اطلعت على ما كتبه الأخ محمد بن عبدالعزيز الموسى في عزيزتي الجزيرة عدد 11704 تحت عنوان (وقفات حول الأخبار المزعجة عن المعلم) وتعقيباً حول ما طرحه الكاتب أقول: بادئ ذي بدء أنني لست معلماً فأنا خارج نطاق التعليم حتى لا يظن أحد أنني أدافع عن أخطاء بعض المعلمين لكن الواقع الملموس للمعلم في المحيط التربوي يحتاج إلى إعادة تقييم من الصحافة والمجتمع ورد اعتبار له. ففي وقتنا الحاضر كثر التجريح والنيل من جهود المعلمين والمعلمات وأصبحوا مادة دسمة للصحافة وكأنه لا يوجد في مجتمعنا فئة غير هذه الفئة فالسهام دائماً مصوبة تجاههم والكتاب جاهزون لتصيد الأخطاء الفردية وتضخيمها وتعميمها على كل هذه الفئة بلا استثناء، ألا يوجد من فئة الأطباء من أخطاؤهم قاتلة؟، ألا يوجد في فئة المهندسين من أخطاؤهم مدمرة؟، ألا يوجد من فئة التجار محتالون وغشاشون لصحة المواطن؟؟ لماذا التركيز على فئة المعلمين وإبراز أخطائهم؟. إن المعلم ليصاب بالإحباط لما يرى من التركيز عليه لكثرة ما يُنشر عنه في الصحف وتسليط المجهر على أخطاء بعضهم وتضخيمها. أليس من المؤسف أن ننشر ما يسيء إلى المعلم في صحفنا ونجعلها مادة دسمة للإثارة الصحفية فتارة يصفهم البعض بالموسوسين وتارة بالمتنطعين والتي لا تليق هذه الأوصاف إلا بالجهلة فإذا صدر من أحدهم خطأ وقد يكون غير مقصود عممناه على الجميع فصار الكل سيئين وطارت أخطاؤهم في الآفاق يقرؤها الكبير والصغير وهذا امتهان لحرمة المعلم ولعل هذا سبب رئيسي في تطاول بعض الطلاب عديمي التربية على معلميهم بالشتم تارة وبالضرب تارة أخرى لأنهم هانوا في نظر الطلاب ولم يعد لهم قيمة تربوية فإذا حدث خطأ لمدرس في جنوب المملكة أو شمالها سار كالنار في الهشيم وأصبح خطؤهم مادة للصحافة وحديثاً للمجالس. لقد أصبح المعلم في وقتنا الحاضر شماعة تعلق عليها أخطاء الآخرين فإن أخفق الطالب في تحصيله فالسبب المعلم لأنه لم يبذل جهداً وإن كان الطالب سيء التربية، فالسبب المعلم لأنه لم يطبق المثل (من صفعك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر)، وإن كان التقصير في ذات المنهج فالسبب المعلم لأنه لم يكيف المنهج على هوى الطالب، فالمجتمع وولي الأمر ووزارة التربية والتعليم مبرؤون من كل خطأ براءة الذئب من دم يوسف، فكل يوم يمر نحملهم أخطاء الطالب والبيت والمجتمع، وإذا كان هناك من غسيل للتربية والتعليم فهو ما ينشر في الصحف عن المعلم وتحميله جميع الأخطاء سواء كانت هذه الأخطاء أخطاء المجتمع المحيط بالطالب أو من سوء تربية الوالدين لابنهما. أما آن لنا أن نغمد أقلامنا عن تتبع هفوات المعلمين والمعلمات فهم ليسوا ملائكة بل هم بشر يخطئون ويصيبون وعلينا أن نقف بجانب من يربون أبناءنا ونعترف بفضلهم وجهودهم. أليس الأجدر أن نعالج أخطاءهم إذا حصلت في محيطهم التعليمي والتربوي دون تدخل الصحافة في شأنهم ونشر تلك الأخطاء على الملأ حتى لا تنزع ثقتهم بأنفسهم. فتش عن المشاكل التعليمية ستجد أن الطالب في الغالب هو السبب الرئيسي في المشكلة إلا ما ندر بسبب تربيته الهشة والمفقودة في كثير من البيوت ومع ذلك يقف كل من ولي الأمر وإدارة التعليم ومن ورائهما وزارة التربية مع الطالب بحجة أن الطالب هو الجانب الأضعف ولكن الأمر على العكس من ذلك فالطالب في وقتنا أصبح من الجانب الأقوى والمعلم هو الجانب الأضعف لأن كثيراً من الآباء تخلوا عن مسؤولياتهم التربوية وتركوا ذلك للشارع وقرناء السوء فتمرد الأبناء حتى على آبائهم فكيف بمعلميهم، فهم من باب أولى.. إذن ماذا ستكون النتائج، ستكون مزيداً من الإحباط للمعلمين ومزيداً من تطاول الطلاب ومزيداً من الإدانة للمعلمين.