فهذا مآل الدنيا ومصيرها. فالموت نهاية كل حي. إنساناً أو حيواناً أو نباتاً. أو حشراتٍ أو أي مخلوق كان من أية فصيلةٍ. هذه أمور بدهية لا جدال فيها، يتفق فيها البرُّ والفاجر، والمؤمن والكافر {سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ } {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} ولكن السمعة الطيبة، والذكر الحسن هي الإرث الباقي بعد الممات. وإنما المرء حديث بعده والذكر للإنسان عمرٌ ثاني وقد يكون هذان الشطران كل شطر من بيت آخر. ولكن هول المصاب أفقدني الصواب. فالدكتور علي بن عبدالعزيز العمير عزيزٌ علينا فقده ومهولٌ علينا مصابه، ولكننا إزاء ذلك لا نملك إلا أن نقول: الحمد لله رب العالمين، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ }. أخي وعزيزي أبا طارق: هذه سنة الله في خلقه. فليس هناك بيت في الدنيا لم يزرهُ هذا الضيف الكريم في قديم وحديث. وسابق ولاحق فهو لا يفرق بين كبير وصغير، لا ذكر ولا أنثى، ولا غني ولا فقيرٍ، ولا عالم أو جاهل، ولا أمير أو مأمور، {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ }. وما دام أن الأجل مكتوب وحاصل لا محالة وأنه قاسم مشترك أعظم يشمل الكائنات كلها بلا استثناء، فإن الأمر مقبول والخطة يسير مهما كان جللاً وصعباً: الموت حتم لازم وكأسٌ كل شاربه مالي وللشعر وإن كان حكمة والله يقول { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } وما علينا معشر البشر - حينما يدهمنا هذا الزائر الذي سنستضيفه إن عاجلاً أو آجلاً - إلا أن نرضى ونسلم ونرحب بالقدر خيره وشره. فالأمور مرهونة بأوقاتها. والآجال مكتوبة في الأزل. كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول وسواء كان ذلك في البر أو البحر أو الجو. أو أي أفلاك أخرى لا ندريها. ولا نعرف كنهها. أو سكانها فضلاً عن نوعيتهم وأنماطهم، فالعالم منه المعلوم. ومنه المجهول {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} عزيزي أبا طارق: أنزل الله عليك، وعلى إخوانك وأخواتك وعلى أبنائه وبناته، وجميع أسرتكم الموقرة الصبر والسلوان والطمأنينة والسكينة. فهذا مآل الدنيا كما ذكرت في البداية وصدق الله { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } { إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاء لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ } فاللهم ارحم فقيدنا الغالي واقبله في واسع رحمتك، ورضوانك. واجعله من عبادك المغفور لهم والمرحومين إنك جواد كريم عفو غفور. واختم بهذه الأبيات: لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان وهذه الدار لا تبقي على أحد ولا يدوم على حال لها شان