تمرّ بنا في هذه الأيام ذكرى خالدة في نفس كل مواطن سعودي، وهي ذكرى مسيرة المجد والبناء، وما ننعم به اليوم من رخاء وتقدم، وأمن واستقرار، ومحبة ووفاق، وفخر ومجد، وإعجاز وإنجاز.. حيث نعيش ولله الحمد في حقبة زاهرة، وأيام مشرقة باسمة حيث المنجزات العظيمة، والمشروعات الإنمائية المتعددة، خلال المسيرة الناجحة لمملكتنا الغالية بدءاً برائد توحيدها الملك عبد العزيز -رحمه الله- وصولاً لراعي نهضتها الحديثة خادم الحرمين الشريفين، وإخوانه الميامين، الذين سعوا للنهوض بهذه البلاد في مختلف برامج التنمية والتطوير، حتى جاء تفوق بلادنا تجسيداً حقيقياً لمنجزات تنموية كبيرة تحققت،وإذا كانت هذه المنجزات لا تقاس بزمن فإنما ترمز لوحدة الأمة واستقرارها، حيث وصلت بلادنا ولله الحمد في هذا العصر إلى قمة نهضتها بفضل الله ثم بفضل الخطط التنموية الحكيمة، إذ إن حجم المعطيات الحضارية التي شهد الوطن تحققها في عام واحد يعدل إنجازات عديدة تحتاج بعض الدول إلى عقود حتى تبلغها. وإذا كان اليوم الأول من الميزان في كل عام يمثل اليوم الوطني للمملكة فإنها ذكرى محفورة في ذاكرة التاريخ نستلهم منها ملحمة البناء والكفاح التي قام بها الملك المؤسس طيب الله ثراه، حيث كان من انتاجها تأسيس هذا الكيان العظيم الذي رعاه من بعده أبناؤه البررة، حتى ساد الأمن والرخاء بعد الخوف والجوع، والوحدة بعد الفرقة والشتات، فلقد جمع بحكمته قبائل الجزيرة العربية تحت راية التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) على قلب واحد، فساد الأمن والاستقرار، وسطع نور العلم والمعرفة في هذه الربوع الطاهرة، حتى أصبح هذا الوطن بفضل الله ثم بفضل القيادة الراشدة يشار إليه بالبنان بين دول العالم المتقدمة. ولما كان وطننا شامخاً ورائداً على المستوى العربي والإسلامي والعالمي- شعاره التوحيد، ودستوره القرآن- اتجهت نحوه بعض التشكيكات والأقاويل الحاقدة، والأقلام الكاذبة والهجمات الشرسة، التي تحاول زعزعة الأمن في ربوع وطننا المعطاء، والنيل من مكتسباتنا الحضارية والتنموية المتعددة، ومما زاد الأمر سوءاً هو تنكر بعض أبناء هذا الوطن في صورة فئات ضالة مجرمة، خرجت من أوكارها لتنال من هذا الكيان الشامخ بفكر منحرف والعياذ بالله نتج عنه ترويع الآمنين، وقتل الأنفس البريئة، وإلحاق الضرر بالممتلكات ونحو ذلك، ومع ذلك قوبلوا بتلاحم الشعب مع القيادة، وملاحقة ناجحة من رجال أمتنا البواسل، حتى تساقطت رموز هذه الفئة الضالة، إذ لم تفلح محاولاتها حتى في إيجاد ثقب صغير تنفذ منه إلى قوة وحدتنا الوطنية، وتماسك القيادة والمواطنين، ولا أدل على ذلك من المجالس المفتوحة لقادة هذه البلاد وما يتلقونه من أبناء شعبهم الوفي من شجب واستنكار لهذه الأعمال الغوغائية والإجرامية، مؤكدين على التلاحم الوطني في مكافحة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، وكل ما يتعرض له الوطن من فكر منحرف لا يمت للإسلام بصلة. إن التلاحم الذي يعيشه شعبنا مع القيادة الحكيمة، يؤكد المسيرة الصحيحة التي كان لها دور كبير في النهضة الكبرى التي تعيشها بلادنا، محققة في ذلك أرقاماً قياسية لم تشهدها دول أخرى. إن هذه الذكرى العبقة تجعلنا أكثر حرصاً، وأشد عزماً على مواصلة المسيرة، ومتابعة التطور، والتقدم في كافة المجالات، بما يحقق طموحات الوطن في التقدم والتنمية. وما أجمل الذكرى التي ترسم الطموحات، وما أروع وطن الشموخ الذي يتبنى شعار العطاء بلا حدود في مختلف المجالات التعليمية والاقتصادية والزراعية، والاجتماعية، والرياضية، ونحوها يدعمها بناء راسخ وتخطيط سليم وقيادة واعية. وإذا كان التعليم هو أساس ورقي وحضارة كل أمة فإن قيادتنا الراشدة -أعزها الله- أولت التعليم جُلّ اهتمامها، حيث تم إنشاء العديد من المدارس، والكليات، والجامعات، مراعية في ذلك متطلبات سوق العمل، واحتياجات مسيرة التنمية. وفي جامعة الملك خالد- على سبيل المثال- تم إنشاء العديد من الكليات، والعمادات المساندة ومراكز البحث العلمي، وزاد عدد الطلاب والطالبات، وتم استحداث برامج للماجستير والدبلومات، وذلك في فترة قصيرة من عمر الجامعة المديد- بإذن الله- وفيما يلي إحصائية موجزة بإنجازات الجامعة منذ نشأتها عام 1419ه حتى تاريخه: * بلغ عدد الطلاب والطالبات حوالي (16649) طالب وطالبة. * بلغ عدد الخريجين حوالي (9773) طالب وطالبة. * بلغ عدد الطلاب والطالبات ما دون الجامعي (1961) في حين بلغ عدد الخريجين منهم حوالي (530) طالب وطالبة. * بلغ طلاب مرحلة الدبلوم فوق الجامعي (241) في حين بلغ عدد الخريجين (221) طالب وطالبة. * بلغ عدد طلاب مرحلة الماجستير (61) في حين بلغ عدد الخريجين (20) طالباً. * بلغ عدد أعضاء هيئة التدريس (415) سعودياً و (355) غير سعودي. * تم استكمال إنشاء أربع عشرة كلية، إضافة للمركز الجامعي لدراسة الطالبات في عام 1424-1425ه. * بدأت الجامعة في المرحلة الأولى من إنشاء المدينة الجامعية بالفرعاء في منطقة عسير. وإذا كان ما سبق ومضات من أوجه التنمية التي تعيشها بلادنا في مختلف الميادين، فإننا نسعد بطلوع إشراقة هذا اليوم الذي نعيشه، ويتجدد فينا الأمل والعطاء لبناء أفضل. ولا يسعني في هذه المناسبة إلا أن نقف إكباراً وإجلالاً وتقديراً لتلك البطولات والإنجازات، سائلين المولى الكريم أن يرحم مؤسس هذا الكيان العظيم، وأن يحفظ لنا أمننا واستقرارنا، وأن يحفظ بلادنا من كيد الكائدين، وأن ينصر قادة هذه البلاد ويحفظهم من كل سوء إنه سميع مجيب. *مدير جامعة الملك خالد