قرأت خبراً بعدد الجزيرة 11534 في 8-3-1425ه حول تكريم من اسسوا المكتبة العامة بالدلم والتي اسست في 14-4-1384ه فذكرني ذلك ظهور وازدهار المكتبات في الإسلام في العصر العباسي لانتشار صناعة الورق في بغداد وغيرها وذكر في ذلك الطبيب الذي احتاج إلى 400 بعير لينقل كتبه عندما دعاه سلطان بخارى ليقيم في بلاطه ولن ننسى ياقوت الحموي وبقاءه في العيش في مدينة مرو حاضرة خراسان لوجود عشر خزائن من الكتب لديه والتي جمع منها مادة كتابه (معجم البلدان) ثم ان مكتبة المدرسة الفاضلية سنة 580ه التي انشأها عبدالرحيم بن علي البياني والتي تشتمل على مئة الف مجلد ومن المكتبات مكتبة بيت الحكمة في قصر الخضراء بدمشق والتي بناها معاوية ومكتبة الاسكندرية التي تحوي مئتي الف لفافة بردية وفي حلب مكتبة سيف الدولة الحمداني. وفي الأندلس مكتبة عبدالرحمن الناصر التي تشتمل على 40 الف كتاب ومكتبة الحكم الثاني بقرطبة والتي ضمت 400 الف مجلد. وإذا كانت مكتبة مسجد القرية وجامع المستنصرية وجامع المنصور في بغداد وبني أمية في دمشق وجامع ابي الفداء في حماة والمسجد الأقصى في القدس وجامع الازهر وابن طولون والزيتونة وطليطلة وقرطبة ومكتبات الخلفاء العباسيين في بغداد والفاطمية في مصر والأموية في الاندلس، فإن مكتبة الدلم العامة من أقدم المكتبات السعودية حيث كانت الحركة الثقافية في عاصمة الخرج التاريخية مدينة الدلم حيث انشىء النادي الثقافي بها وكان بها جامعة علمية يقصدها طلاب العلم من داخل المملكة وخارجها وكان لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن بارز دور رائد في ذلك.وكان من ثمار تلك الحركة الثقافية ما يدرس الآن من إنشاء ناد ادبي لمحافظة الخرج يكون مقره مدينة السيح كما ان صدى هذه النقلة النوعية في مسيرة الأدب والتاريخ وغيرهما الحماس الشديد وخروج العديد من الأدباء والمؤرخين في العصر الحاضر من عموم محافظة الخرج ولقد كان التطور الذي شهدته مكتبة السيح وفتح قسم للنساء فيها كذلك نقل مكتبة الدلم العامة وسط البلد وعلى طريق حيوي التفاتة قوية من المثقفين والمهتمين ودعم من المسؤولين وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالعزيز محافظ الخرج الحريص دائماً على النهوض بالخرج في جميع النواحي. إن فكرة تكريم مؤسسي مكتبة الدلم العامة فكرة رائدة ورأي صائب وشعور جميل نحو اولئك النخبة الذين قدموا شيئا في زمن يصعب فيه توفر الامكانيات المتاحة ولقد كنت في صغري عند بداية انشاء نواة المكتبة عندما كانت في بيت من الطين صغيراً جداً يقع في الحامدية على مسناة آل حسين المتجهة للعذار والقادمة من وادي تركي ثم تم انتقالها الى القصور بالعذار وسميت بمكتبة العذار وعندما ضمت إلى إدارة التربية والتعليم اقيم لها مبنى مسلح على طريق العذار وتحولت إلى مكتبة الدلم العامة حيث دعمت بالعديد من الكتب بمختلف انواعها والآن انتقلت الى طريق الأمير سلمان بن محمد (الصحنة - الدلم) وبدأت تساهم في العديد من الأنشطة منها معرض التوعية باضرار المخدرات ومن باب اعطاء الحق المستحقية أورد اسماء المؤسسين للتاريخ وهو ما لم يذكر في الخبر الذي أشرنا إليه وهم: سعود بن عبدالعزيز المعيبد وعبدالعزيز بن محسن آل محسن وعبدالرحمن بن محمد بن مقرن وناصر بن عبدالله بن يحيى وأحمد بن ناصر بن قرين وعبدالعزيز بن صالح المبرد وراشد بن زيد بن طالب وسليم بن عبدالعزيز بن شيحان وفهد بن محمد الشدي وعبدالله بن راشد بن جرجير ومحمد بن عبدالعزيز بن عبدالرزاق ومحمد بن ناصر بن راشد آل صاهود ومحمد بن راشد بن ربيع ومحمد بن ناصر بن قرين وسعد بن محمد بن عقيل ومحمد بن عبدالعزيز العسكر وسعود بن عبدالعزيز الدهيمي وعلي بن عبدالله بن داغر وابراهيم بن هلال العسكر وعبدالله بن هلال العسكر وعلي بن حمد بن علي العسكر وعبدالعزيز بن عبدالرحمن بن جريد وسليمان بن علي بن صليح وعبدالرحمن بن حمد بن شيحان ومحمد بن عبدالله بن سعيد وفرحان بن عبداله آل داوود، ستة وعشرون مؤسسا استطاعوا بجهودهم الذاتية ان يقوموا بانطلاقة ثقافية لخدمة هذه البلاد فكان تكريمهم تتويجاً يشكرون عليه فيذكرون واشكر الأستاذ علي بن حمد العسكر (ابو بركات) الذي بقي ردحاً من الزمن مديراً لهذه المكتبة وتقاعد مؤخراً كما اشكر مديرها الحالي الأستاذ عبدالله بن حمد البسام على قوة حضوره وعمله الدءوب في تكريم هؤلاء الاوائل واستضافته حفل التوعية بأضرار المخدرات تحت رعاية سمو محافظ الخرج وحضور رئيس مركز الدلم واشراف ادارة تعليم الخرج ولاقى استحسانا وقبولا وتوفيقا. وفي الختام احب ان انوه عن بروز عدد من المكتبات في عصرنا الحاضر منها مكتبة الملك فهد الوطنية والتي تعد معلماً حضارياً وخزانة لكنوز المعرفة والتي انشئت عام 1410ه في العاصمة الرياض، كذلك مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض والتي انشئت عام 1405ه ومكتبة الاسكندرية التي افتتحت عام 2002م ومكتبة الأسد بدمشق التي تقع على مساحة 22 الف متر مربع وتهدف إلى توسيع المعرفة في شتى فروعها. وأنهي مداخلتي هذه برفع ندائي لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن ناصر بن عبدالعزيز محافظ الخرج بالتوجيه إلى ايجاد أرض لمكتبة الدلم والرفع بإنشاء مقر نموذجي لها يواكب التطور الذي تعيشه مملكتنا الحبيبة كما نأمل أن يكون هناك أيام لسيدات المجتمع لريادة المكتبة كما هو الحال في مكتبة السيح العامة وتقبلوا فائق تحياتي. حمد بن عبدالله بن خنين /باحث ومؤرخ الدلم