منذ غادرت ديارها لأول مرة في عام 1410ه قاصداً عاصمة السلام والثقافة الرياض بحثا عن طلب العلم الذي تحقق لي في ذلك العام بجامعة الملك سعود، وأنا في كل مرة أعود لمسقط رأسي (جازان) خلال إجازاتي القصيرة جدا بحكم الدراسة أولا، ثم العمل ثانيا في الرياض، أجد أن الصورة القديمة مازالت باقية.. حياة بسيطة.. ورؤية أبسط من مواطن يعترف الكل أنه نبغ في الأدب والفكر والطب والهندسة وغيرها من ميادين الحياة العامة في الأمم. * وفي كل مرة أعود لقريتي وأتجول في شوارع مدينتي أشعر برغبة تختلج بالأمنية أن أعود في المرة القادمة، وقد امتزج التراث القديم بجديد التطور لتكمل لوحة الإبداع التي يردد فيها المرحوم محمد السنوسي بيته الشهير جازان إني من هواك لشاكي .. أفتنصتين لبلبل غناك إلى آخر القصيدة التي حفظتها بكل الأحاسيس عندما كنت طالبا بثانوية المضايا (سابقاً) وجعفر الطيار حالياً. * وقبل أيام لا تتجاوز العشرة سبقت كتابة هذه الأسطر حانت لي زيارة خاطفة بناء على رغبة الأبناء، وقررت تلبيتها وسط الجدول المضغوط على طاولة برامجي العملية، وعلى الرغم من عمرها الزمني القصير جداً (72 ساعة) إلا أن سعادتي بها كانت أكبر من التصور، فقد رأيت بأم عيني أمنيتي التي لطالما تمنيتها تحقق في زمن قياسي بين آخر زيارة قبل عامين والزيارة الحالية، فالشوارع والميادين والحياة العامة كلها تنبض بثوب جديد وبفكر جديد وبطموح يتقد في وجه كل من قابلت، بل الأبعد من ذلك أن الواقع الجديد لجازان يؤكد أن كوكباً على الأرض بدا يشع ضياؤه للناظرين!. * لقد أيقنت أمام هذا المنظر أن اللوحة الجميلة بدأت تتكون وأن أنامل ماهرة بدأت ترسم أجزاءها لتكمل في يوم قريب جمالية اللوحة المنتظرة لجازان التاريخ والطبيعة والعروس التي لا تغيب روائح عطورها الخاصة وسحر بحرها العذب!. ** بحق إن ما يحدث الآن في مدينة جازان الذي لا يقل عن مثله في باقي مدن وطني الحبيب من شماله لجنوبه، ومن غربه لشرقه لهو إبداع خاص يؤكد الاهتمام الخاص من وطن العز والخير بكل أبنائه ويؤكد العمل الرائع الذي يقوم به الأمير العملي محمد بن ناصر بن عبدالعزيز للمنطقة وأبنائها الذين يرفعون له يد الشكر بعد الله، وسيذكرون له في صفحات التاريخ أنه الرقم الصعب في طريق تطور منطقتهم حتى أصبحت معلما يجعل من يرتاده مثلي يفكر كثيرا قبل أن يغادرها، حتى لا يفقد ناظره شيئاً من إبداع العمل وبصمة المسؤول عن ذلك الإبداع. ** إنني لست بحاجة لن أمدح من تكفيه أعماله لتجعل المدح يعجز عن إيفائه حقا يستحقه، ولكنني كباقي أبناء جازان سأقول شكراً يا سمو الأمير، وإن جازان لإبداع متواصل منكم منتظرة، ولما هي فيه الآن لكم مدينة، فإلى طريق النجاح سر والله يرعاك ويحفظ وطن الرجال دوماً لبناء الرجال ويحميه من كيد الحاسدين.. آمين.