ونقصد بالاجتماعات هنا تلك التي تتم في مجال العمل بمختلف توجهاته الإدارية أو العلمية أو الفنية وسواء كان العمل حكومياً أو أهلياً. والاجتماعات قد تتم بين مسؤولي قمة الهرم الإداري كتلك التي تتم بين الوزير أو الرئيس الأعلى للجهة الإدارية أو الأهلية وبين وكلائه ومساعديه، وقد تتم الاجتماعات بين المدير العام ومرؤوسيه أو مدير الإدارة ورؤساء الأقسام أو بين رئيس القسم وموظفيه. والاجتماعات تنعقد بهدف دراسة موضوع معين أو معاملة محددة من أجل الوصول إلى رأي مناسب حولها بعد أن تعذرت معالجتها بالطريقة الفردية، وقد تهدف الاجتماعات إلى التخطيط لتوجيه استراتيجي مستقبلي يهدف إلى مزيد من التطور والتقدم في أساليب العمل وإجراءاته. كما أن الاجتماعات قد يكون من أهدافها شرح تنفيذ خطة معينة أو توجه تم اقراره وذلك من أجل وحدة وسلامة التنفيذ. كما أن الاجتماعات قد تهدف إلى مراجعة أساليب وإجراءات التنفيذ أو شرح التعليمات الجديدة للموظفين أو من أجل تحقيق السلامة والوقاية من الحوادث خاصة في الجهات ذات الطابع الفني أو العلمي أو من أجل تبادل الآراء أو المعلومات. وبالرغم من هذه الأهداف الإيجابية للاجتماعات الا أنه يوجد اختلاف بين الاداريين والمرؤوسين في النظرة إليها، فالبعض -ونعتقد أنهم القلة- يعتقدون ان الاجتماعات مضيعة للوقت وذلك أن الاعتماد على الاجتماعات في البت في الأعمال الهامة والدراسات الاستراتيجية يؤدي إلى تأخيرها وذلك بسبب صعوبة عقد الاجتماعات والاختلافات في الآراء التي تحدث خلالها والتكتل أو اللوبي بين بعض المشاركين في الاجتماعات من أجل تغليب رأيهم وان كان ليس هو الرأي الصحيح، أو أن تؤدي الاجتماعات إلى سيطرة شخص واحد عليها بحيث يقوم بإدارتها والتقرير بما يراه هو في الموضوعات المدرج مناقشتها في الاجتماع أما غيره من الحاضرين للاجتماع فدورهم لا يتجاوز إما السكوت وعدم الادلاء بأي رأي لعدم ايجابيتهم وتوفر ملكة النقاش لديهم أو لمجرد عدم معارضة مديرهم الذي يرأس الاجتماع أو أن بعض المشاركين في الاجتماع يستغل موهبته وعبقريته في الكلام والتعليق فيقوم بإبرازها بما هو بعيد عن موضوع النقاش فقط من أجل أن يقال إنه شارك وناقش وتكلم. أما البعض الآخر في النظرة إلى الاجتماعات وهم الأغلبية فينظرون إليها بإيجابية وأن فوائدها وإيجابياتها تزيد وتتفوق على سلبياتها وذلك أن الرأي الجماعي مهما صاحبه من سلبيات فإنه يبقى الرأي الأقرب للصحة والحقيقة وهو الذي يتمشى مع التعاليم الدينية { وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ } ولذلك حث ديننا الحنيف على التشاور وتبادل الرأي، وقد اعتبر (الاجتهاد) وهو المبني على الرأي أحد مصادر التشريع في الإسلام، والكل يعرف تلك المدارس الفقهية في العصور الإسلامية الزاهرة التي أسهمت في بناء الكثير من القواعد الفقهية والتشريعية، كما أن الرأي الجماعي يتمشى مع المبادىء الإدارية الحديثة التي تحث على المشاركة وتعدد وجهات النظر، فالحقيقة هي قرع الحجة بالحجة والبرهان البرهان حتى تظهر وتتجلى، كما أن إنهاء الأعمال ذات الأهمية عن طريق الاجتماعات أسلوب متبع وناجح في الدول المتقدمة، ذلك ان الاجتماعات نوع من الإدارة الاجتماعية والمشاركة في المسؤولية. كما أن غالبية القرارات السياسية والاقتصادية ونحوها لا تصدر إلا بصفة جماعية وتؤدي إلى العديد من المزايا ومنها: * إشعار كافة المسؤولين مهما بلغت درجاتهم في الإدارة أو المؤسسة أو المصنع أنهم شركاء في اتخاذ القرارات وتحمل المسؤولية. * الوصول إلى الرأي السليم والمتوازن لصحة المعلومات التي بني عليها وكذلك عن طريق تصحيح المفاهيم الخاطئة عند البعض بما يملكه البعض الآخر المشاركون في الاجتماع من مستندات وأسس سليمة. * إسقاط التكلفة بين كبار المسؤولين وصغارهم وهو ينعكس إيجاباً على مجريات العمل. * توسيع دائرة المشاركة وتبادل الخبرات بين المسؤولين أو المختصين المشاركين في الاجتماع بحيث تتاح لكل جانب الإحاطة بأنشطة وأعمال الجانب الآخر. * تحقيق الاشباع النفسي في الرغبة في الاتصال والاجتماع، فالإنسان سواء كان موظفاً أو عاملاً أو غير ذلك يحتاج بحكم طبيعته وتكوينه للاتصال بأقرب الناس وبالذات في محيط العمل بالنسبة للموظف والعامل، فإن لم يجد بجهة عمله أسلوباً مرتباً للاجتماعات الرسمية أو غير الرسمية فإنه سوف يسعى خارج وقت الدوام لتحقيق هذه الرغبة في الاجتماع. * تسهيل تداول وتبادل المعلومات بين الرؤساء والمرؤوسين وذلك عن طريق التعرف وبصفة جماعية على المعلومات والبيانات والإجراءات الحقيقية وبما يؤدي إلى علاقات ودية في محيط العمل وإلى إدارة ناجحة. * الإحساس بروح الفريق الواحد وأن الجميع يعملون في سبيل وحدة القرار والأهداف. * الالتزام بالقرارات والتوجهات التي تسفر عنها الاجتماعات من قبل المشاركين فيها، ذلك أنه مهما كان وضع الفرد داخل الاجتماع فإن مشاركته فيه تفرض عليه التزاماً بقبوله للقرار المجمع عليه ولو بأغلبية المشاركين. * تعتبر الاجتماعات فرصة للمسؤول للتعرف على مواهب وقدرات مرؤوسيه ومن ثم يسهل عليه الاختيار في شغل الوظائف القيادية في إدارته أو مؤسسته ذلك أن المشارك في الاجتماعات يجدها فرصة لإبراز قدراته ومواهبه وأن يعرفه الآخرون فإذا كان ذو كفاءة فإنه يبرز من بين أقرانه. هذا ولكي يكون الاجتماع ناجحاً ومحققاً لأهدافه لابد من توفر العوامل التالية: * الاعداد الجيد له من حيث تحديد تاريخ ووقت الاجتماع واعداد جدول الأعمال التي ستناقش فيه وإشعار المشاركين فيه بهما قبل الاجتماع بوقت كافٍ لتمكينهم من دراسة جدول الأعمال والتفرغ لوقت الاجتماع. * تنظيم جلسات الاجتماعات بأن تكون حسنة التنظيم بما في ذلك إثبات الحاضرين وتحديد الغائبين والمعتذرين وأن تبدأ الجلسة باستعراض ما تم في الاجتماع السابق ثم يتم استعراض جدول الأعمال للجلسة القائمة ثم تتم مناقشة ما ورد به حسب الترتيب المحدد في الجدول أو حسب ما يراه رئيس الاجتماع إلى أن يتم إنهاء مناقشة كل الموضوعات، التي ربما يؤجل أحدها أو أكثر لاعتبارات تتعلق باستكمال النظر فيها. ثم بعد ذلك يعد من قبل سكرتير الاجتماع تقرير أو محضر بالموضوعات التي نوقشت وما تم حولها من قرارات وتوصيات. * متابعة تنفيذ القرارات والتوصيات التي أسفرت عنها الاجتماعات إما من قبل لجنة تشكل من بعض المشاركين في الاجتماع أو من سكرتارية الاجتماع حيث تقوم هذه اللجنة أو السكرتارية بتقديم تقرير للاجتماع القادم أو لرئيس الاجتماع عما تم حول هذه القرارات والتوصيات.