في مثل هذا اليوم من عام 1798 انهزم نابليون بونابرت أمام جيش المماليك بقيادة مراد بك في معركة إمبابة. وقبل قيام الحملة الفرنسية على مصر قدم (شارل مجالون) القنصل الفرنسي في مصر تقريره إلى حكومته في (22 من شعبان 1212ه الموافق 9 من فبراير 1798م) يحرضها على ضرورة احتلال مصر، ويبين أهمية استيلاء بلاده على منتجات مصر وتجارتها، ويعدد لها المزايا التي ينتظر أن تجنيها فرنسا من وراء ذلك. وبعد أيام قليلة من تقديم تقرير مجالون تلقت حكومة فرنسا تقريرا آخر من (تاليران) وزير الخارجية، ويحتل هذا التقرير مكانة كبيرة في تاريخ الحملة الفرنسية على مصر، حيث عرض فيه للعلاقات التي قامت من قديم الزمن بين فرنسا ومصر وقدم الحجج التي تبين أن الفرصة قد أصبحت سانحة لإرسال حملة على مصر وفتحها. كما تناول وسائل تنفيذ مشروع الغزو من حيث إعداد الرجال وتجهيز السفن اللازمة لحملهم وخطة الغزو العسكرية، ودعا إلى مراعاة تقاليد أهل مصر وعاداتهم وشعائرهم الدينية، وإلى استمالة المصريين وكسب مودتهم بتبجيل علمائهم وشيوخهم واحترام أهل الرأي منهم، لأن هؤلاء العلماء أصحاب مكانة كبيرة عند المصريين. وكان من أثر التقريرين أن نال موضوع غزو مصر اهتمام الحكومة التي قامت بعد الثورة الفرنسية، وخرج من مرحلة النظر والتفكير إلى حيز العمل والتنفيذ، وأصدرت فرنسا قرارها التاريخي بوضع جيش الشرق تحت قيادة نابليون بونابرت في (26 شوال 1212ه - 12 من إبريل 1798م). وتضمن القرار مقدمة وست مواد، اشتملت المقدمة على الأسباب التي دعت حكومة الإدارة إلى إرسال حملتها على مصر، وفي مقدمتها عقاب المماليك الذين أساءوا معاملة الفرنسيين واعتدوا على أموالهم وأرواحهم، والبحث عن طريق تجاري آخر بعد استيلاء الإنجليز على طريق رأس الرجاء الصالح وتضييقهم على السفن الفرنسية في الإبحار فيه، وشمل القرار تكليف نابليون بطرد الإنجليز من ممتلكاتهم في الشرق، وفي الجهات التي يستطيع الوصول إليها، وبالقضاء على مراكزهم التجارية في البحر الاحمر والعمل على شق قناة برزخ السويس.