تميَّزت الحملة الوطنية لترشيد المياه لهذا العام عن الحملات السابقة بأنها لم تقتصر على مجرد التوعية والدعوة للترشيد في استخدام المياه فحسب، وإنما تجاوزت ذلك إلى قيام وزارة المياه بتوزيع صنبور مياه لكل مشترك يؤدي استخدامه إلى وفر في الاستهلاك قد يتجاوز 30%، وقد أكد معالي وزير المياه ان الوزارة قد استخدمت تلك الصنابير في مبنى الوزارة وقد أدى ذلك لخفض في استهلاك المياه بنسبة 40% عن الاستهلاك الاعتيادي للوزارة. وإذا كنا نثني على هذا التوجه للوزارة بإضافتها بعداً هاماً في حملتها لترشيد المياه هذا العام وذلك من خلال توزيعها لتلك الصنابير مجاناً لكل مشترك، فإن لي وجهة نظر تجاه ما قامت به الوزارة في هذا الخصوص. في ظني ان الوعي وتفهم المخاطر التي قد تلحق بنا جميعاً من جراء الاسراف في استخدام المياه هو الأساس الذي يجب أن نتعامل من خلاله مع تلك القضية الاستراتيجية.. وعلى الرغم من الحملات المتعددة التي تقام سنوياً حول أهمية ترشيد المياه والمحافظة عليها، والتي تشرف عليها وزارة المياه، إلا انني اعتقد بأن تلك الحملات لم تأت بجديد، بل إنني لا أبالغ في القول بأن شريحة كبيرة منا كسعوديين غير مدركة للقادم من المخاطر في حال نضوب المخزون المائي لدينا، وما يؤكد ذلك ان تلك الشريحة لا تزال تسرف وبشكل مبالغ فيه عند استخدامها للمياه. وفي الوقت الذي أُثني فيه على ما قامت به الوزارة من إهداء صنبور مياه لكل مشترك مجاناً، إلا انني غير متفائل بان ما قامت به الوزارة سوف يؤدي إلى تحقيق ما نصبو إليه جميعاً من ترشيد الاستهلاك في المياه لأسباب عدة منها: 1) طالما ان مستوى الوعي بأهمية الترشيد في استخدام المياه لدينا لا يزال محدوداً، فإنني اشكك في تفاعلنا مع تلك الهدية التي قدمتها الوزارة لنا، وفي ظني ان البعض منا قد لا يستخدم تلك الهدية بتاتاً، والبعض الآخر قد يستخدمها، ولكنه قد لا يكلف نفسه عناء شراء بقية الصنابير الأخرى التي يحتاجها المنزل، وذلك لمحدودية الوعي من جهة ولانخفاض تكلفة المياه من جهة أخرى. 2) لكي تحقق وزارة المياه هدفها من توزيع تلك الهدية (صنبور المياه)، فيجب ألا تكتفي فقط بذلك وانما عليها ان تعمل على دعم تسويق هذا النوع من الصنابير سواء من خلال عدم فرض رسوم جمركية على الصنابير المستوردة منها، أو من خلال فرض رسوم ضريبية عالية على بقية الصنابير الأخرى التي يؤدي استخدامها لهدر المياه، كما ان على وزارة المياه ان تعمل على دعم تصنيع هذا النوع من الصنابير الاقتصادية داخل المملكة من خلال تقديم مختلف أوجه الدعم الممكنة لأصحاب المصانع المتخصصة في هذا المجال، في ظني ان تنفيذ كل تلك القنوات سيكون كفيلاً بقيام كل مشترك باستخدام تلك الصنابير الاقتصادية دون الحاجة إلى حملات ترشيد اضافية من قِبل الوزارة. 3) على وزارة المياه أن تسعى إلى اصدار قرار لمجلس الوزراء يلزم كافة الوزارات والأجهزة الحكومية وما يتبعها من مدارس ومراكز صحية ومساجد واقسام مرور وشرط وكافة ما يتبع أجهزة الدولة من مبانٍ ومنشآت بان تستخدم تلك الصنابير الاقتصادية. 4) أن يتم إلزام كافة المؤسسات والشركات والمحلات التجارية باستخدام تلك الصنابير الاقتصادية على ان تنظم الوزارة حملات تفتيش ومتابعة للتأكد من تطبيق ذلك، مع أهمية فرض العقوبات المالية العالية في حال عدم قيامها بذلك.. هذه بعض المرئيات التي رأيت أن أشارك بها الإخوة بوزارة المياه في معالجة قضية الإسراف في استخدام المياه، فلعله يكون في تفعيلها ما يسهم في القضاء على هذا الهمّ الذي يؤرّقنا جميعاً.