لا .. لن أغادر هذه بلادنا ولن أهاجر هذه قدسنا وهذه أرضنا وهذه ديارنا وها هي المقابر أنت يا شارون من سوف يغادر هذه الشجرة لي فلن أتركها وأهاجر هذا الصوت صوتنا وهذه بلادنا وها هي الحناجر هذا الكرم كرمنا وتلك الحقول والبيادر لن أغادر كفانا هجرة دفن أبي وأمي وما زلت مهاجر أنتم بنو صهيون من سوف يغادر هذه أرض أبي وأجدادي هذا البحر بحر بلادي وأنا من يسمع صوته الهادر لن أهاجر أنا من ذاق العذاب وجفت دموعه من المحاجر يا بلادي أنا قادم ومنك لن أغادر إغتصبوك يا بلادي سأبقى على ترابك ومنك لن أهاجر هاجر عبدالفتاح ثابت شاعرة المهجر أمي في ليلة لم يضئ فيها القمر، زادت نبضاتي وتسارعت أنفاسي، سمعت صوتاً يهتف باسمي، يناديني، صحوت من نومي على ذلك الصوت وقبل أن أفتح عيني فتحت بابي وسمعت الطارق يهتف هي تريدك، ركضت بعد أن فتحت عيني قليلاً وسمعتها تستنجد وتطلب المساعدة. وعندما شاهدتها لم أصدق ما رأيت، لقد ذبلت وعلا صوتها بتأوه لم أعتد سماعه. وماهي إلا لحظات حتى أمالت رأسها، نعم لقد أمالت رأسها ولم تبدِ أي حركة بعد ذلك. آه من جوفي ومن أعماقي. آه من قلبي ومن وجداني. آه من جسدي ومن أعضائي. آه يا أمي، أين أنتِ؟ لقد غيبوك في غياهب القبور! لمْ رحلتِ وتركتِ ابنةً لكِ تحتاج لكل ذرة من حنانك؟ ولكل لمسة من يديك ووجدانك؟ نعم أحتاجك يا أمي فلا أنيس. أحتاجك وأريد الجلوس معك. فقدت أبي من سنوات وها أنا أفقد أغلى ما عندي.لقد انشطر قلبي، بل انفطر، ولم يجد من يواسيه أو يرأف بحاله سوى الخالق، والذي من لا يؤمل فيه يعتبر خائباً. نوير بنت بشير الغيرة العمياء دخل إلى بيته وقد أنهكه العمل وأخذ منه كل معاني الراحة وجلس على الأريكة القريبة من الباب وبدأ يحاول الاسترخاء قليلاً.. لاحظ شيئاً غريباً تُرى أين هي؟ لما لم تأت وتستقبله ذاك الاستقبال المعهود؟؟ في هذه اللحظة قدمت ووقفت أمامه قائلة بلهجتها الحادة: ترى من قابلتك اليوم؟ مع من ضحكت؟ من التي آنستك بحديثها اليوم؟ قال: أرجوكِ لقد مللت هذا الروتين أريد أن أرتاح، أرجوكِ ابتعدي عني. قالت بلهجة أحد من قبل: نعم ستتحجج بالتعب لأنك لن تستطيع مصارحتي لكن أنا لن أصبر عليك وعلى هذه التصرفات هل تفهم؟ قال: أنتِ كل يوم تأتين بأخبار غريبة يبدو أن كثرة انفرادكِ بنفسك بهذا المنزل الخالي أثر على عقلك، هل تشكين في زوجك أيتها الغبية؟ توالت الأيام والشهور وتوالت الشكوك والمنازعات هذه تتهم وهذا يدافع.. إلى أن جاءت اللحظة الحاسمة عندما وقف بكل صرامة وأطلق عليها رصاصة (طالق)، عندها جثمت على ركبتيها وأمسكت بيده وبدأت تبكي بكاءً حاراً جداً وتصرخ صرخات غريبة، سحب يده منها ومشى بضع خطوات فاستوقفه بكاء طفله الوحيد النائم في غرفته الخاصة حيث لا يعلم هذا البريء ماذا حدث. عندها التفت إليها وقال بكل قسوة: إن عدتِ إلى حياتي فهو من أجله فقط. قالت وهي تمسح دموعها: لكن حياتنا لم تنته بعد. قال: ذلك ممكن وابتسم ابتسامة ساخرة وخرج فعاد على الفور وقال: تُرى أين سأذهب؟ نظرت إليه وهي تحمل طفلها الصغير نظرة كأنها فيها تطلب منه الرحمة والشفقة. نظر إليها نظرة أقسى من قبل وقال: إلى اللقاء.. عفواً.. أقصد.. وداعاً. وخرج إلى حيث لا تعلم. هنا أخذت ورقة صغيرة ملقاة على الأرض وكتبت: (من الممكن أن تكون حياتي معه لم تنته بعد لكن الشمعة احترقت، إذن فالغرفة أظلمت والنهار بعيد والليل طويل، وكتبت في نهايتها: تُرى أين ذهب؟ لا أعلم. ألقت بهذه الورقة الصغيرة بالبحر لتعبر الجزر والقارات.. ومن الممكن أن تعيده إليها. مرآة حواء القصيم - بريدة (ذكريات) عندما تخرج الذكريات من صندوقها المخبأ في إحدى زوايا الذاكرة فإنني أسمع نبضاتك أتخيل وجهك بل وأرى عينيك أنت يا من تسكن هناك إلى جوار البحر ترى هل تشعر بي؟ عندما أتذكر تهب روائح الربيع في الدنيا فيصبح كل شيء إما عطراً أو شموعاً مضيئة أو حديقة كبيرة مليئة بالورود المتفتحة أنت وحدك من تستطيع أن توقظ الأمل بداخلي.. أتذكرك ويأخذني الشوق الى مدائن حبك.. أراك في كل الوجوه أسمعك في كل صوت وكل همسة وكل همهمة. فأين أنت..؟ سورقية لو كنت أعلم! إلى من يهمها الأمر: لو كنت أعلم أن الفتحة تنصب المنصوب لم أفتح لك قلبي لتدخلينه بالنصب والاحتيال ولو كنت أعلم أن الكسرة تجر المجرور لم أكسر خاطري وأنجر خلف سراب حبك المزيف ولكن ماذا أفعل وعلماء النحو من قبلي رفعوا المرفوع ونصبوا المنصوب وجروا المجرور. والآن أثق تمام الثقة بأن كان وأخواتها ترفع ما بعدها لذلك أقول لك: كان حبك قدري المحتوم ومصيري الذي طالما حاولت الهروب منه بل استخدمت كل حروف التمني للخروج من هذا الواقع المر . وكلما حاولت الهروب منه ألقاه معي في كل لحظات حياتي وكم تمنيت أن أموت مئات المرات عسى ولعل أن تكوني سعيدة بهذا المصير. عفواً سيدتي الجميلة لقد احببتك بكل الأفعال المطلقة فأحببتك حباً فيك وأخلصت إخلاصاً لك علماً بأن المرأة أكثر إخلاصاً من الرجل ولكن يتذكره الرجل عندما تنساه المرأة. عفواً عزيزتي ما ذنب تلك المشاعر البريئة التي انتحرت من ذلك الكابوس الذي ما زلت أعيشه في كل ظروف الزمان والمكان بل في كل لحظات حياتي؟ ذلك الكابوس الذي أصبح مثل ظلي يصحبني في حلي وترحالي. وفي النهاية يبقى الألم ذا فضل لينتصر على الأمل في فلسفة الصمت.. غريب الديار المجاردة - ختبة