يدور النقاش على (أن هناك توجهاً قوياً لفصل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات عن مديرية الأمن العام لتكون إدارة مستقلة ترتبط مباشرة بصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية. ومثل هذا التوجه يعد تطوراً للعمل، والبعد عن البيروقراطية التي تعيق تحقيق أهداف أي مؤسسة، وخصوصاً عندما تكون هذه المؤسسة جهازاً أمنياً مطالباً بالحفاظ على الأمن الوطني، وما يقتضيه عمله من سرعة ودقة في اتخاذ القرار. ولا شك أن وضع جرائم المخدرات يؤرق المسؤول قبل أي شخص آخر، وهذا لا يعني أننا نعيش مرحلة عدم القدرة على المواجهة لهذا الوباء الخطير، على الرغم من كثرة منابع الغزو الفكري وتقنية وسائل التهريب من حولنا. لقد أكد المسؤولون في هذا الوطن، وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين - الملك فهد بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية على ضرورة مكافحة المخدرات، ويظهر جلياً من قراءة بعض ما جاء في الكلمة التي وجهها - حفظه الله - إلى رئيس وأعضاء المؤتمر الإسلامي الثاني لمكافحة المخدرات الذي عقد في إسلام آباد في شوال 1409ه حيث يقول: (...قامت المملكة العربية السعودية بمحاربة هذا الخطر المستشري، وبذل كل جهد للقضاء عليه بما توجبه الشريعة الإسلامية من أحكام رادعة على كل من يتعامل بالمخدرات بأنواعها، مما كان له أكبر الأثر في مواجهتها). فالتوجه لاستقلالية الإدارة العامة لمكافحة المخدرات عن الأمن العام لا يعد عجزاً في مديرية الأمن العام في تحقيق الإدارة العامة لمكافحة المخدرات أهدافها، فقد فصلت الإدارة في تاريخ 18-10-1398ه، من الأمن العام وارتبطت مباشرة بوزير الداخلية حتى تاريخ 1-1-1404ه، وانفصلت بعد ذلك من مقام الوزارة وارتبطت بمعالي مدير الأمن العام مباشرة حتى الوقت الحاضر. إن ما يحدث هو بالتحديد يعبر عن الرغبة الصادقة في التطوير الإداري ومضاعفة المسئولية وحب العمل من أجل الوطن. فالإدارة العامة لمكافحة المخدرات لا تعمل بوحدها، بل تدعمها وزارات وإدارات حكومية أخرى (كمصلحة الجمارك العامة، ووزارة الثقافة والإعلام، ووزارة الصحة، والحرس الوطني.. وغيرها). واستطاعت جميعاً أن تؤدي دوراً كبيراً جداً للمكافحة والوقاية من المخدرات فضلاً عن تعاونها وتنسيقها الإقليمي والدولي. وندرك أن من أهم مهام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، بالإضافة إلى إحدى عشرة مهمة أخرى، هو إحباط عمليات التهريب وتعقب عصاباتها داخليا وخارجياً، فتلك المهمة بالتحديد تؤكد على أن مهمة الإدارة بالدرجة الأولى هي: المكافحة، ونجاح الإدارة في هذا المجال يظهر يوماً بعد يوم، والدليل على ذلك هو ما أحبطته مؤخرا، بالتعاون مع جمرك الميناء الجاف بالرياض، محاولة تهريب (5) أطنان و211 كيلو جراماً حشيشا والقبض على (11) من الجناة. وفي الماضي القريب حصلت المملكة كما جاء في تقرير الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات على المركز الثالث كأقوى جهاز لمكافحة المخدرات عام 1997 - 1998م على مستوى العالم، وعلى أن المملكة (تعتبر ثالث أقوى دولة في العالم في مجال مكافحة المخدرات ومن الدول التي يصعب اختراقها)، وكذلك جائزة مكتب الأممالمتحدة الإقليمي للشرق الأوسط لجهود المملكة في مكافحة المخدرات عام 2000م، وجائزة الاتحاد العالمي للوقاية من المخدرات لجهود اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات في مجال التوعية بأضرار المخدرات. كل ذلك تقديراً من المجتمع الدولي لجهد المملكة واعترافه بمقدرتها. وبالرغم من نجاح المملكة في المكافحة إلا أننا نشعر بقصور في مجال البحث العلمي في مواضيع التوعية والعلاج والعقوبة، وبالتالي فإن فصل الإدارة العامة لمكافحة المخدرات عن الأمن العام مطلب تفرضه الظروف والمتغيرات التي تطرأ على المملكة وخصوصاً بعد استخدام التقنية الحديثة في الترويج والتهريب، بل إن إنشاء هيئة عليا لمكافحة المخدرات هو الأنسب الآن، حيث يمكن من تحقيق التالي: 1 - توحيد الجهود الموزعة بين الجهات الحكومية وضمها تحت مظلة الهيئة مما يقوي عملية المكافحة. 2 - تنظيم النشاطات التوعوية والإعلامية، بشكل أكثر فاعلية، لينتج عن ذلك توحيد الرسائل التوعوية والإعلامية والإقناعية على أسس علمية وعملية، مع وجود لجنة محترفة ومنتظمة تابعة للهيئة بدلاً من الأعضاء المنتمين للمكافحة سواء عن طريق التطوع أو التعاون وهذا سيساعد على الاحتراف المهني للمكافحة، وسيؤدي هذا التغيير إلى السرعة في تنفيذ الدراسات والبحوث ووضع خطط المكافحة والتوعية والعلاج القصير المدى والبعيد المدى. 3 - تفعيل دور مستشفيات الأمل بعد نقلها تحت مظلة الهيئة، علماً أن وزارة الصحة تقوم بعمل مشكور في الوقت الحاضر، وتسهم اللجنة الوطنية والإدارة العامة لمكافحة المخدرات في دعمها مادياً ومعنوياً. 4 - التنسيق مع الجهات المعنية بدراسة جديدة ونظرة واقعية في عقوبة مروجي ومهربي المخدرات. ومن هنا نكون قد دمجنا المكافحة والتوعوية والعلاج والعقوبة تحت مظلة واحدة هي الهيئة العليا لمكافحة المخدرات، تعمل بشكل علمي متكامل العناصر، وتوضح استراتيجية عامة للمكافحة، بعد أن يتم إعداد هيكلها ووضع الفكر الجديد لها وطرح البرامج والمشاريع الخاصة بالمكافحة والوقاية والعلاج والعقوبة لتحقق المملكة أهدافها المرسومة تجاه المخدرات.