عندما يكبر الإنسان ويمتد به العمر يلاحظ ويحس ببعض التغيرات التي قد تحدث في جلده - العضو الأكبر والأكثر وضوحاً في الجسم، فيلاحظ أن جلده اصبح أكثر جفافاً وأكثر تجعداً، وكذلك ازدياد ظهور بعض البقع الداكنة، وأن جلده أصبح يأخذ وقتا أكثر من ذي قبل لالتئام الجروح. بعض التغيرات السابقة الذكر طبيعية لا يمكن تجنبها ولا اضرار لها، وبعضها الآخر يصيب الجلد بالحكة أو الألم.. وعلى النقيض من ذلك فبعض هذه التغيرات كسرطانات الجلد مثلا تغيرات خطيرة تحتاج لمزيد من الاهتمام والتدخل الطبي. ومن رحمة الله أن الكثير من تغيرات الجلد التي تحدث عند الكبر يمكن تجنبها والحد منها. وهذه التغيرات -سواء كانت حميدة لا تسبب أي اضرار أو الخطير منها- علاجها أصبح متوافراً في الوقت الحاضر ولله الحمد، وسوف نتعرض لبعض هذه التغيرات التي تحدث لجلد الإنسان عند كبره. 1 - التجعدات: من المعروف أن الجلد مكون من أنسجة ضامة كأنسجة الكولاجين والأنسجة المرنة التي تجعل من الجلد شاداً وصلباً، ومع التقدم في العمر يفقد الجلد تدريجياً هذه الأنسجة فيصبح رخواً وأقل سماكة، ويفقد كذلك الدهون الموجودة فيه فيبدو أقل امتلاء وأكثر تجعداً. ولكن هل يمكن تجنب التجعدات الجلدية؟ للإجابة على هذا السؤال يجدر الإشارة إلى أن أشعة الشمس هي المسبب الرئيسي لكثير من التغيرات غير المرغوبة في الجلد عند الكبر.. فالتعرض لأشعة الشمس يتناسب طردياً مع الإصابة بالتجعدات. وهناك عامل آخر للاصابة بهذه التجعدات وهو التدخين الذي وجد أنه يزيد من التجعدات بنسبة كبيرة. ولا يجب إغفال العامل الوراثي لهذه التجعدات.. فعند اصابة أحد الوالدين فإن ذلك يزيد من نسبة الإصابة بالتجعدات لدى الأولاد، ولكن مع توفيق الله تعالى أن هذه التجعدات من الممكن منعها والحد منها، وذلك يبدأ في سن مبكرة.. أي من سن الطفولة بتجنب التعرض للشمس والوقاية من آثارها عند التعرض لها ومن ذلك: أ - استعمال الكريمات الموضعية للوقاية من أشعة الشمس، ويجب أن لا تقل عن الرقم (30). ب - ارتداء القبعات والملابس ذات الأكمال الطويلة. ج - الحرص قدر الإمكان على تجنب التعرض للشمس بين العاشرة صباحاً والثالثة ظهراً. ويجب كذلك الامتناع عن التدخين. ويجب التذكر دائماً أن الوقاية من التجعدات تبدأ في سن مبكرة أي من سن الطفولة. ماالعلاج لهذه التجعدات؟ يوجد الكثير من الأدوية التي توحي بتفاؤل لعلاج التجعدات الجلدية، ومن ذلك مركبات الريتينود (Retinoid) الموضعية،وكذلك مركبات أحماض الفواكه.. فقد وجد ان هذه المركبات تعيد إلى الجلد بعض مكوناته التي فقدت بسبب التعرض لأشعة الشمس. وبعض التغيرات التي تحدث للجلد كالخطوط التي تحدث على الجبهة وحول العينين أو على جانبي الفم يمكن علاجها بواسطة أطباء الجلدية إما عن طريق حقن البوتكس أو حقن مواد الكولاجين أو الدهون أو باستعمال التقشير الكيميائي أو بالليزر. 2 - جفاف الجلد: كما ذكر سابقاً فإن الجلد يصبح جافاً مع التقدم بالعمر، وهذا يؤدي إلى حكة بالجلد خصوصاً في الجو البارد والجاف. الحالات البسيطة من جفاف الجلد يمكن علاجها بالمطريات التي ينصح باستعمالها مباشرة بعد الحمام، حيث لا يزال الجلد رطباً ومبللا بالماء.. ومن المطريات التي ينصح باستعمالها مادة الفازلين وكذلك مطريات اليوريا وحمض اللبن وأحماض الفواكه.. وللتخفيف من جفاف الجلد يجب التقليل من الاستحمام والابتعاد قدر الإمكان عن استعمال الصابون والحرص على استعمال الماء البارد عوضاً عن الماء الحار.. وإذا تم اتباع هذه النصائح ولم تُجْدِ فينصح باستشارة طبيب أمراض الجلدية للبحث عن المسبب لهذه الحكة. 3 - آفات الجلد: النمو في بعض أجزاء الجلد والبقع الملونة تكثر مع تقدم العمر وهي تتراوح بين الحميدة كالثآليل مثلا إلى أمراض تحتاج إلى تدخل جراحي كسرطانات الجلد.. ومن هذه الآفات: أ - التقرن المتي (Seborrheic Keratosis): هو مرض شائع الحدوث ويتميز بوجود بقع حمراء أو بنية مغطاة بقشور.. وهذه التقرنات يجب علاجها في مراحلها الأولى إما عن طريق الكي الحراري أو الكي بالتبريد أو ببعض الدهانات الموضعية، وإذا أهمل علاجها فإنها قد تكبر وتتحول إلى سرطان بالجلد تجب إزالته جراحياً. ب - سرطان وسفية الخلايا (Squamous Cell Carcinoma): وتظهر غالباً على مناطق التعرض للشمس خصوصاً في الأذن والوجه والشفاه وظاهر الكفين.. وقد تظهر كاحمرار أو تحفر في الجلد أو تقرحات فيه ويجب علاج هذا النوع من الأورام عن طريق الجراحة. ج - سرطان قاعدة الخلايا (Basa Cell Carcinoma): وهو أكثر السرطانات التي تصيب الجلد شيوعاً ويظهر على مناطق التعرض للشمس خصوصا الرأس والوجه والأنف والعنق والصدر.. وقد يصاب بنزيف في حالة إصابته بأي كدمة، وهو مرض بطيء النمو وطرق علاجه كثيرة وفعالة بإذن الله، منها الكي الحراري أو بالتبريد أو مجموعة من الدهانات الموضعية أو بالجراحة. د - الورم الملانيني الخبيث ( Malignant Melanoma): من الأورام الأقل شيوعاً ولكنه من الأمراض الخطيرة، ويظهر على شكل بقع داكنه تميل للسواد مختلطة الألوان وحوافها غير منتظمة ويزيد قطرها عن (5مم) وتظهر غالباً في الظهر، ويجب علاج هذه الأورام عن طريق الجراحة. ه- بعض الامراض الجلدية يكثر حدوثها عند كبار السن على الرغم من حدوثها في جميع الأعمار ومن ذلك: الحزام الناري، الحساسية الدهنية، دوالي الأوردة، والتقرحات بالأقدام وكذلك وجود تبقعات دموية فيها. وختاماً يجب التأكيد على أن بعض هذه التغيرات حميدة لا تتعدى كونها تغيرا في الشكل الجمالي للجلد، والبعض الآخر يجب الاهتمام به وعدم إغفاله واستشارة طبيب مختص بالأمراض الجلدية عند حدوثه، خصوصاً التغيرات غير الحميدة كسرطانات الجلد. د. أحمد الربعي