يوجد ارتباط وثيق الصلة بين ثراء رجال الأعمال وثراء الدولة (أي دولة) وطالما أن الأمر كذلك فإنه ينبثق من هذه الحقيقة حقيقة أخرى، وهي أنه يوجد طوق من المسؤولية في عنق رجال الأعمال وأرباب الأموال تجاه دولهم ومواطنيهم، وإن انعدمت هذه المسؤولية أو انحسرت في بلد ما.. فيجب ألا تنعدم في بلدنا بأي حال من الأحوال، وإن تعاظم هذه المسؤولية المنوطة على رجال الأعمال في بلدنا يمكن أن نرجعها الى جملة أسباب منها: -على سبيل المثال لا الحصر-: أن صناديق الاستثمار على مختلف مناشطها في دولتنا الرشيدة مشرعة أمام رجال الأعمال على مختلف مستوياتهم، فكل أخذ من القروض الميسرة طويلة الأجل وقصيرها، وبدون فوائد تذكر، كما أن الدولة- أعزها الله- قدمت لرجال الأعمال تسهيلات إدارية واقتصادية وقانونية، كما أن الدولة- حفظها الله- ساعدت رجال الأعمال وقدمت لهم الحماية ولمنتجاتهم، فالدولة احتضنت رجال الأعمال، كما تحتضن الأم أولادها ولذا فإن على المال والثروة واجب إلزامي وواجب أقل من ذلك درجة.. فالواجب الإلزامي يتمثل في الزكاة المشروعة، والواجب الثانوي يمثل في الصدقات والهبات والأوقاف.. ورجال الأعمال من هذا المنطلق في أعناقهم حقوق للدولة والمجتمع. ومن المفارقات العجيبة في بلادنا حينما يتكلم رجل الأعمال عن نجاحاته وإنجازاته، وكيف جمع ثروته ترى عجباً فهو يتكلم عنها (الثروة) وكأنه جدف لإيجادها في بحر الظلمات، أو كأن أسنانه ذات يوم اصطكت عليه في أرض القطب، وما علم أن ما بين يديه كان سببه خزينة الدولة في يوم ما، ومع ذلك كله فإن المنظم في الدولة حينما يسن القوانين فإنه يجعل على عينيه ملاءة ومن ثم يغض الطرف عن تجاوزات رجال الأعمال، وإلا فالوطن والمواطن يتحملان على حد سواء تبعات مشاريع رجال الأعمال من التلوث والضوضاء. أو ما يسمى في علم الاقتصاد (بالتكاليف الاجتماعية)، وإني هنا لا أريد أن أدق إسفينا بين الدولة ورجال الأعمال-حاشا لله- أن يكون هذا مقصدي إنما أريد أن يسيطر في هذه الحالة مبدأ (اربح وربح) فالاقتصاد المتين هو ذلك الاقتصاد الذي ليس فيه ثراء فاحش، أو فقر مدقع، وحتى لا يتلصص الفقير على الغني، ولا الغني يتعالى على الفقير، فأي اقتصاد مواصفاته (التوازن) فهذه هي بغية الجميع.. وإننا حين نلوم رجال الأعمال على تقصيرهم هذا لأن الدولة قامت بإنشاء بنية ممتازة من طرق وجسور ومطارات وإيجاد خدمات منظورة وغير منظورة، وإن الذي يستفيد منها هم رجال الأعمال!! وهل يعقل ان يساوى رجل أعمال يملك ثلاثين مركبة يجوب بها طول البلاد وعرضها بشخص لا يملك إلا سيارة واحدة يستقلها من البيت إلى العمل والعكس؟ لذا من استفاد من خدمات الدولة يجب أن يعطي بقدر ما أخذ،.. إني في هذا المقال أريد أن أرسخ فكرة المواطنة عند القطاع الخاص، وأن تكون المواطنة مسجلة أمام أعينهم في مكاتبهم أينما حلوا وارتحلوا، وحتى أكون منصفاً يوجد هناك أشخاص في القطاع الخاص عرفوا هذا المفهوم فيستحقون أن تسجل اسماؤهم في سجلات الشرق. والدولة- حفظها الله- حنونة فيما يجب على القطاع الخاص، فلما طالبت الدولة القطاع الخاص بالسعودة لم ترق له هذه الفكرة وراح يتهرب بشكل او بآخر، علماً ان الدولة لم تحدد حداً أدنى للأجور، وطالما أننا في المسؤوليات والحقوق فيجب أن يوجد هناك إجراءات تبين حقوق رب العمل والعامل وإجراءات تبين ما على كل فئة.. لأننا نفتقر الى مثل هذه الإجراءات والقوانين، وأنا هنا سأقترح اقتراحاً متواضعاً يخص السعودة في القطاع الخاص وهو إيجاد رسم سنوي على أي شركة أو مؤسسة تستقدم عمالة أجنبية غير تلك الرسوم المعتادة عند الاستقدام، على أن يدفع رب العمل هذا الرسم السنوي عن كل فرد من العمالة الوافدة.