من الإنجازات العظيمة التي تحققت للمسلمين في هذا العصر وحق لهم أن يفخروا بها. إن ما يضطلع به هذا المجمع من خدمة للقرآن الكريم في جوانب متعددة بأسلوب عصري غير مسبوق ليعد مفخرة العصر. لم يكن هذا المشروع الإسلامي ليقتصر على طباعة المصحف الشريف في صورة متقنة، وكتابة موثقة هو الجهد الوحيد الذي يقوم على تنفيذه فئة مخلصة من علماء الأمة، وإن كان هذا هو أساس البداية، بل نما وتطور بجهود العاملين المخلصين، وبعطاء سخي من حكومة المملكة العربية السعودية بما ينسجم وأهمية هذا المشروع الإسلامي الفريد، فأضحت مجالات نشاطاته متعددة ومتنوعة من طباعة وتسجيل قراءات بأصوات كبار قراء العصر، وعرض لعلومه، وترجمة لمعانيه لمعظم لغات العالم الإسلامي، يفيد منها المبتدىء، والعالم، والباحث، المسلم، وغير المسلم ممن كتب الله له الهداية، وقد عم ولله الحمد والمنة النفع بهذه الجهود التي يأبى القائمون عليه أن تتوقف عند حدود في كل ما تعم فائدته، ويكثر نفعه من تطوير للوسائل، وتحقيق للغايات. إن الأمة الإسلامية وهي تعيش أقسى ظروفها، وأصعب مراحلها التاريخية، قد تكالبت عليها الأمم، تحاول أن تسلبها خصائصها، ومزاياها، فلم تكتف أن تلحق بها الهزائم، بل نالت من دينها، وقرآنها، ونبيها صلى الله عليه وسلم، وكل رموزها يريدون أن يقتلعوا الأمة من جذورها، ليطفئوا نور الله بأفواههم، وبكل ما أوتوا من وسائل القوة، وتدبير الكيد، والمؤامرات، وهم ماضون، لا يردعهم دين ولا ضمير، ولن يخرج الأمة الإسلامية من هذا المأزق إلا العودة إلى كتاب الله، وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ولا يتم هذا إلا بإشاعتهما بين شعوب العالم، ونشر مضمونهما، وإن هذا المجمع بجهود رجاله المخلصين، ونشاطه اللامحدود ماض في نشر القرآن الكريم، وإشاعته بين شعوب العالم، وتقديمه مشروعاً علمياً، وثقافياً على محاور عديدة، وبأسلوب عصري، وهو بلا شك بالغ أهدافه النبيلة إن شاء الله تعالى. إن مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بنشاطاته المتنوعة المتعددة في خدمة القرآن الكريم يقف على ثغرة عظيمة، ويسد فراغاً كبيراً، طالما كان المسلمون بحاجة إليه، وقد تحقق والحمد لله على أعلى درجة من الكفاءة، والكفاية، وهو في نفس الوقت إنجاز على مستوى العصر، وتقدمه، وصل نفعه إلى كل مسلم في جميع أصقاع المعمورة، يجد في برامجه العلمية بغيته كل من يريد الله أن يهديه من المسلمين ومن غير المسلمين. إن المشاريع العلمية المتنوعة المتعددة لهذا المجمع كما نلمسها في برامجه التي سيقف عليها كل من يريد الله به خيرا،ً جديرة أن تكون متضمنة في عنوان المؤسسة متطابقة مع نشاطاتها المتعددة، المتنوعة، وليكن العنوان المقترح: (مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف والدراسات القرآنية). إن وزارة الشؤون الإسلامية في ماضيها وحاضرها عوّدتنا على تقديم كل ما فيه نفع للمسلمين داخل حدود المملكة العربية السعودية وخارجها، وفي هذا المرفق بالذات طباعة المصحف الشريف، وتقديمه للأمة الإسلامية في صورة علمية مشرقة لشاهد صدق على إخلاص رجالها العاملين، وكفاءتهم، وعلى رأسهم معالي الشيخ صالح آل الشيخ -حفظه الله - ورجال وزارته الأكرمون، ولا أنسى في هذا الخصوص أن أشيد بجهود الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف الأستاذ الدكتور محمد بن سالم بن شديد العوفي - حفظه الله - المشرف المباشر على هذا المرفق الإسلامي العظيم الذي يرينا دائماً من نشاطاته العملية، ومشاريعه النافعة ما يبعث على الأمل والاطمئنان، وقد أثمرت الجهود المخلصة ولله الحمد خيراً وفلاحاً للأمة الإسلامية، وإنا لنرجو فوق ذلك مظهراً، نسأل الله عز وجل أن يمدهم بعونه، ويبارك جهودهم ويجزيهم خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين، والله ولي التوفيق، وهو نعم المولى، ونعم النصير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.