صدقت الحكمة التي تقول: (الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك) على مدى شهر من الزمن أقام المركز الصيفي بالمدرسة الأولى لتحفيظ القرآن الكريم لهذا العام الهجري 1425ه دورة تثقيفية ناجحة لطلاب المراحل الثلاث من الدراسات الأولية بل هما المرحلتان المتوسطة والثانوية، - وذلك بعنوان: بناء الأجيال - وقد حضرت منها ثلاث مناسبات لثلاثة علماء أجلاء - وهذا أقل الواجب فرأيت عجباً، حضوراً كبيراً لعدد هائل من شباب المستقبل الصاعد يحيط بهم معلموهم وأساتذتهم من كل التخصصات، تعلو وجوههم البسمة وتطغى على مُحيّاهم علائم البشر والسرور، وترى النور والصلاح يشعُّ من تلك الردهات الفسيحة التي أعدّت للجلوس من أجل الاستماع لهذه المحاضرات القيّمة التي حشد لها جمع غزير من المتخصصين في البناء العلمي، والأخلاقي والإيماني والصحي والإعلامي، والنفسي واللغوي بحيث شملت تلك المحاضرات كل مناحي الحياة، وأطرها المتعددة الجوانب التي تعتبر في مجموعها من الأسس والضروريات التي لا بد منها لكي يكتمل البناء من جميع الطرق وكافة السبل على ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مع الأخذ في الاعتبار التمشي مع مقتضيات العصر، ومستجدات الزمن الحديث المتلاحقة التي تتتابع بشكلٍ مذهل في سرعةٍ فائقة وسباقٍ حثيث، وصراع لا مكان فيه للمتخاذلين أو الكسالى على حد قول الإمام ابن الوردي رحمه الله: اطلب العلم ولا تكسل فما أبعد الخير على أهل الكسل لا تقل قد ذهبت أربابه كل من سار على الدرب وصل قيمة الإنسان ما يحسنه أكثر الإنسان منه أم أقل ومنها لا تقل أصلي وفصلي أبدا إنما أصل الفتى ما قد حصل قد يسود المرء من غير أبٍ وبحسن السبك قد ينفى الزّغل والأبيات من غير ترتيب فالهدف هو العبرة والموعظة، والقصيدة طويلة تتضمن نصائح ثمينة يمكن الرجوع إليها في شرح جميل مطبوع يصل إليها المتعشقون للأدب، والباحثون عن الحكمة التي تنضح بها هذه اللامية الفريدة المشهورة. أعود لهذا المركز وأمثاله من المشروعات النافعة والناجعة التي تشمل مناشط عدة يصعب سردها في هذه العجالة بحيث تشمل كافة ما يمكن للشباب أن يجد فيه ضالته من حيث الفائدة والمتعة والتسلية البريئة، والرياضة بكافة أنواعها، والمسابقات العلمية والأدبية، والمطويات والأشرطة والمطبوعات والكتيبات السهلة المختصرة بلا ابتسار ولا زيادة ولا نقصان. وإني لأعجب كل العجب ممن كتب عن هذه المراكز والمناشط بأسلوب سلبي غير متوازٍ ولا متوازن، بل فيه إجحاف وظلم وهجوم كاسح عليها وعلى نتائجها العكسية، وانها مفرخة ومعامل لبث سموم ومخاطر تعود على المجتمع بالهدم والتخريب، والضرر والضرار، فبأي منطقٍ يتكلمون؟ فبأي أسلوب يتخذون؟ وأي طريقة ينهجون؟ ألا فليتقوا الله فيما يكتبون! وليستعملوا أقلامهم وكتاباتهم فيما ينفع البلاد والعباد بصفة عامة، وقطاعات الشباب والبراعم الفتية التي يُرجى منها الخير الكثير بصفة خاصة. وأقرؤوا فواتح سورة (ن) في الكتاب المكنون {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} إلخ الآيات، فقد أقسم سبحانه وتعالى بالقلم وما يسطر به من كتابات ومقالات وكتب ومؤلفات. وهو سبحانه لا يقسم إلا بالعظيم من مخلوقاته، فالقسم يدل على أهمية المقْسِم به، فليحذر الكتّاب والأدباء والمثقفون أن يكتبوا إلا ما فيه منفعة ظاهرة، ومصلحة بينة واضحة تكون نبراساً لأفراد الأمة، ومشعلاً مضاءً ينير لها السبيل ويمهد لها الطريق لنيل العزة والرفعة والسمو والعلو. وكل ما في هذا القاموس الطيب المبارك من كلمات نافعة مفيدة ناجعة - بالعين والهاء المهملتين - وصدق الله {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء {24} تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.