قديماً كان الطفل وبخاصة المولود حديثاً الذي يصاب بالجفاف تصعب نجاته من الموت وذلك نتيجة نقص سوائل الجسم عن معدلها الطبيعي بسبب قلة الوارد منها أوزيادة اطراحها من الجسم أو كلاهما معاً بغض النظر عن السبب. ويؤكد د. ساري دعاس استشاري الأطفال بمستشفى الحمادي بالرياض في لقائنا معه أنه مع تقدّم الطب أصبح لا يخشى على الأطفال من الجفاف وخاصة إذا بادرت الأم بالذهاب إلى الطبيب عند ملاحظتها فقد الطفل لسوائل جسده سواء عن طريق الإسهال الشديد أو أي سبب آخر.. وفيما يلي نص اللقاء: * ما أهم الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالجفاف خاصة في الشهورالأولى منالحياه؟ - أهم هذه الأسباب هي النزلات المعوية الحادة بما يرافقها من إقياء شديدوإسهالات مائية غزيرة، وإذا لم يسدد العلاج اللازم فوراً فقد تؤدي بالطفلالصغير للهلاك، ومن الأسباب الأخرى الأمراض الحموية حيث تؤدي الحرارةالمرتفعة لجسم الطفل لفقده مزيداً من السوائل عن طريق التعرق والتبخر ويساهم نقص الشهية المرافق في عدم تناول الكفاية من السوائل للتعويض فيدخل الطفل في دوامة الجفاف، وهناك أمراض أخرى أقل حدوثاً قد تكون سبباً في الجفاف مثل بعض الأمراض الكلوية والداء السكري وبعض الأمراض العصبية وغيرها. * هل للرضاعة الصناعية دور في مرض الجفاف؟ - قد يكون لها دور من ناحيتين الأولى عدم مراعاة وسائل التعقيم والنظافة التامة مما قد يتسبب في نزلة معوية حادة، وأيضاً تلعب أخطاء تحضير الرضعات دوراً في إنقاص السوائل الواردة أو زيادة نسبة الأملاح وزيادة تركيز الحليب المحضر بالزجاجة دون إعطاء ما يوازيها من الماء. * هل للظروف المناخية دور في زيادة انتشار المرض كارتفاع درجة الحرارة أوالرطوبة؟ نعم بالتأكيد فارتفاع حرارة المناخ يزيد من فقد الجسم للسوائل سواء بزيادة التعرق أو التبخر عن طريق تسرع التنفس وما لم تزد كمية السوائل المعطاة للطفل فيهكذا مناخ فقد يؤدي به الأمر للجفاف وكذلك حاجة الطفل المصاب بالإسهال للسوائل تزداد في الطقس الحار عنه في البارد أو المعتدل. * كيف تحمي الأم طفلها من الجفاف؟ - على الأم أن تعرض الماء على رضيعها بين الرضعات، والحليب على رغم أنه سائل فلا بد من إعطاء الماء بذاته خاصة إذا كان الجو حاراً فالطفل يتعرق ويعطش كالكبير تماماً ولا يكفي الحليب وحده لإطفاء ظمئه. وكذلك على الأم أن تبادر باستشارة الطبيب عند أي أعراض نزلة معوية ولا يجوز التأجيل أو التهاون في هكذا أمر، وعليها المبادرة بالإسراع في إعطاء السوائل للطفل المسهول فهذا أمر حيوي ومهم جداً ويقي الطفل من مضاعفات كثيرة. * ما مدى خطورة الجفاف على جسم الطفل؟ - تتوقف خطورة الجفاف على شدته وعلى حجم الطفل وعمره ومدى تحمل جسمه لنقص السوائل الحاصل، فإذا أهمل نقص السوائل تقدمت درجة الجفاف، والطفل الرضيع أقل تحملاً للجفاف من الكبير فكلما زادت درجة الجفاف وكان المريض أصغر سناً وأقل حجماً زاد الخطر عليه، وتأتي الخطورة من نقص السوائل وما يرافقها من نقص في ضغط الدم وزيادة كثافة الدم ونقص تروية الأعضاء وأيضاً من اضطراب أملاح الدم المرافق لنقص السوائل وما له من تأثير على عمل القلب والجهاز العصبي والكلى ونهاية الأمر قد تصل للوفاة وهذا ليس بقليل الحدوث خاصة عند وجود الإهمال. * هل يؤدي الجفاف لتشوهات شكلية لجسم الطفل؟ - لا، لا يصل الأمر لدرجة التشوّه ولكن في الجفاف الشديد تغور عينا الطفل المريض ويكمد لونه وهذه التغيرات تزول بزوال الجفاف ويعود للطفل شكله السابق. * هل هناك أمراض أخرى تصاحب مرض الجفاف؟ - الجفاف ليس مرضاً بذاته وإنما هو حالة تصاحب أمراضاً أخرى تفقد الجسم ماءه أو تمنع إمداده بالسوائل أو كلاهما. وسبق الحديث عن ذلك أعلاه. * هل شرب السوائل يقلِّل من الإصابة بالجفاف؟ - بالتأكيد نعم .. وأحب التعليق على ضرورة إعطاء مضادات القيء للطفل المصاب بنزلة معوية حتى لا يعود فيتقيأ ما شربه، وكذلك نوعية السوائل المعطاة، فالطفل الذي يفقد سوائل جسمه سواء مع الإسهال أوالإقياء أو زيادة التعرق أو البول لايفقد ماءً فقط وإنما مجموعة من أملاح الجسم أيضاً والتعويض يجب أن يكون للأملاح أيضاً وليس فقط الماء وعلى هذا فالماء النقي فقط هو أسوأ ما يعوض به الجفاف، والأفضل استعمال محاليل إعاضة الجفاف المدروسة والموصوفة من قبل الطبيب مع تحديد كمياتها المطلوبة. * ما نصيحتكم للأمهات المصاب أطفالهن بالجفاف؟ - الأفضل ألا يصل الأمر لدرجة الجفاف، فسرعة مبادرة الأم بالذهاب إلى الطبيب واستشارته مهمة جداً، نحن لا نطلب من الأم أن تكون خبيرة بتشخيص الجفاف وتقييم درجته ولكن نطمح أن تكون على درجة من الوعي والدراية بحيث تراجع الطبيب في حال فقد ابنها للكثير من سوائل جسمه بأي طريق كان، وسرعة المراجعة مطلوبة حتى يعوض الجفاف باكراً ما أمكن ويتم تلافي اختلاطات نحن جميعاً بغنى عنها، فالجفاف بقدر ما هو سهل علاجه بقدر ما هو خطر إذا أهمل.