إن أمة بلا ماضٍ أمة بلا تاريخ، ليس لها أن تفاخر وتعتز بالحاضر؛ لأنها مقطوعة الصلة بماضيها. ونحن شعب المملكة العربية السعودية حقيق بنا أن نفاخر ونعتز بمرور مائة عام مضت على قيام هذه الدولة المباركة، وهي في نظر المنصفين وأهل الرأي لا تزال فتية تمتلك مقومات النمو والاستمرار؛ لقيامها على أسس متينة من الدين والعقيدة، ولكونها أخذت الحضارة المعاصرة على أسس صحيحة بما لا يتعارض مع الدين والعادات الحميدة والتقاليد الطيبة. وفي مجال التعليم أخذت بحظٍّ وافر منه، حتى دخل كل قرية ومدينة وهجرة، وإن شئت فقل: دخل كل بيت، منذ أن وضع رائد التعليم الأول خادم الحرمين الشريفين الملك فهد - حفظه الله - أسس التعليم وضوابطه ولا تزال قافلة التعليم تمشي بخطاً حثيثة، حتى وصل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي والتعليم العالي إلى أرقى مستوى في العالم المعاصر. كما شرفت هذه البلاد بخدمة الحرمين الشريفين وعمارتهما على أرقى مستوى. ومن أسباب مقومات الثبات والاستمرار أنها جعلت الشريعة الإسلامية نظام حكم ومنهج حياة منذ توحيد البلاد على يدي الملك عبد العزي رحمه الله. ثم تولى القيادة من بعده أبناؤه البررة، فساروا على نفس الطريق، فأمنت الطرق، وطبقت شريعة الله، وقام رجال الحسبة وأهل الدعوة والدعاة بالتصدي للشر وأهله، فأمروا بالمعروف، ونهوا عن المنكر، وأنشئت إدارة مكافحة المخدرات لمساندة رجال الأمن في نشر الأمن واستئصال الأعضاء الفاسدة ومنع ترويج المخدرات واستعمالها. كما قامت صناديق الاقتراض بمساعدة المزارعين والصناعيين ومَن يرغب في إقامة بيت يؤويه، حتى أصبحت بلادنا -ولله الحمد- مضرب المثل في التقدم والرقي والأمن والعلم والتعليم. وفتحت المحاكم في مناطق المملكة ومحافظاتها ومراكزها لمساعدة الإدارات الحكومية المختصة بالحفاظ على الأمن وجهات التنفيذ في تثبيت دعائم العدل ونشر الأمن وردع الشر وأهل الفتن بواسطة قضاة مؤهلين علمياً ومدربين عملياً على أسس علمية وأصول شرعية تتماشى مع العصر وتمضي قدماً مع التطور، فكانت دولة عصرية ذات قواعد متينة وأصول راسخة قوية، لا تهزها الأعاصير، ولا تضرها التيارات المغرضة والأفكار الهدامة والأفعال المشينة. فنسأل الله أن يديم على هذه البلاد أمنها وعزها، وأن يحفظ قائد مسيرة هذه البلاد وولي عهده ونائبه الثاني وجميع العاملين المخلصين.