مرة أخرى قفز سعر برميل النفط إلى نحو 53 دولارا مع توقعات بتجاوزه حاجز ال55 دولارا خلال الأيام المقبلة، نتيجة لمشاكل الإنتاج التي تواجهها الولاياتالمتحدة بسبب الأعاصير التي تعرض لها خليج المكسيك. كما تسبب إعصار إيفان منذ ثلاثة أسابيع في أن تبقى نسبة 29% من إجمالي 480 ألف برميل حبيسة في مناطق استخراجها بخليج المكسيك، بالإضافة لعدم استقرار الوضع في نيجيريا واستمرار أعمال المقاومة في العراق، وزيادة الطلب الصيني الذى زاد بنسبة 40% خلال عام، وهو ما ينذر بعدم تراجع الأسعار خاصة مع اقتراب فصل الشتاء الذى يشهد ارتفاعا في الطلب على الوقود للتدفئة خصوصا في الولاياتالمتحدة. ولم تفلح جهود منظمة الأوبك للعمل مؤخرا على محاولة ضخ مزيد من البترول في الأسواق لوقف تصاعد الأسعار، على الرغم من معارضة بعض الدول الأعضاء مثل ليبيا وفنزويلا لهذا الاتجاه، كما تبدو المنظمة عاجزة عن وقف هذا التصاعد في الإنتاج رغم قرار السعودية وإعلان الكويت أن مصافيها النفطية تعمل بكامل طاقتها، كما صرح بورنومو يوسجيانتورو الرئيس الحالي للمنظمة بأن أوبك لا تستطيع حاليا أن تفعل أي شيء لخفض الأسعار مشيرا إلى أن الارتفاع الحالي يمكن أن يؤدي إلى انكماش في الاقتصاد العالمي، فيما أكد عبد الله بن حمد العطية وزير الطاقة القطري أن الوضع صعب وأن أوبك بذلت أقصى ما في وسعها ولكنها (لا تملك عصا سحرية وكل ما نستطيع فعله قمنا به من خلال زيادة الإنتاج). وترى منظمة الأوبك أن سعر 25 دولارا لبرميل البترول يعتبر عادلا ومرضيا لكلا الطرفين المنتج والمستهلك، بل إن تثبيته عند هذا الحد قد يسهم في تأخير ظهور مصدر طاقة بديل قد يزيح البترول عن عرشه.. ويرى المراقبون انه بالفعل لا تستطيع أوبك أن تفعل شيئا حيال هذه الأزمة، مهما اتخذت من إجراءات، لأن هذا الارتفاع الهائل في الأسعار خارج عن سيطرتها، ففي السابق كان يتم التحكم فى أسعار النفط عبر زيادة أو تخفيض كميات إنتاجه لتتناسب مع متطلبات السوق، وعليه كان دائما من مصلحة أمريكا الضغط على المنظمة لتبقى معدّلات إنتاجها مرتفعة كي تكون الأسعار رخيصة، أمّا اليوم فالأسعار لم ترتفع دولارا أو دولارين، بل 25 دولارا، ورغم ذلك قامت (أوبك) برفع سقف إنتاجها إلى طاقته القصوى في محاولة منها لتخفيض الأسعار ولكن دون جدوى، حتى إن المملكة العربية السعودية والتي تبلغ طاقتها الإنتاجية القصوى نظريا حوالي 11 مليون برميل يوميا لم تستطع عبر زيادة إنتاجها مليوني برميل يوميا من تخفيض الأسعار. ويرجع المراقبون ارتفاع الأسعار أساسا إلى احتلال العراق، الذي حرم السوق النفطية من منتج أساسي للنفط مما انعكس سلبا على الأسعار، إضافة إلى الهجمات التي تستهدف أنابيب النفط مما يحول دون نقلها وتصديرها، وشعور السوق الدولية بأن ممرّات النفط ومنابعه لم تعد آمنة نتيجة للحرب على (الإرهاب) سواء في الخليج العربي أو شمالي أفريقيا، وخاصة فى نيجيريا التي تعتبر أكبر مصدر للنفط الخام في أفريقيا، أو فنزويلا في أمريكا اللاتينية، حيث لم تعد هذه المناطق آمنة، وبالتالي هناك تخوف على إمدادات للنفط ووصولها إلى الأسواق. يضاف إلى ما سبق، إعصار ايفان الذي ضرب ساحل الخليج الأمريكي في شهر سبتمبر وأدّى إلى خفض إنتاج النفط الخام الأمريكي واحتياطيّات البنزين إلى أقل مستوى له منذ عام 1950، مع الأخذ فى الاعتبار انخفاض المخزون الاستراتيجي للنفط في الولاياتالمتحدة، حيث أعلنت وزارة الطاقة الأمريكيّة أن احتياطي النفط أصبح فوق الحد الأدنى المطلوب بقليل، وهو ما جعل أمريكا لا تستخدمه فى ظل هذه الأزمة. وتشير المعطيات الدولية إلى ارتفاع كميات الاستهلاك العالمي وبالتالي ازدياد الطلب على النفط ومشتقاته خاصة في مناطق شرقي آسيا وخاصة الصين، مع اقتراب حلول فصل الشتاء، الذى يشهد طلبا متزايدا على المشتقات النفطية.