خلال عام مضى على مجتمعنا السعودي يستحق أن نعود بالذاكرة فيه إلى بعض الإنجازات الوطنية والمشاهد التنموية، ويحسن أن يكون منهج المملكة في التعامل مع الحوادث الإرهابية تحديداً محطة مهمة للوقوف عندها، حيث يعتبر أسلوب المملكة في معالجة هذه القضية والتعامل معها منهجاً حكيماً، وإنجازاً كبيراً في سجل المملكة الحافل بالإنجازات التي نفاخر بها. إن مشروع المملكة في مكافحة الإرهاب خلال مشاهدات العام الماضي جاء متسماً بكثير من الصفات التي تحقق من خلالها كثير من الإيجابيات ولله الحمد، ونتوقف عند بعض الملامح والنقاط لقراءة هذه الإيجابيات. وقد أسهمت وسائل الإعلام في المملكة على مختلف أنواعها في القيام بهذا الدور الفاعل، وبمشاركة كبيرة من كبار العلماء وأهل الرأي وأرباب القلم والثقافة، ولا شك أن الإفادة من وسائل الإعلام في عصرنا الحاضر من أهم الوسائل التي يعول عليها لتوجيه الناس ونقل الفكر الصحيح والتوجه السليم وتفنيد الانحرافات الفكرية والممارسات السلوكية الخاطئة. - توكيد الدولة - حفظها الله- على وجوب تحمل المسؤولية الدينية والاجتماعية والثقافية الملقاة على عاتق الجميع كل حسب موقعه، وقد جاء هذا مؤكداً وبشفافية في خطابات سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله للأئمة والخطباء ورجال التربية والتعليم وغيرهم، ومتضمنة ضرورة بذل الجهود اللازمة لتربية الأجيال على الأخلاق الإسلامية وتجنيبهم المسارات المنحرفة والأفكار الهدامة، وهي خطوة توجب على كل شخص أن يكون كيساً فطناً، منتبهاً ويقظاً لدوره في الأسرة أو المدرسة أو المسجد أو الوظيفة وغيرها، وأن ينأى بنفسه عن أن يكون باباً يؤتى منه لتحقيق مآرب مشبوهة أو مقاصد خبيثة تسيء للبلاد وأمنها واستقرارها. - إشهار الخطأ الذي وقع فيه أصحاب هذا التوجه، وإعلان البراءة منه على لسان المتورطين عبر وسائل الإعلام، وهذا قبل أن يكون ظهوراً للحق في حقهم فإنها إدانة شرعية صريحة لا تحتمل تأويلاً أو تخريجاً للفكر الخطير الذي نتجت عنه هذه الجرائم المركبة. كما أكد ذلك أن الخروج على ولي الأمر واستباحة الدماء والأموال أمر مرفوض لا يمكن أن يستند فيه إلى الدين على الإطلاق، ولا يمت إلى منهج أهل الإسلام بصلة. - إعلان الدولة وعلى أعلى مستوى مدة شهر للعفو عن الفئة الضالة إذا تراجعت عن غيها وباطلها وذلك فيما يتعلق بالحق العام، وإتاحة الفرصة لأفرادها من أجل الرجوع إلى جادة الصواب، وإقلاعها فوراً عن استباحة دماء المعصومين وأموالهم ومكتسباتهم وترويع الناس وإخافتهم، وقد أثبت هذا الإعلان للجميع ما تتصف به الدولة من رحمة وشفقة، إذ أن إعطاء بعض الوقت للتأمل والتفكير والمراجعة كفيل بإذن الله تعالى أن يدرك العاقل الموفق ما وقع فيه من ضلال وخطأ، فيعود بعد ذلك إلى المنهج الصحيح والطريق المستقيم. - اطمئنان الناس على ما تتخذه الأجهزة الأمنية من إجراءات، تبين من خلالها أيضاً بسالة رجال الأمن وقوة قدرتهم بعد توفيق الله عز وجل على تتبع فلول الإرهابيين، وتفانيهم في خدمة الدين ثم المليك والوطن، فقدموا أرواحهم في سبيل الله وضربوا أروع المثل فاستحقوا وسام الشرف، نسأل الله تعالى لجنودنا البواسل الذي راحوا ضحية لغدر الإرهاب أن يجعلهم في منازل الأنبياء والشهداء والصالحين. - أنتجت الأحداث الإرهابية تلاحماً واسعاً بين القيادة الحكيمة والشعب السعودي النبيل، وعبر عنها وفود من القبائل والعشائر والمدن والقرى، مما أثار حفيظة الأعداء، وعكست هذه الصورة موقفاً مشرفاً لأبناء الوطن مع قيادته الكريمة وولائه لها، وكان لموقف القيادة مع الوطن والمواطنين وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وسمو وزير الداخلية أبلغ الأثر في نفوس الناس، وإن لزيارات أصحاب السمو الأمراء لأسر الشهداء وللمصابين، ومتابعة أحوالهم والسؤال عنهم دلالة واضحة على مستوى هذا التلاحم الرائع. - قرار خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله منح بدل لمكافحة الإرهاب، جاء ليثبت اهتمام الدولة بأمن مواطنيها وسلامة أراضيها والمقيمين عليها، وعزمها على مواجهة الإرهاب وتسخير ما أمكن لحفظ الأمن وتأمين الناس على أرواحهم وأعراضهم وممتلكاتهم، وتوفير الخير والرخاء والاستقرار لهم. - إن سقوط بعض رموز الإرهاب في المملكة ما بين قتيل ومقبوض عليه، وتفكيك الخلايا الإرهابية خلال هذا العام كما يؤكد وقوف الجميع ضد الإرهابيين، فهو يدعو إلى القراءة الحقيقية لمشروع المملكة في مواجهة الإرهاب وما تحقق له من إنجازات عملية على أرض الواقع، ما يؤكد مضي المملكة قدماً في تعقب الإرهاب وجذوره وإزاحته من طريق التنمية والبناء والاستقرار. ندعو الله عز وجل أن يحقق لبلادنا الغالية ما تصبو إليه من خير وأمن واستقرار، وأن يحفظها من كيد الكائدين، وأن يديم لها دينها وأمنها ورخاءها في ظل قيادتها الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وصاحب السمو الملكي 7الأمير سلطان بن عبدالعزيز وفقهم الله وأعانهم وأيدهم بنصره. ( * ) وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية