لقد فجع العلماء وطلاب العلم مساء يوم الجمعة الماضي الثاني عشر من شهر صفر بموت أحد المشايخ الفضلاء ودعاة السنة النبلاء ممن قضى شبابه وعمره منذ نعومة أظفاره في خدمة العلم وأهله والدعوة إلى منهج السلف الصالح ألا وهو الشيخ الدكتور أبو عبدالرحمن عبدالسلام بن برجس آل عبدالكريم عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذي وافته المنية إثر حادث مروري أثناء عودته من الأحساء إلى الرياض. والشيخ عبدالسلام رحمه الله هو من مواليد عام 1386ه، درس في المعهد العلمي ثم التحق بكلية الشريعة وواصل دراسته العليا فحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من المعهد العالي للقضاء وقد تتلمذ على علماء كبار منهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز وفضيلة الشيخ محمد بن عثيمين وفضيلة الشيخ عبدالله جبرين الذي لازمه طويلاً وفضيلة الشيخ عبدالمحسن العبيكان وغيرهم من العلماء والمشايخ. وكانت له إسهامات عظيمة في نشر التراث السلفي الموروث عن أئمة الدعوة الإصلاحية رحمهم الله يظهر ذلك من خلال تحقيقاته النافعة لبعض كتب أئمة الدعوة، وله أيضا عدد من المؤلفات من أبرزها كتابه الفريد: (معاملة الحكام في ضوء الكتاب والسنة) وهو كتاب عظيم أثنى عليه الشيخ العلامة محمد بن عثيمين كما حدثني بذلك مؤلفه رحمه الله. لقد كان للشيخ عبدالسلام رحمه الله منزلة عالية في قلوب العلماء وطلاب العلم الذين حزنوا كثيرا على وفاته وتأثروا تأثراً بالغاً على فقده، ورحم الله الإمام أيوب السختياني حين قال: (إنه ليبلغني موت الرجل من أهل السنة فكأنما أفقد بعضاً من أعضائي)، فإذا كان هذا القول في رجل من أهل السنة فكيف برجل نصر الله به السنة وقمع به البدعة، وقضى عمره في تعلم العلم وتعليمه. لعمرك ما الرزية فقد مال ولا شاة تموت ولا بعير ولكن الرزية فقد شهم لكن عزاءنا في الشيخ رحمه الله ما قاله الإمام الفضيل بن عياض: (طوبى لمن مات على الإسلام والسنة) وإن كان لي من اقتراح لمحبي الشيخ رحمه الله والمحسنين من أهل العلم وغيرهم والمسؤولين في جامعة الإمام هو أن يقوموا بجمع مؤلفاته وتحقيقاته ثم تطبع طباعة جديدة في مجموع واحد يسمى: (مجموع مؤلفات وتحقيقات الشيخ عبدالسلام آل عبدالكريم) رحم الله أخي الشيخ عبدالسلام فقد عرفته مناصراً للحق رحيماً بالخلق متبعاً للسنة في خطبته وصلاته، مجاهدا بلسانه وقلمه، خلوقاً متواضعاً جواداً كريماً. رحمه الله رحمة واسعة وألهم أهله وذويه وجميع محبيه الصبر والسلوان { إنا لله وإنا إليه راجعون }.