطلاب بقصد احتكاكهم بهذه الخبرات وتفاعلهم معاً، ويشترط في هذه الخبرات أن تكون منطقية، وقابلة للتطبيق. ومعنى هذا أن المنهج يتضمن الخبرات الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية، وكل خبرة مربية تهيئ للمتعلم مواجهة أي موقف في حياته اليومية، أو التعامل معه. أما المنهج بمفهومه التقليدي فهو مجموعة المواد الدراسية أو المقررات التي يدرسها الطلاب. وهذا المفهوم مازال مستعملاً إلى اليوم في مدارسنا، حيث يطلق المعلمون كلمة المنهج على المقررات الدراسية التي تقدم للطلاب في مختلف المواد. ومعنى هذا أن هناك تطوراً ما قد حدث لما تعنيه كلمة (المنهج المدرسي) وهذا التطور لم يأتِ من فراغ، وإنما كان استجابة لعوامل متعددة أسهمت بشكل ما في صياغة معنى المنهج بالصورة المعروفة حالياً. وظيفة المنهج يؤدي المنهج وظائف عدة، من أهمها ما يلي: 1- أنه الأداة التي يتخذها المجتمع وسيلة لصنع أفراده بالطريقة التي يريدها من حيث اكتساب المعارف. 2- أنه الدليل الذي يستخدمه المعلم في التعامل مع تلاميذه حتى لا تكون العملية التعليمية مجالاً للفوضى وبث آراء غير مرغوب فيها. 3- أنه يكون لدى المعلم أساس يمكن أن يكون نقطة انطلاق له، يواصل به الدرس والبحث فيما بعد. 4- أنه يقوم بعملية الاختيار الدقيق، والمناسب من كل ما خلّفه الآباء والأجداد من تراث. ويمكن القول: إن وظيفة المنهج تكاد تنحصر في دعم الولاء للدين وللمجتمع وتنمية استمرار التعلم، وإعداد القوى البشرية القادرة على تحقيق أهداف التنمية. كيفية بناء المنهج يمكن أن يتم بناء المنهج وفقاً للخطوات الآتية: 1- دراسة سيكولوجية المتعلم: فمعرفة خصائص المتعلم من جميع جوانبه عملية أساسية في بناء المنهج، فنعرف ميوله ودوافعه ومستواه العقلي. حتى يمكن تنميته من الناحيتين: الشخصية والعلمية. 2- الإلمام بالمادة الدراسية أو المحتوى: وهو أمر ضروري في وضع المادة الدراسية المناسبة لتحقيق الأهداف الموضوعة بشرط أن تكون مرتبطة بحاجة المجتمع ومناسبة للمتعلم وأن يتم وضعها على أيدي متخصصين. 3- دراسة المجتمع: بما أن المجتمع هو المكان الذي يعين فيه المتعلم وإليه يتعلم فإن المنهج الجيد هو الذي يخدم مجتمعه وينقل تراثه، وخصائصه وثقافته إلى الأجيال التالية، وبما ينمي في المتعلم جانب الإنسان المجتمعي الذي ينتسب إلى مجتمعه دون غيره. 4- تحديد الأهداف: وهذه الأهداف يجب أن تكون: أ- واقعية: أي ملائمة وقابلة للتطبيق. ب- سلوكية: أي تصاغ في صورة سلوكية. ج- قابلة للتقويم: أي قادرة على قياس كم التغيير وكيفه. 5- الخبرات التعليمية: وهي عملية تأثير يربط الفرد بينهما فيستفيد من ذلك في تعديل سلوكه وزيادة قدرته على توجيه خبراته. والخبر بهذا المعنى: موقف تعليمي منظم يخططه المعلم ويضع تصوره لكيفية تحديد محتوياته والأنشطة التي يحتاج إليها المتعلم داخل الفصل وخارجه (درهم خبرة خير من قنطار معرفة). 6- بيان طرق التدريس: بناء على خصائص المتعلم والمادة الدراسية والأهداف المحددة يمكن لمن يتصدى لبناء المنهج أن يقترح طريقة من طرق التدريس أو مجموعة منها لكي تساعد في تحقيق الهدف المتوخى من المنهج. 7- التقويم: يعد التقويم نهاية بناء المنهج وبداية تطويره لأن المنهج ليس من طبعه الثبات. وإنما هو متجدد بتجدد الحياة وتغيرها. وتعدد أساليب التقويم فمنها: الاختبارات التحريرية، الشفهية، الملاحظة، التقارير، وغير ذلك. وأخيراً.. إن الكتابة في المنهج المدرسي ليست منتهية من جهة استمرار الحياة واستمرار العملية التعليمية ومن هنا يتعذر وصولها إلى وسام الرضا وذلك لاختلاف وجهات النظر وتعدد الرؤى، وكل ذلك مدعاة لإعمال العقل للبحث عما يقدم للمتعلم. والله أسأل أن يكون ما تقدم مصدر إفادة لمن يقرؤه. وأن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما يعلمنا.