اطلعت على ما نشرته صفحة (عزيزتي الجزيرة) من مواضيع حول الزواج وقرأت أيضاً في العدد 130 من مجلة الجوف مقالة تحت عنوان يا معشر الرجال تزوجوا مثنى وثلاث ورباع للدكتور صالح السعدون. وتعقيباً على ما نشر أقول (خير النساء أقلهن مهراً). فمن خلال هذا الحديث احببت ان أعلق على ما أولى به صاحب المقال دون تجاهلي لموضوعه الجيد والمفيد. وكذلك ليس لدينا اعتراض على ما ذكره من نصوص يستشهد بها في هذا السياق ونحن ابناء الشريعة الإسلامية.. يفترض علينا العمل بها وفق ما يتمشى مع الشريعة السمحة بكل جوانبها. ان الله سبحانه وتعالى خلق الخلق وهو أعلم بما يناسبه في كل زمان ومكان. اراد الكاتب ان يعبر عن وجهة نظره مطالباً بالتعدد اعتباراً أنه الحل الرئيسي للقضاء على العنوسة ولكنه ربما نظر للموضوع من زاوية واحدة فقط ولم يلتفت الى الزوايا الأخرى لهذه المشكلة التي اصبحت تقلق وتزعج المجتمع السعودي خاصة والمجتمع الخليجي بوجه عام على الرغم من أننا بفضل الله ومنته بلد يعيش في أمن ورخاء في ظل حكومتنا الرشيدة ناهيك عن الاستقرار الذي يعد من أهم السمات البارزة التي تتميز به مجتمعنا فضلا على ان بلادنا ولله الحمد لم تشهد حروبا منذ تأسيسها، وربما يعد هذا السبب من العوامل الرئيسية والأولى في تفشي ظاهرة العنوسة في كثير من المجتمعات التي خاضت حروباً طويلة تدفع ضريبة هذه الحروب نساء تلك المجتمعات. وعندما اتحدث عن المجتمع الذي أعيشه واسباب هذه المشكلة المتكررة في مجتمعنا تعتبر مشكلة غلاء المهور وتكاليف الزواج من أعظم وأكبر المشاكل التي تواجه الشباب المقدمين على الزواج، تلك التكاليف التي نهانا عنها الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: (ألا هلك المتنطعون)، وكررها ثلاثاً، والتنطع يا اخي الكريم الذي أراده الرسول هو مجانبة الفطرة بالمزيد من التكلف والاستقصاء وهذا ما نشاهده في حفلات الزواج من اسراف وصل بنا الى الفحش والهلاك مع المبالغة في تقديم الولائم التي تكلف صاحبها فوق طاقته لقول لرسولنا (كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير اسراف ولا مضيلة) إذاً البساطة سنة الإسلام في كل شيء كما ورد عنه انه لما عقد على فاطمة ابنته كان الطعام الذي احضره النبي للمدعوين طبقا من البسر برهانا على بساطة الإسلام في كل جوانب الحياة البشرية. ومن هذا السياق يتضح لنا ان غلاء المهور والمبالغة في إعداد الولائم والجوانب الدخيلة على مجتمعنا هو من اولى الأسباب التي ادت الى ارتفاع نسبة العنوسة. ومن خلال ما أشرنا اليه من أسباب هي التي تدفع الرجال الى الزواج من الخارج فأصبح في كل حالة زواج من الخارج حالة عنوسة لفتاة سعودية. ولو استطعت ان اقدم لكم احصائية عن نسبة النساء غير السعوديات المتزوجات من السعوديين لكانت الاحصائية التي أقدمها لكم مخيفة ومذهلة. إذاً يا أخي الكريم ليست المشكلة قائمة على الزواج من (مثنى وثلاث ورباع) او الاعتراض على شرع الله. ولكن اذا اردنا ان نساهم في حل مشكلة فلا نطرح الحلول قبل ان نبحث عن مسبباتها والوصول الى عمق جذورها حتى نقتلعها بشكل سليم. فلذلك لابد لنا من ان نقتبس ونقتدي وننهل من نهج ديننا الحنيف الذي جاء مهذباً للنفس البشرية فلا يكلف نفساً فوق طاقتها.. حافظا للمرأة حقوقها حيث جعل الاسلام المهر حقاً من واجب الزوج لزوجته، دون افراط او تفريط حيث تزوج رسولنا الكريم ام سلمة على مهر مناسب لا غلو فيه ولا مبالغة. فهذه صورة ونموذج من الزواج النبوي الذي اردت من خلاله ان اوضح ان سعادة المرأة في الرضا بالقليل وان اول شقائها حين يكثر صداقها ومهرها ويبالغ في طلبات نفقاتها ولنقتدي بمعلمنا ورسولنا لنقضي على طوابير العنوسة حينها يتسنى للرجال ان يتزوجوا مثنى وثلاث ورباع وفق حاجتهم وما شرع لهم. وأخيراً ما اسعدني وادخل السرور الى قلبي ما لمسته ضمن فعاليات صيف الجوف حلوة هذا العام من الزواج الجماعي. قاصدين بذلك التخفيف من أعبائه وتكاليفه الباهظة، واتمنى الاستمرار بهذه الخطوة التي تعد الاولى للقضاء على تلك المشاكل. وأتمنى ان شاء الله ان تتبعها الخطوة الثانية في تقليص ما تعده هذه الحفلات من الولائم والمظاهر الأخرى التي لا تجلب إلا العبء والخسارة على مجتمعنا.. فمعاً يداً بيد نساهم مساهمات أكثر فعالية. وليكن لنا في رسول الله اسوة حسنة.