في مثل هذا اليوم من عام 1812م تمكنت قوات نابليون بونابرت الفرنسية من الاستيلاء على عاصمة الإمبراطورية الروسية موسكو بعد حوالي ثلاثة أشهر من بداية الغزو الفرنسي لروسيا. والمفارقة أن حلم نابليون بالاستيلاء على روسيا كان سبب انهياره وهزيمته ليموت منفياً في جزيرة سانت هيلانة في المحيط الهندي تماماً كما كان حلم الزعيم النازي أودولف هتلر بالاستيلاء على الاتحاد السوفيتي السبب المباشر في هزيمته. بعد نجاح نابليون في الوصول إلى حكم فرنسا في أعقاب الثورة الفرنسية عام 1789م أصبح يحلم بالاستيلاء على أوروبا كلها. وبالفعل تمكن من فرض السيطرة الفرنسية على مساحات شاسعة في أوروبا حتى أطلق على نفسه لقب ملك إيطاليا. وازداد عدد أفراد الجيش الفرنسي ليصل إلى حوالي 600 ألف جندي وهو جيش ضخم للغاية بمقاييس ذلك الوقت. وقد عرف الجيش الفرنسي في ذلك الوقت باسم (الجيش الكبير). وبلغت قوة نابليون أن قال إمبراطور روسيا ألكسندر رومانوف: (إذا أراد نابليون غزو بلادنا فسوف يهزمنا لكنه لن يحصل على السلام). وقد كانت مقولة رومانوف أشبه بالنبوءة. فقد سارت قوات نابليون نحو روسيا في الرابع والعشرين من يونيو عام 1812م في اتجاه الأراضي الروسية. وكان الروس ينسحبون بمجرد الاشتباك مع القوات الفرنسية حتى تمكن نابليون من الاستيلاء على حاضرة الإمبراطورية الروسية بالفعل ولكنه فشل في الاحتفاظ بهذا الانتصار وتمكن الروس من هزيمته بعد ذلك عندما عجز الفرنسيون عن تحمل شتاء روسيا الجليدي فانتشرت الأوبئة بين الجنود الفرنسيين وتساقطوا قتلى. وكان الروس يراهنون بالفعل على شتاء بلادهم الذي لن يتحمله الغزاة. فقال أحد الروس بعد استيلاء الفرنسيين على موسكو: (سوف نتركهم لطقسنا وسوف يشن شتاؤنا الحرب ضدهم). وبالفعل حارب الشتاء من أجل الروس وانتصر لهم واضطرت قوات نابليون إلى الانسحاب. وفي السادس عشر من ديسمبر عام 1812م علمت فرنسا أن جيشها (الكبير) الذي يضم 600 ألف جندي لم يعد له وجود تقريباً وأن جليد روسيا التهمه وانتهى الأمر بأسر نابليون بونابرت نفسه ونفيه.