منذ أن بعث محمد صلى الله عليه وسلم وأعداء الإسلام من اليهود والنصارى وسائر الكفار يكيدون للإسلام وأهله، ويبذلون في ذلك جميع قدراتهم وإمكاناتهم ومكرهم وحيلهم، وفي هذا الزمان ابتداء من بداية القرن الماضي ركزوا تركيزاً عظيماً على المرأة المسلمة باسم تحريرها، أو مساواتها مع الرجل، أو التباكي على حقوقها، وأرادوا أن تخرج المرأة المسلمة من حجابها سافرة متبرجة. ولاشك أن ذلك يتطلب مواجهة لهذه القضية، لمعرفة الوسائل الواجب اتخاذها في هذا السبيل. «الجزيرة» طرحت تلك القضية على عدد من أصحاب الفضيلة المشايخ.. وكانت تلك الحصيلة. المرأة المسلمة مستهدفة! في البداية تحدث معالي الشيخ عبدالله بن محمد المطلق عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.. قائلاً: الغارات على المسلمين كثيرة، وليست على المرأة فقط، الشيطان يغير على الناس بخيله ويجلب عليهم برجله ويسلط قرناءه من الإنس لإثارة الشبهات واستغلال الشهوات {وّيٍرٌيدٍ پَّذٌينّ يّتَّبٌعٍونّ پشَّهّوّاتٌ أّن تّمٌيلٍوا مّيًلاْ عّظٌيمْا (27(} [النساء: 27] والمرأة المسلمة مستهدفة في هذا العصر خصوصاً بعد ما وصلت إلى الناس الحضارة الغربية وما فيها من تفسخ النساء وادعاء مساواة المرأة بالرجل في الحقوق والواجبات وهذه دعوةلا يسلم بها أحد. الله عز وجل قد أوجب على كل جنس من الواجبات ما يلائم الطبائع التي خلقه الله تعالى عليها، الله عز وجل خلق المرأة وأوجب على الرجال احترامها سواء كانت زوجاً أو أماً أو أختاً أو أرملة أو أماً لأيتام، والإسلام لا يرضى أن يقع ظلم عليهم، والذين يدعون تحرير المرأة هم في الواقع يسعون إلى استعبادها، ويركضون إلى جعلها سلعة تباع بواسطة المجلات، ويدخل الزبائن إلى المحلات عن طريقها، وتلك المرأة متى ما تقدم بها العمر أبعدوها كأنهم لا يعرفونها، لماذا؟ لأن مصلحتهم كانت في جمالها واستغلالها كسلعة.. المرأة عند المسلمين أم تقدم في حقوقها على الأب، وليس ذلك بدون عدل بل ذلك هو العدل لأن الأم قدمت في رعاية الطفل والحنو عليه أكثر مما قدم الأب فاستحقت من البر أكثر مما يستحق، إن دعاة التحرير يطلبون من المرأة أن تخرج من بيتها وتترك أبناءها ويطلبون منها أن تكون عاملة في مصنع أو تكون سكرتيرة لرجل أجنبي يتلهى بها يومه، وهذا مالا يقره الإسلام فهو إبعاد لها عن رسالتها الأولى. مواجهة الهجمة الشرسة أما فضيلة الشيخ الدكتور/ فالح بن محمد الصغير الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض فيؤكد: أن المسؤولية تجاه تلك الهجمة الشرسة ضد حجاب المرأة المسلمة مسؤولية مشتركة، بين ولاة الأمر والعلماء وطلاب العلم والدعاة وأولياء أمور النساء، وبالذات المرأة المسلمة لابد أن تستوعب هذه القضية وتواجهها بالعلم الشرعي والفكر السليم. ويوضع الصغير بأنه يمكن للمرأة المسلمة أن تواجه هذه الهجمة الشرسة بالأمور التالية: أ تحصين المرأة نفسها علمياً وفكرياً وعملياً. ومن مقررات هذا التحصين تركيزها على قضية التعليم والقراءة والتثقف بالثقافة الإسلامية العامة ومعرفة أسرار التشريع، مع قوة الإيمان به سبحانه لأنه لم يشرع أمراً إلا لحكمة وفيها مصلحة الخلق، ومنها الحجاب وما نزل فيه من الآيات وما ورد فيه من الأحاديث النبوية مثل قوله تعالى: {يّا نٌسّاءّ پنَّبٌيٌَ لّسًتٍنَّ كّأّحّدُ مٌَنّ پنٌَسّاءٌ إنٌ \تَّقّيًتٍنَّ فّلا تّخًضّعًنّ بٌالًقّوًلٌ فّيّطًمّعّ پَّذٌي فٌي قّلًبٌهٌ مّرّضِوقٍلًنّ قّوًلاْ مَّعًروفْا،وّقّرًنّ فٌي بٍيٍوتٌكٍنَّولا تّبّرَّجًنّ تّبّرٍَجّ پًجّاهٌلٌيَّةٌ الأٍولّى"وأّقٌمًنّ پصَّلاةّوآتٌينّ پزَّكّاةّوأّطٌعًنّ پلَّهّورّسٍولّهٍ إنَّمّا يٍرٌيدٍ پلَّهٍ لٌيٍذًهٌبّ عّنكٍمٍ پرٌَجًسّ أّهًلّ پًبّيًتٌويٍطّهٌَرّكٍمً تّطًهٌيرْا} [الأحزاب: 33] وقوله تعالى:{يّا أّيٍَهّا پَّذٌينّ آمّنٍوا لا تّدًخٍلٍوا بٍيٍوتّ پنَّبٌيٌَ إلاَّ أّن يٍؤًذّنّ لّكٍمً إلّى" طّعّامُ غّيًرّ نّاظٌرٌينّ إنّاهٍولّكٌنً إذّا دٍعٌيتٍمً فّادًخٍلٍوا فّإذّا طّعٌمًتٍمً فّانتّشٌرٍواولا مٍسًتّئًنٌسٌينّ لٌحّدٌيثُ إنَّ ذّلٌكٍمً كّانّ يٍؤًذٌي پنَّبٌيَّ فّيّسًتّحًيٌي مٌنكٍمًواللَّهٍ لا يّسًتّحًيٌي مٌنّ پًحّقٌَوإذّا سّأّلًتٍمٍوهٍنَّ مّتّاعْا فّاسًأّلٍوهٍنَّ مٌنورّاءٌ حٌجّابُ ذّلٌكٍمً أّطًهّرٍ لٌقٍلٍوبٌكٍمًوقٍلٍوبٌهٌنَّومّا كّانّ لّكٍمً أّن تٍؤًذٍوا رّسٍولّ پلَّهٌولا أّن تّنكٌحٍوا أّزًوّاجّهٍ مٌنً بّعًدٌهٌ أّبّدْا إنَّ ذّلٌكٍمً كّانّ عٌندّ پلَّهٌ عّظٌيمْا } [الأحزاب: 53] . وقوله تعالى:{يّا أّيٍَهّا پنَّبٌيٍَ قٍل لأّزًوّاجٌكّوبّنّاتٌكّونٌسّاءٌ پًمٍؤًمٌنٌينّ يٍدًنٌينّ عّلّيًهٌنَّ مٌن جّلابٌيبٌهٌنَّ ذّلٌكّ أّدًنّى" أّن يٍعًرّفًنّ فّلا يٍؤًذّيًنّوكّانّ پلَّهٍ غّفٍورْا رَّحٌيمْا} [الأحزاب: 59] أما الأحاديث النبوية فهي أكثر من أن تحصر في آداب اللباس والزينة، وآداب خروجها من بيتها لحاجتها وسفرها مع محرم وكل ما يتعلق بشؤونها. ب العلم بأن هناك أعداء يتربصون بها الدوائر من يهود ونصارى ومنافقين وعلمانيين، وقد يكونون من بني جلدتنا ودرسوا في مدارسنا وشربوا من مائنا، لكن أرادوا الضلالة بعد الهدى، فضلوا وأضلوا، فهؤلاء يظهرون أنفسهم للمرأة المسلمة بمظهر المصلح الباكي المتباكي على مصلحتها وحقوقها، ولكنهم من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، قاتلهم الله أنى يؤفكون. ج ويتبع ذلك التعرف على وسائل هؤلاء الأعداء ومخططاتهم ومطالبهم وأهدافهم ومقاصدهم: عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه ومعرفة تلك الوسائل تفيد في مزيد من التحصين والحذر. د مجابهة هذا الغزو بكل ما تملك من وسائل، وعلى حسب كل امرأة، فطالبة العلم واجبها أعظم من غيرها، والمعلمة كذلك، ومربية الصغار كذلك، وغيرهم، وطرق هذا الموضوع باستمرار لأنه من أخطر وأشد الموضوعات وأهمها، مابالكم إذا تمكن هؤلاء الأعداء من تحقيق مطالبهم: من خروج المرأة إلى ميادين عمل الرجال ومخالطتهم، ونزع الحجاب عن وجهها، وإظهار مفاتن جسمها، والتجمل للزبائن، تصادق الرجال، وتسهر معهم، تاركة أطفالها في دور الحضانة فماذا سيكون وضعها؟ ووضع المجتمع الذي هي فيه؟. ه ومما يفيدها أيضاً: التعرف على أحوال المرأة الكافرة وما جر لها ذلك الانفتاح: ويلات ونكبات، وما تعيشه من قلق واكتئاب، فهي مهانة حقيرة، وفي حال شبابها ونضارتها يعبث بها العابثون فهي كالمنديل يتمسح به ويرمى في القمامة، وكالحمام في قارعة الطريق كل يبول فيه ويواصل سيره، وفي حال كبرها وعجزها تحتضن كلبها وقطتها موصية لهما بمالها. فإذا عرفت المسلمة أن مآلها إلى هذا الأمر، استعصمت بالله وحمت نفسها من الوقوع في السفور والتبرج وما يجره من الويلات والنكبات، وتمسكت بشريعة ربها وما أراده سبحانه لها فنداء من هذا المنبر الكريم إلى كل امرأة مسلمة أن تعي ذلك تمام الوعي لئلا تندم ولات حين مندم يوم لا ينفع الندم. المجتمع الطاهر أما فضيلة الشيخ/ رضوان بن عبدالكريم المشيقح رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمدينة بريدة فيقول: إن من أعظم مقاصد هذا الدين إقامة مجتمع طاهر، سياجه الخلق، وطابعه العفة، وشعاره الحشمة والوقار، مجتمع لا تهاج فيه الشهوات، ولا تؤثر فيه عوامل الفتنة والغواية بل وتنقطع فيه أسباب التهييج والإثارة. ومن هنا كانت التربية الإسلامية تفرض على المرأة المسلمة الانضباط في اللباس سترة واحتشاماً، ورفضاً للعبث الماجن حيث شرع الله الحجاب ليحفظ هذه العفة ويصونها من أن تخدشها أبصار الذين في قلوبهم مرض، وأحكام الحجاب في كتاب الله وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام صريحة في دعوتها، واضحة في دلالته ليست مقصورة على نساء عصر دون عصر قال تعالى: {يّا أّيٍَهّا پنَّبٌيٍَ قٍل لأّزًوّاجٌكّوبّنّاتٌكّونٌسّاءٌ پًمٍؤًمٌنٌينّ يٍدًنٌينّ عّلّيًهٌنَّ مٌن جّلابٌيبٌهٌنَّ ذّلٌكّ أّدًنّى" أّن يٍعًرّفًنّ فّلا يٍؤًذّيًنّوكّانّ پلَّهٍ غّفٍورْا رَّحٌيمْا} [الأحزاب: 59] وتقول أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية، وما خوطب به أمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مطالب به جميع نساء المؤمنين {يّا نٌسّاءّ پنَّبٌيٌَ لّسًتٍنَّ كّأّحّدُ مٌَنّ پنٌَسّاءٌ إنٌ \تَّقّيًتٍنَّ فّلا تّخًضّعًنّ بٌالًقّوًلٌ فّيّطًمّعّ پَّذٌي فٌي قّلًبٌهٌ مّرّضِوقٍلًنّ قّوًلاْ مَّعًروفْاوقّرًنّ فٌي بٍيٍوتٌكٍنَّولا تّبّرَّجًنّ تّبّرٍَجّ پًجّاهٌلٌيَّةٌ الأٍولّى" [الأحزاب: 33] . وفي هذا يقول ابو بكر الجصاص وهذا الحكم وإن نزل خاصاً في النبي عليه الصلاة والسلام وأزواجه فالمعنى فيه عام فيه وفي غيره، وفي مقام آخر يقول الله عز وجل:{وّلا يّضًرٌبًنّ بٌأّرًجٍلٌهٌنَّ لٌيٍعًلّمّ مّا يٍخًفٌينّ مٌن زٌينّتٌهٌنَّ} [النور: 31] وهو ما يتحلى به في الأرجل من خلخال وغيره فإذا كان صوت الخلخال بريدا إلى الفتنة فكيف بالوجه الذي يحكي الجمال والشباب والنضارة. ويقول صاحب الدر المختار في فقه أبي حنيفة رحمه الله وتمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال لخوف الفتنة كمسه، وإن أمنت الفتنة ويقول عليه الشارح ابن عابدين رحمه الله المعنى أنها تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها فتقع الفتنة، لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة وقبله قال أبو بكر بن الجصاص والمرأة الشابة مأمورة بستر وجهها وإظهار الستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع فيها أهل الريب، وفي السنة المطهرة حين أبيح للخاطب النظر من أجل الخطبة دليل على أن غير الخاطب ممنوع من النظر، وكذلك حينما قال عليه الصلاة والسلام من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة قالت أم سلمة رضي الله عنها فكيف يصنع النساء بذيولهن أي الأطراف السفلى من الجلباب والرداء قال يرخين شبراً قالت إذا تتكشف أقدامهن قال فيرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه. فإذا كان هذا في القدم، فالوجه أكثر فتنة وشراً مستطيرا. والحكمة والنظر السليم تأبيان ستر ماهو أقل فتنة والترخيص في كشف ماهو أعظم فتنة، ومهما قيل في الحجاب ومشقته على النساء، وأنه عثرة تمنع من واجب أو تحول دون الوصول إلى حق بل لقد كان ولا يزال سبيلاً قويماً يمكن المرأة من أداء وظيفتها بعفة وحشمة وطهر ونزاهة على خير وأتم حال، وتاريخ الأمة شاهد صدق لنساء فضليات جمعن في الإسلام أدباً وحشمة وستراً ووقاراً وعملاً مبروراً دون أن يتعثرن بفضول حجابهن أو سابغ ثيابهن، وإن في شواهد عصرنا من فتياتنا المؤمنات متحجبات بحجاب الإسلام متمسكات بهدي السنة والكتاب قائمات بمسؤولياتهن خير من قرينات لهن كاسيات عاريات متبرجات بزينتهن تبرج الجاهلية الأولى، وليعلم دعاة السفور ومن شابههم الذين يدعون أن الالتزام بالحجاب والاحتشام عاملاً من عوامل التخلف خدعة مكشوفة لا تنطلي إلا على غافل ساذج، أو من في قلبه مرض.