منذ تأسيس هذه البلاد الطيبة المباركة على يد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - طيب الله ثراه - وهي تضع نصب عينيها نصرة هذا الدين ودعمه ودعم مناشطه وتلمس احتياجات المسلمين والهيئات الإسلامية ومساندتها ودعمها بكل أشكال الدعم، ولعل الراصد لمسيرة العمل الإسلامي سواء في الداخل والخارج يلمس صورا وأشكالا لهذا الدعم الذي أخذ أكثر من صيغة وأكثر من اتجاه وأكثر من شكل. لقد شيدت عشرات المراكز والمعاهد الإسلامية وعشرات المساجد في الخارج وصارت مراكز إشعاع إسلامي حضاري لبثّ الإسلام في كل مكان من هذا الكون واضطلعت المملكة بأكثر من دور في هذا المضمار ولم تكتفِ المملكة بدعم المسلمين في العالم بالشكل الإغاثي أو المساندة العاجلة عند حصول الكوارث أو الحروب بل اضطلعت المملكة برسالة أكبر وأشمل وهي إيصال العلم الشرعي الصحيح النافع لكل مسلم بل ولغير المسلمين أيضا حتى تقدم الحجة على الجميع وحتى يصل الدين الإسلامي لكل نقطة في هذا العالم، وأقيمت لهذا الغرض الهيئات والمؤسسات الإسلامية بل وأنشأت الدولة - أيدها الله - وزارة مستقلة لهذا الغرض، وكانت المملكة تدرك أهمية أن يصل العلم الشرعي الصحيح لسكان هذا الكون مسلمهم وغير المسلم حتى تضمن البلاغ الصحيح الصادق لهذا الدين. وقيادتنا الرشيدة منذ عهد المغفور له الملك عبدالعزيز ثم أبنائه البررة من بعده يستشعرون هذا الدور ويتحسسون هذه الرسالة العظيمة ولا يغفلون عنها أبدا، ولهم في كل قارة وفي كل دولة أكثر من شاهد حي على الوفاء بهذه الرسالة والاضطلاع بهذه المسؤولية العظيمة ورعايتها والعناية بها على أكمل وجه، والمسلمون في كل مكان يشهدون بذلك. ولقد كنت ممن عايش البدايات الأولى لمؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية، على يد سماحة العلامة شيخ العلماء ورئيس القضاة ومفتي الديار السعودية آنذاك الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبداللطيف آل الشيخ - رحمه الله - وكان هاجسه وهدفه - رحمه الله - لحظة تأسيسها أن تكون مؤسسة إسلامية دعوية إعلامية شاملة بمعنى أنها لا تقتصر على مجرد إصدار صحف أو مجلات أو تكتفي فقط بالشق الإعلامي بل كان هدفه - رحمه الله - أن تقوم بمسؤولية شرعية دعوية شاملة فتسير الدعاة في الداخل والخارج، وتقيم المحاضرات والندوات والمنتديات الشاملة، وتستقطب كل عمل شرعي وإعلامي وترعاه حق رعايته. وبالفعل شُكل لها مجلس إدارة ضم نخبة من العلماء والقضاة والفقهاء البارزين، وترأس أول مجلس لها معالي الشيخ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ حيث كان معاليه يتولى منصب نائب رئيس دار الإفتاء ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء آنذاك. فيما ضم أول مجلس إدارة عام 1384ه أصحاب الفضيلة وأذكر منهم الآن سماحة الشيخ صالح بن محمد اللحيدان، ومعالي الشيخ راشد بن صالح بن خنين، والدكتور عبدالعزيز بن عبدالمنعم، والشيخ عبدالله بن منيع، ومعالي الشيخ محمد بن جبير، والدكتور ناصر الطريم، وآخرون لا تسعفني الذاكرة بأسمائهم الآن. وأصدرت جريدة (الدعوة) ومجلة المنار ثم رأى سماحة الشيخ - رحمه الله - بعد ذلك أن يقتصر دور المؤسسة على الشق الإعلامي الصحفي فقط، وأن يسند باقي الأعمال لهيئات وجهات أخرى مؤكدا - رحمه الله - على أهمية التخصص في العمل وأن يقتصر مجال عمل المؤسسة على الإعلام فقط. ومنذ ذلك الوقت والمؤسسة تضطلع بدورها وتقوم برسالتها الإعلامية بدعم ومتابعة من أصحاب المعالي والفضيلة أعضاء المؤسسة، وقد كان لي شرف عضوية هذه المؤسسة طوال تلك السنين، حيث تشرفت بالعمل مع هذه النخبة الطيبة المباركة من العلماء والفقهاء والدعاة والقضاة. وقد واصلت المؤسسة مسيرتها طوال هذه العقود الأربعة وحققت العديد من النجاحات، وكان لها حضورها المتميز النشط إلى أن أصبحت اليوم تصدر حوالي خمسة إصدارات (الدعوة) و(أسرتنا) و(الدعوة الإنجليزية) و(الدعوة الفرنسية) وكتاب الدعوة ومناشط إعلامية أخرى. كما حظيت هذه المؤسسة باهتمام ودعم كبير من قيادتنا الرشيدة فقدم لها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - أكثر من دعم وأكثر من تبرع في سنوات مختلفة واليوم تتلقى المؤسسة دعما سخيا من سلطان الوفاء والخير صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام والذي قدم لها سموه دعما ماديا كبيرا إيمانا من سموه - حفظه الله - بأهمية دعم كل مشروع إسلامي خيري يهدف لخير الإنسان وخير الأمة وامتدادا طبيعيا لمآثر سموه في دعم مجالات الخير. وقد توجت تلك الأعمال الجليلة الصادقة لسموه بالعديد من الجوائز العالمية الشهيرة وكان آخرها جائزة دولية كبرى تمنحها دولة الإمارات العربية المتحدة لأبرز الشخصيات الإنسانية الإسلامية حيث توج سموه (الشخصية الإنسانية لعام 2002م) بإجماع جميع المرشحين. وقد جاء اختيار صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز لنيل الجائزة اعترافا وتقديرا لسجله الحافل بالعطاء في مجال الخدمات الإنسانية ابتداء من دعم سموه لكل مشروع خيري وإنساني ودعوي وشرعي، ثم سعى سموه لإنشاء هيئات ومؤسسات خيرية على رأسها إنشاء مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، ومدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية التي تعد أكبر مدينة تأهيلية من نوعها في العالم. ومركز الأمير سلطان للنطق والسمع بمملكة البحرين الذي أقيم بالتعاون بين مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود للأعمال الخيرية، والجمعية البحرينية لتنمية الطفولة. ومشاريع مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية للأسر المحتاجة. وبرنامج سلطان بن عبدالعزيز للاتصالات الطبية والتعليمية (مديونت) ومركز سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتقنية وتأسيس ورعاية مجلس العالم الإسلامي للإعاقة والتأهيل ودار الاستشارات الطبية والتأهيلية، والمركز المشترك لبحوث الأطراف الصناعية والإشراف على مركز الملك عبدالعزيز لدراسات العلوم الإسلامية بجامعة (بولونيا) في إيطاليا، وبرنامج الأمير سلطان بن عبدالعزيز للدراسات العربية والإسلامية بجامع (بيركلي) بالولايات المتحدةالأمريكية إضافة إلى العديد من المشاريع التنموية والاجتماعية والصحية التي صبغت جميعها بالطابع الإنساني. وكانت هذه بعض النقاط التي أشارت لها الجائزة في ذلك الوقت. وقد أكد العديد من المفكرين والمثقفين والإعلاميين في ذلك الوقت على أن فوز سموه بهذه الجائزة الكبيرة حدثا يحمل مضامين إنسانية، رفيعة ويعكس ما تتمتع به شخصية سموه الاستثنائية من حب للخير وسعي دائم لنجدة الملهوف وإغاثة المنكوب وتفريج كرب المحتاجين والمرضى والمعوزين، مؤكدين أن سموه نذر نفسه ووقته لخدمة الأغراض الإنسانية ليس فقط في المملكة العربية السعودية، وإنما امتدت أياديه الكريمة عبر امتداد الوطن العربي والإسلامي. ونحن بالطبع لا نستغرب حصول سموه على هذه الجائزة التي تحمل معنى التقدير لسموه الكريم خاصة بعد ما عرفه العالم سبّاقا إلى الخير، أصيلا ونبيلا في تعامله مع الناس على اختلاف أعمارهم وأجناسهم ولم يدخر وسعا من أجل إسعادهم. إن أبرز الأسباب التي تم اختيار سموه على أساسها للفوز بتلك الجوائز الدولية الكبرى هي تاريخه الإنساني الأصيل والإنجازات المشرفة لسموه على أرض المملكة أو خارجها على شكل مشاريع تنموية تشمل مختلف أنواع الرعاية الصحية لمن يحتاجونها والخدمات الإنسانية للمعوقين والمشاريع التربوية والثقافية والاجتماعية وغيرها ومساعدة ودعم كل الهيئات الإسلامية والخيرية والإنسانية. إنه من الصعب حصر جهود ومساهمات سموه في الخير ودعم المنظمات الإنسانية والمشاريع الإسكانية للفقراء وتطبيب المرضى. لقد برز صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز على ساحات العمل الإنساني بحيث أصبح ما يقدمه سموه وما يضطلع به من إنجازات في شتى المجالات الخيرية والإنسانية داخل المملكة وخارجها شيء لا يخفى على أحد، فمن خلال مؤسساته الخيرية والإنسانية يقدم خدمات ملموسة لفئات معينة من الناس مثل المرضى والمعاقين والمسنين بالإضافة إلى توفير الرعاية الاجتماعية والصحية والتأهيل الشامل لهذه الفئات وغيرها الكثير من أعمال الخير والبر. إن الحديث عن سجل سموه المشرف في دعم سائر الميادين الشرعية والخيرية والدعوية حديث طويل ويحتاج إلى أكثر من سفر فله - حفظه الله - يد بيضاء وفي كل ميدان وهو صاحب اليد المعطاءة التي لا تتوقف عن العطاء والبذل في سائر الميادين وهو صاحب القلب الكبير الذي تعرفه المساجد والمراكز الإسلامية، وحلقات التحفيظ والمعاهد الشرعية والجامعات الإسلامية ويعرفه المرضى واليتامى والأرامل والمحتاجون أكثر من غيرهم. ( * ) عضو مجلس إدارة مؤسسة الدعوة الإسلامية الصحفية.