أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    نائب أمير جازان يفتتح المعرض التقني والمهني بالمنطقة    انعقاد الاجتماع التشاوري للدورة 162 لمجلس الوزاري الخليجي    الأمير عبدالعزيز الفيصل يتحدث عن نمو السياحة الرياضية    المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء في جميع مناطق المملكة    على نفقة أمير تبوك.. توزيع معونات الشتاء في قرى وهجر ومراكز المنطقة    آل دغيم يهنيء سمو محافظ الطائف ومجتمع الطائف بهذه الخطوة التنموية    "الأمن السيبراني".. خط الدفاع الأول لحماية المستقبل الرقمي    استشهاد تسعة فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    رئيس مجلس أمناء مركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة يعقد اللقاء السابع عشر    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    الإحصاء: ارتفاع الإنفاق على البحث والتطوير بنسبة 17.4 % خلال عام 2023    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بذكرى استقلال بلاده    اليونسكو: 62% من صناع المحتوى الرقمي لا يقومون بالتحقق الدقيق والمنهجي من المعلومات قبل مشاركتها    انخفاض أسعار النفط وسط زيادة مفاجئة في المخزونات الأميركية وترقب لاجتماع أوبك+    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الاستسقاء في جامع الإمام تركي بن عبدالله    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    محافظ صبيا يؤدي صلاة الإستسقاء بجامع الراجحي    السعودية ترأس اجتماع المجلس التنفيذي ل«الأرابوساي»    27 سفيرا يعززون شراكات دولهم مع الشورى    1500 طائرة تزيّن سماء الرياض بلوحات مضيئة    «الدرعية لفنون المستقبل» أول مركز للوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا    في «الوسط والقاع».. جولة «روشن» ال12 تنطلق ب3 مواجهات مثيرة    الداود يبدأ مع الأخضر من «خليجي 26»    المملكة تشارك في الدورة ال 29 لمؤتمر حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي    مصير غزة بعد هدنة لبنان    وزير الصحة الصومالي: جلسات مؤتمر التوائم مبهرة    السياحة تساهم ب %10 من الاقتصاد.. و%52 من الناتج المحلي «غير نفطي»    شخصنة المواقف    سلوكياتنا.. مرآة مسؤوليتنا!    النوم المبكر مواجهة للأمراض    التركي: الأصل في الأمور الإباحة ولا جريمة ولا عقوبة إلاّ بنص    النضج الفكري بوابة التطوير    غولف السعودية تكشف عن المشاركين في البطولة الدولية    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    الشائعات ضد المملكة    نيمار يقترب ومالكوم يعود    الآسيوي يحقق في أداء حكام لقاء الهلال والسد    بحث مستجدات التنفس الصناعي للكبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يُعيد البسمة لأربعينية بالإنجاب بعد تعرضها ل«15» إجهاضاً متكرراً للحمل    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    تواصل الشعوب    ورحل بهجة المجالس    في الجولة الخامسة من يوروبا ليغ.. أموريم يريد كسب جماهير مان يونايتد في مواجهة نرويجية    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    احتفال السيف والشريف بزواج «المهند»    يوسف العجلاتي يزف إبنيه مصعب وأحمد على أنغام «المزمار»    «واتساب» تختبر ميزة لحظر الرسائل المزعجة    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    باحثة روسية تحذر الغرب.. «بوتين سيطبق تهديداته»    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    "الأدب" تحتفي بمسيرة 50 عاماً من إبداع اليوسف    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دخنة
(دخنة) البلدة التي نشأت على سفوح (خزاز)
نشر في الجزيرة يوم 26 - 07 - 2004


حلقات أعدها :عبدالعزيز محمد السحيباني 2/1
في جنوب غرب القصيم تقع مدن وقرى ذات تاريخ عريق جداً نظراً لوقوعها في مواقع مسارح العرب القديمة التي عرفت أيامهم وغزواتهم وقتالهم من هذه المدن.. (دخنة) وهي مدينة كانت بلدة ذات تاريخ عريق ضارب في أغوار التاريخ يعود بنا إلى ما قبل الإسلام.. في غزوات داحس والغبراء وفي (يوم خزاز) تلك الموقعة التي لا يزال جبل (خزاز) الواقع شمال (دخنة) يردد صداها ويقف شامخاً يحكي تاريخها.
(دخنة) تلك البلدة التي نشأت في سفوح (جبل خزاز) مراعيه الجميلة.. حيث تشتهر تلك المنطقة بعذوبة هوائها ومائها.. فأجواؤها عذبة لطيفة ومراعيها خضراء حتى في بدايات فصل الصيف.. وجبالها تشتهر بشلالات مياهها.. ومن مراعيها تجلب مياه الشرب إلى مدن القصيم حيث عذوبة مياه الأمطار القريبة من سطح الأرض فيها.
دخنة تلك المدينة الحالمة الهادئة التي تتربع في بداية عالية نجد الجميلة في جنوب غرب القصيم.. هذه المدينة التي تعيش في أجواء خضراء على الرغم من وقوعها على الدرع العربي إلا أنها صنعت المستحيل واستحالت شوارعها إلى حدائق وجنات خضراء حين تغرب الشمس في خلفية (جبل خزاز) فإنها تغرب خلف كنوز من التاريخ العريق الذي شهده هذا الجيل وأشعتها الحمراء توحي بمزج من عراقة التاريخ وجمال الطبيعة.. حيث إن بيوت هذه المدينة ببياضها تشكل خلفية للوحة بديعة خلف هذا الجيل وعلى ضفاف الأودية والشعاب والوهاد التي تشمخ على ضفافها شجيرات الطلح الخضراء اليانعة الخضرة.. وتضفي ظلالاً وارفاً على بطاح ذات بطحاء حمراء كحمرة الذهب.. ومياه كالفضة البلورية.. في مراع خضراء فسيحة تمتد في الأفق اللامتناهي تتحللها قطعان من الابل بألوانها المختلفة وتصدح فيها البلابل.
الموقع والشهرة
تقع (دخنة) في جنوب غرب القصيم وعلى الطريق المؤدي إلى مكة المكرمة عبر نفي والبجادية وهي مدينة كبيرة تبعد حوالي 55 كم جنوب غرب محافظة الرس ومصنفة كمركز من مراكز منطقة القصيم وتكتسب شهرتها كونها في الطريق المؤدي إلى مكة المكرمة والذي يمر عبره الحجاج والمعتمرين من دول الخليج والكويت خصوصاً ومناطق شمال شرق المملكة وتنتشر عمائرها ومحلاتها غرب وشرق هذا الطريق المزدوج.. ويبلغ عدد سكان دخنة حسب آخر احصائية عام 141 حوالي 3600 نسمة.. كما اشتهرت قديماً كهجرة من هجر توطين البادية وهي أشهر هذه الهجر تقريباً ويقطنها أناس من قبيلة حرب.
ويقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي في معجم بلاد القصيم (3/ 948) ما نصه: (وقد عمر (دخنة) في العصر الأخير الأمير مفضي بن فهد البهيمة وجماعته من الحضنان الواحد منهم (حصني) من الذين هم فرع من بني سالم من قبيلة حرب نزلوها في عام 1333ه.
حوادث دخنة وتاريخها الحديث
لدخنة دور محوري في كثير من المعارك التي شهدتها الجزيرة العربية في تاريخها المتأخر نظراً لكونها تجمعاً رئيسياً لكثير من أبناء البادية ولكونها أكبر هجرة استيطانية.
وقال عنها الرحالة الغربي المستر لوريمر: دخنة هي أرض منبسطة على بعد 50 ميلاً جنوب الغرب من عنيزة و 4 - 5 أميال من جبل خزاز وتوجد 40 بئراً مبعثرة على مساحة ميل أو ميلين ومياهها جيدة على عمق 3 قامات.
أشعار في دخنة
نظراً لكون دخنة مرعى من مراعي العرب الصيفية الطيبة المرعى في الربيع وفي وادي دخنة موارد وماء للبادية في الصيف يسقون منها أنعامهم.. ونظراً لكونها هجرة من أكبر هجر البادية التي تخضر فيها.. فقد وردت في أشعار الكثير من الأعراب في الوقت المتأخر باسم (دخنة).
قال مشعان بن هذال وهو أحد شيوخ عنيزة:
يالله طلبتك عند سرحات الأدباش
ذودٍ مغاتير ويبرى لهن سود
مرباعها الصّمّان تبعد عن الطاش
ومقياظها (دخنة) إلى صرّم العود
ويعني بذلك طيب مرعى دخنة وبقاء الربيع ونباته فيها حتى الصيف بعد أن يهمد النبات في الجهات الأخرى بسبب حرارة الشمس في الصيف.
وقال ابن عويد المجماح:
وابكرتاه اللي غدت بين الأقطاع
مع زوعة العربان ما ينجهم له
ما أدري اللي يمّ (دخنة) بالاستاع
والا مع اللي سندوا مستهملة
ويقول العبودي عن سبب تسميتها دخنة ما يلي (953/3): (بقي أن نعرف سبب تسميتها دخنة وهذا ما لم أتبينه حتى الآن إلا أنه يلوح لي شيء من العلاقة بين النار التي أوقدت في رأس جبل خزاز المجاورة لدخنة والتي كان لها دخان عظيم.. انتهى.. ولكن (دخنة) تسمية حديثة ولم أعهد أحداً يسمى التسمية الحديثة على شيء قديم وحدث في التاريخ.
(دخنة).. وحاجاتها..!
في الوقت الحالي فإن دخنة مدينة حديثة جميلة الشوارع يمتد عمرانها عبر وادي دخنة وعلى ضفافه وفي سفوح جبل (خزاز) تلوح عمائرها البيضاء وشوارعها المضاءة التي تتلألأ في وسط الصحراء وتحيط بها مزارع خضراء على قلة مياهها وندرتها وذلك بسبب ورودها بجانب واد غزير المياه (وادي دخنة) أو (منعج قديماً)..
وفي دخنة من الدوائر الحكومية ما يلي:
أ- مركز دخنة، ب - بلدية دخنة، ج- محكمة دخنة، د- مركز شرطة، ه - بريد وهاتف. كما أن بها مدارس ثانوية ومتوسطة وابتدائية للبنين والبنات وبها مستوصف حكومي وحالياً فإن أهم ما تحتاجه دخنة:
1- ازدواج طريق (الرس - دخنة)
يعتبر طريق الرس - دخنة هو الطريق الوحيد الذي يربط دخنة بمنطقة القصيم وبغيرها من المناطق، حيث انه جزء من طريق (القصيم - مكة ) ويسلكه جميع أهالي القصيم القاصدين لمكة المكرمة أو للسياحة في الجنوب وعليه حركة كثيفة جداً من السيارات والشاحنات وقد أنشئ قبل حوالي 30 عاماً بعرض حوالي 7 أمتار وبطول حوالي 55 كم.. ويعبر عبر عدد من الأودية التي وضعها عليها جسور.. ويضيق الطريق عند هذه الجسور حيث لا أكتاف للحماية.. هذا الطريق شهد عدداً من الحوادث المهلكة نظراً لضيقه.. فعرضه قبل أكثر من 30 عاماً كان شيئاً رائعاً بسبب قلة الحركة المرورية، أما الآن فقد أصبح عرضة لا يطاق بسبب كثافة الحركة وزيادة حركة الشاحنات التي زاد عرضها عن السابق وزادت كثافتها والتي تنقل البضائع بين القصيم والطائف ومكة والجنوب، وكل من سلك هذا الطريق يرى هذه الشاحنات تمر بقوافل مترابطة لا يمكن تجاوزها, وقد سببت حوادث مهلكة، كما أن الإبل السائبة تسرح وتمرح عبره وحوله حيث انه يمر عبر مراعي خصيبة جداً.. وهذا استنزاف للبشر والحيوانات والسيارات.
إن ازدواج هذا الطريق أصبح ضرورة من الضرورات وبالامكان ردم جوانبه لزيادة عرضه من المواد الجيدة للردم الموجود على جوانبه.. ان ازدواج هذا الطريق سيكمل عقد الطرق المزدوجة والمضاءة التي تربط بين مدن القصيم.. كل مدن القصيم تقريباً مربوطة بطرق مزدوجة ومضاءة ما عدا (الرس - دخنة).
انني أناشد معالي وزير النقل الدكتور جبارة بن عيد الصريصري بالعمل على ازدواج هذا الطريق لاكمال عقد الطريق المزدوج بالقصيم.. وليكون جزءاً من طريق القصيم - مكة - واراحة المسافرين والحجاج والمعتمرين من عذاب هذا الطريق غير المعتاد.. حيث إن الطريق مرتفع عن ما بجانبه من الأرض يزيد من خطورته.. فلو كانت الأرض بجانبيه مستوية لكان ذلك أخف ضرراً.. ولكن كل الطريق يمر عالياً عن الأرض التي بجانبه مما جعل حوادث الانقلاب تزداد عليه، كما أناشد مجلس منطقة القصيم بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز بالاهتمام بازدواج هذا الطريق.
2- مستشفى حكومي
لا يوجد حالياً بدخنة سوى (مستوصف) لعلاجات الزكام والجروح البسيطة.. ونظراً لكثافتها السكانية حوالي 5000 نسمة ووجود عدد كبير من القرى والأرياف حولها فهي بحاجة ماسة إلى مستشفى حكومي نظراً لبعدها عن مستشفى الرس (حوالي 60 كم) حيث يستغرق الاسعاف حوالي ساعة من ضيق الطريق وتعرجه.. إن وجود هذا المستشفى بدخنة سيكون ظاهرة صحية رائعة ومشرقة لهذا البلد.
3- تدعيم شبكة مياه الشرب وزيادتها.
4- تدعيم شبكتي الهاتف والكهرباء.
5- مبنى حديث للمركز والمحكمة والمدرسة الثانوية بدخنة.
6- مكتب للضمان الاجتماعي.
7- مكتب للجوازات.
كما أن مدينة دخنة بحاجة إلى مخططات حكومية حديثة مكتملة الخدمات من مياه وهاتف وكهرباء وسفلتة.
دخنة أم (منحج)..
دعوة لإعادة (دخنة) إلى اسمها التاريخي
كانت دخنة تسمى إلى وقت قريب باسم (مِلْعِج) وبقيت الآن بئر من آبارها تسمى بهذا الاسم.. كانت اراضيها مسرحاً من مسارح العرب الجميلة الرائعة الأجواء المزهرة في الربيع اللطيف في الصيف.. هذه البقعة في بداية اعالي نجد الرائعة تحوى معالم تاريخية مشهورة كلها في محيط (دخنة)، فهذا جبل خزاز (وسوف تفرد حلقة للحديث عنه).. وهذا وادي (منعج).. وهذا وادي (العاقلي) أو (بطن عاقل).. وليس بالبعيد عنها جبل متالع.. أو ما يسمى حالياً ب (أمْره).. هذه الربى والوهاد والمسارح والشعاب كتب فيها العرب فصولاً من أجل فصول تاريخهم وأروع أيامهم.. منذ ما قبل الإسلام.. وقد غذّى هذا الشعور جمال الطبيعة الأخاذ في هذه الربى والمسارح.. كتب الشعراء قصائد من أجمل قصائدهم وأروعها في المعاني مستلهمين ذلك من روعة أجواء (منعج) وواديها ذي التربة الذهبية الحمراء التي تتلألأ فيه المياه ومن خضرة الربيع حول خزاز.. ومن زهوره الفواحة بالعطر والخزامى والأقحوان.. ومن تغريد طيور واديها وشعابها.. فقد اجتمع حولها الجبل وكثيب الرمل والوادي، كما أن في محيطها جبل (منى) وغولها وجبل أضاخ.. وكير.. كل هذه الأماكن هي أماكن لا تزال على أسمائها منذ زمان العرب الأول قبل الإسلام.. فهذه المساحة هي كتاب مفتوح لتاريخ العرب القديم.. وكل من لم يفهم شعر العرب في الجاهلية لجزالته وقوة ألفاظه ما عليه إلا أن يقوم بجولة على هذه الأماكن لكي يعيش في نفس أجواء الشعر ويجد نفسه يردد الأبيات التي وردت في هذه الأماكن التي خلدتها أشعار العرب وانتشرت في كل أنحاء العالم.
هي مرعى ولا أطيب في فصل الربيع حيث تكتسي أراضيها وشبابها ووهادها بحلة خضراء.. وهي أجواء ولا أمتع في فصل الربيع حيث خضرة الأرض وأشعة الشمس الذهبية وتلاع المياه الفضية التي تتلألأ فوقها المياه الصافية في بطحاء بلورية.. وفي فصل الصيف فهي ذات نسائم عليلة في لياليه حيث انها ربوة عالية.
بين (ملعج) و (منعج).. والهيئة العليا للسياحة.
يقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي في معجم بلاد القصيم (ج 6 / 2316) ما نصه: (ملعج: بكسر الميم فلام ساكنه، فعين مكسور في مخيم أخيرة اسم بئر عادية في شمال وادي دخنة يملكها في الوقت الحاضر (هذا في عام 1391ه بدر بن مفضي البهيمة الذي كان والده أمير دخنة، وهي تقع في هذه الأرض, وكانت عندما نزل آل بهيمة في تلك الأرض قريبة من الماء لا يزيد عمقها على ذراعين, ويقول: (ولقد اخبرني بعض الرجال من المعمرين من أهل الحضر القريبين من تلك الناحية ان وادي دخنة كان يسمى في القديم الذي أدركوه وادي (ملعج) تماماً كما تسمى هذه البئر العادية في وادي دخنة (ملعج) في الوقت الحاضر، وهذا الاسم الحديث هو كل ما تبقى من وادي (مُنْحِج) العظيم الذي كان معروفاً بل مشهوراً مذكوراً في الأخبار والأشعار القديمة).. انتهى.
ووادي (ملعج) قديماً هو الذي يسمى حالياً وادي دخنة, اذاً فلننظر إلى هذه الرواية التي رواها هذا الشيخ للشيخ العبودي وهو أن وادي (ملعج) كان اسماً معروفاً لديهم إلى وقت قريب حديث جداً وهو اسم معروف منذ أزمان سحيقة اذاً فما الذي غير هذا الاسم.. أعتقد أنه المدنية الحديثة وألسنة العامة.. وانني أنادي من هنا الهيئة العليا للسياحة أن تعيد المسميات التاريخية لمدننا وجبالنا التي عرفناها وقرأناها في أشعار العرب ودواوينهم ومعاجمهم.. حتى لا ينطفئ آخر سراج من آثار المعرفة.. ومن تراثنا الجغرافي الضخم، أنادي الهيئة باعادة هذه الأسماء وكتابتها بلوحات حمراء عند مدخل كل مدينة..!.
أشعار في (منعج)..!
ورد في دخنة حالياً (منعج) أشعار لا تحصى لكثرتها وشهرة هذا الوادي الطيب الأجواء العذب المياه.. المسرح المشهور من مسارح العرب في جاهليتهم واسلامهم.. ومن ذلك قال زهير بن أبي سلمى:
فقف مضارات فاكناف منعج
فشرقي سلمى حوضه فاجاوله
أي أن زهير ذكر عدة أماكن متقاربة هي (قف) وصارات وهي الجبل المعروف (بصارة) غرب القصيم.. وأكناف منعج أي جوانب الوادي منعج ووهاده ورباه.
وقال جرير:
ولقد جلبنا الخيل وهي شوازب
مستربلين مضاعفا مسرودا
ورد القطا زمرا يبادر منعجا
أو من خوارج حائراً مورودا
والقطا هي أسراب من الطيور ترد إلى الماء جماعات.. ويقول الشيخ محمد بن ناصر العبودي (6 / 2320) من معجم بلاد القصيم (حدثني الأخ بدر بن مفضي البهيمة من أهل دخنة تعليقاً على أبيات جرير التي ذكر فيها أن القطا كانت ترد منعجاً زمراً بأنه قد عهد الماء على سطح الأرض في جنوبي دخنة وأنه كان باتياً على الدهر وانه كان يبح فيه ولا ينضب أبداً وتوجد له في عام 1391ه بقية إلا أن الماء تناقص فيه تدريجياً بعد أن عمت الآلات الرافعة المنطقة، فنزل مستوى الماء فيها, وقال: إنه قد شاهد الناس ينصبون عليه الشباك لصيد القطا الذي كان يألفه.
وقد ذكر عبيد بن ربيعة القطا أيضاً وغدران منعج:
تمير من غول عذاباً روية
ومن منعج بيض الجمام تداملا
وغول هذة تقع إلى الغرب من دخنة تقريباً بالقرب من (منى).. وهو في هذه الأبيات يذكر (العذران) العذبة الصافية البيضاء المياه غير الركيكة.. وهذا يدل على قرب المياه السطيحة من سطح الأرض بسبب وجود صخور غير نافذة تحتها.. وقد نضبت قبل وقت قريب بسبب نزف المياه.
وقال لبيد أيضاً:
تظل رواياهم تبرضن منعجا
ولو وردته وهو ريان سائل
فلا قصب البطحاء نهنة شربهم
بري, ولا العادي منه العوامل
ومصعدهم كي يقطعوا بطن منعج
فضاقت بهم ذرعاً خزاز وعاقل
فكانه يصف قوما ذوي عدد كبير وردوا ماء منعج (وادي منعج) بعد سيلانه وتكون العذران والبحيرات فيه لكي يشربوا منه ولكن لكثرة عددهم فقد ضاق بهم كل من منطقة خزاز ووادي العاقلي (وادي النساء حالياً وهو واد تتجمع مياهه من أعالي دخنة ليصب في (الحجناوي) غرب البدائع ويرفد وادي الرمة.
وقال زهير بن أبي سلمى:
تحل الرياض في هلال بن عامر
وان انجدت حلت بأكناف (منعج)
وتصبي الحليم بالحديث يلذه
وأصوات حلي أو تحرك دملج
فقد ذكر أن منعج هي من نجد وبالفعل فوادي منعج هو في أعالي نجد وأكناف منعج تدل على أن لوادي منعج جوانب وأشجار ومرتفعات ومراعي وهو بالفعل كذلك حيث انه عميق في بعض أجزائه ويحوي عدداً من شجيرات الطلح وتجود المراعي الخصبة على جنباته.
وقال أيضاً:
أحب بلاد الله ما بين (منعج)
إلي وسلمى أن يصوب سحابها
بلاد بها ينطت علي تمائمي
وأول أرض مس جلدي ترابها
وهذان البيتان من أشهر أشعار الاشتياق والحنين إلى الديار وأحب بلاد الله تدل على أعلى درجات الحنين والشوق والالتصاق بهذه الديار وهي الواقعة ما بين (منعج) و(سلمى) أي جبال سلمى وهي مسافة كبيرة تزيد عن 300 كم ولكنها بلاد تحوي مراعي جميلة وأودية خصبة رائعة.
وقال مقحم بن نويرة:
ألم تر أني بعد قيس ومالك
وأرقم غياظ الذين أكايد
وعمرو بوادي (منعج) إذ أجنّه
ولم أنس قبراً عند ذات الوسائد
وقوله (اذ اجنّه) معناها الاختفاء أي يختفي بوادي منعج وهذا دليل على أنه كان غابة من أشجار الطلح الظليلة والكثيفة وهذا ما تدل عليه الدلائل.
وقد ورد ذكر (منعج) كثيراً مع الأماكن القريبة منه (كغول) وهي هضبة تقع إلى الغرب من دخنة بالقرب من (منى) والتي تسمى (منية) حالياً وكذلك (نفء) وهي نفي حالياً.
قال أوس بن حجر:
زعمتم أن غولاً والرجام لكم
ومنعجاً فاقصدوا فالأمر مشترك
وقال الشماخ بن ضرار الذبياني:
ألا ناديا أظعان ليلى تعرج
فقد هجن شوقاً ليته لم يهيج
أقول وأهلي بالجناب وأهلها
بنجدين لا تبعد نوى أم حشرج
وقد ينثني من قد يطول اجتماعه
ويخلج اشطان النوى كل مخلج
صبا صبوة من ذي بحار فجاوزت
إلى آل ليلى بطن (غول) فمنعج
وقال العجاج الراجز:
نحن ضربنا الملك المتوجا
يوم الكلاب ووردنا (منعجا)
وبالنباجين ويوم مذحجا
اذ اقبلوا يزجون منهم من زجا
وقال طفيل العنوي:
تواعدنا احناخهم ونفئاً
ومنعجهم بأحياء غضاب
فقد ذكر هذا البيت ثلاثة أماكن تحولت إلى أسماء مدن وقرى هي (أحناخ) وهو بلدة معروفة حالياً جنوب شرق دخنة وشهرتها باسم احناخ في الجبل الواقع بقربها وكان به مصنع من مصانع (البرم) أي القدور التي تصنع بالصهر, وذكر كذلك (نفئاً) وهي نفي الواقعة إلى الجنوب من (دخنة).. و(منعجهم) والتي هي الوادي الذي نشأت عليه بلدة (دخنة) وكانت إلى وقت قريب تعرف باسم (منعج) قبل أن يطغى عليها اسم (دخنة).
وقال جرير:
لعمرك لا أنسى ليالي (منعج)
ولا عاقلاً اذ منزل الحي عاقل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.