حضوضى من المناطق التي يعتقد أهالي وادي السرحان أن لها تاريخاً موغلاً في القدم لغرابة تكوين تضاريسها ولاختلاف نوعية أرضها عن المنطقة المحيطة بها من حيث أنها أرض منخفضة تكاد تجزم أنها على مستوى سطح البحر وهي ليس بمستوى سطح البحر إلا أن غرابة الناظر لهذه الأرض يجزم أن لهذه الأرض قصة لم يستطع أحد أن يسردها لنا سوى ما تتناقله الأساطير والروايات والخرافات والحكايات الأشبه بالخيال عن محاولات عديدة لاجتيازها خصوصا أن في وسطها جبلاً مميزاً يسمى (قدير) الذهب.. بينما أنني علمت أن فرقة من الباحثين قد هبطت على هذا الجبل بواسطة طائرة طوافة (مروحية) وقد اجتزت قبل عشر سنوات أرضها بمغامرة نشرت تفاصيلها بمجلة محلية بمنطقة الجوف فلم أجد فيها سوى عظام حيوانات مهترئة وآثار ذئاب وجبل موحش قفر سوى من نباتات قليلة.. وكهف حفرته السباع لتتظلل فيه من حر لهيب الشمس ولعلي لم أكن أول شخص يصل إلى ذلك المكان ولعلي أول شخص أصل إليه على قدمي في ذلك الزمن.. كتب العلامة الشيخ حمد الجاسر عن حضوضى أورد عنها قصة طريفة لرجل يدعى (حربي) حاول أن يجتازها فضرب به المثل المعروف (هفة حربي وحصانه).. وإذا تعمقنا بكتب التاريخ فلحضوضى نصيب من الذكر يؤيد ما يعتقد أنها مكان لمنفى لخلعاء العرب في قصة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما أقام الحد على أبي محجن فنفاه إلى حضوضى فأرسل معه حارسا اسمه ابن جهراء ولعل شعره حينما لحق بسعد بن أبي وقاص ويذكر هربه من ابن جهراء: الحمد لله نجاني وخلصني من ابن جهراء والبوصي قد جلسا من يجشم البحر والبوصي مركبه إلى حضوضا فبئس المركب التمسا ويقال إن قارون قد خسف الله به بأرضها.. وحينما نتمعن بكتب المواضع فنجد أن الحموي ذكر حضوضى بأنها جبل في الغرب كانت العرب في الجاهلية تنفي إليه خلعاءها. تقع حضوضى في شمال من مدينة طبرجل التابعة لمنطقة الجوف حوالي خمسة وثلاثين كيلا. وقد أورد ذكرها الشيخ العلامة حمد الجاسر رحمه الله في كتابه شمال غرب الجزيرة (حضوضى الواقعة في وادي السرحان بين 5-38 و15-38 خط الطول الشرقي و42-30 و56-30 العرض الشمالي على وجه التقريب انتهى). وحتى المستشرقون تطرقوا إلى حضوضى فها هو المستشرق البريطاني (فيلد) أشار إلى أن الملك (اسرحدون) زحف إلى (هازووبازو) في وادي السرحان سنة 681ق.م وحدد فيلد أن مملكة هازو هي المعروفة اليوم باسم حضوضى مما يدل على أهمية هذه المنطقة والمنطقة المحيطة بحضوضى. أما المستشرق (موزل) فذكر أن (المراكز الحضارية في المنطقة هما حضوضى وقراقر) ومعروف أن قراقر تبعد عن حضوضى غربا حوالي عشرين كيلا تقريبا. تبلغ مساحة حضوضى بالتقريب (200كم) وهي منطقة خطرة لا يوجد عليها سياج حيث يغوص بها كل من يجهلها من البشر أو الدواب. وهي أرض سبخة تتجمع فيها كافة الأودية الكبيرة والشعاب التي تصب في وادي السرحان تذهب هدرا دون استثمار لها مع العلم أنه يمكن الاستفادة من تلك الثروة فيما لو أوجدت دراسة متخصصة يمكن أن تحول مسار تلك السيول العظيمة التي تأتي في كل موسم أمطار. مما يجعل حضوضى أكثر خطرا وأكثر وحشة. وهي تعتبر نوعاً من السبخات الداخلية التي أملاحها من المياه الجوفية ومن الأملاح التي أذابتها مياه الأمطار. وتصبح حضوضى أثناء قدوم السيول بحيرة مؤقتة خطرة الاقتراب بالرغم أن أهالي المنطقة قد اخترقوا الجزء الغربي بطريق لممر باتجاه واحد غريب المسلك وسط بحيرة من الماء لا قرار لها وكأنه جسر معلق في بحر عميق متلاطم الأمواج. إن حضوضى تحتاج إلى كثير من الباحثين والجيولوجيين ومزيد من الأبحاث التي نحتاج أن ينوروا لنا من خلالها شمعة عن ماهية هذه الأرض الغريبة وبحاجة ماسة إلى لفتة مشكورة من الجهات ذات الاختصاص بعمل سياج واق أو لوحات إرشادية وتحذيرية لعدم الاقتراب منها والتعريف بخطورتها.