بعد ان كادت العلاقات الاوروبية الامريكية تسير نحو التوافق والانسجام في العديد من المواقف والقضايا خاصة التي تتعلق بمنطقة الشرق الاوسط والحرب على العراق جاءت الانتخابات الاسبانية وفوز خوسيه ثابايترو الامين العام للحزب الاشتراكي بأسبانيا ليحدث شرخاً في هذه العلاقة ويصيبها بالاهتزاز بعد ان وجه ثاباتيرو انتقادات لاذعة لكل من بوش وبلير ووصفه لحرب العراق بالكارثة واعلانه انسحاب الجنود الاسبان من العراق وهو الامر الذي حدا بالمراقبين للتساؤل عن تأثير الانتخابات الاسبانية على التحالف الاوروبي والعلاقة مع امريكا وتأثيرها على الانتخابات الامريكية وكذلك الاوضاع في العراق ويؤكد المراقبون انه بهزيمة ازنار وفوز ثاباتيرو سيكون له تداعيات وتأثيرات كبيرة على السياسات الدولية التي تحكم العلاقات بين اوروبا وامريكا فالانشقاق عن التحالف الاوروبي جاء من وسطه وليس من الخارج. حول تأثيرات وانعكاسات الانتخابات الاسبانية على الساحة الاوروبية والامريكية والوضع في العراق التقت (الجزيرة) نخبة من المحللين السياسيين وخبراء الاستراتيجية. يرى الدكتور احمد يوسف رئيس معهد الدراسات العربية التابع للجامعة العربية ان الانتخابات الاسبانية افرزت معطى جديداً سيكون له تاثيره على مجريات السياسة الدولية فبعد فوز ثابايترو اصبح وضع رموز الحرب على العراق امثال بوش وبلير وازنار وجون هوارد مطاردين بلعنتها ومهددين بضياع مستقبلهم السياسي بينما كان تصورهم ان الانتصار الذي يحققونه في العراق سيدعم مستقبلهم لسنوات طويلة قادمة وقد شهدت الايام الاخيرة تأكيدا على ذلك بعدما حدث لازنار في الانتخابات فقد تقدم الحزب الاشتراكي المعارض على الحزب الشعبي الحاكم مما يعد ضربة قاصمة لزعيم اسبانيا الذي تصور ان التاريخ يمكن ان يعيد نفسه وانه بتأييده المطلق لسياسات بوش قد يعيد لاسبانيا صولجانها المفقود وقد طالب ثابايترو الرئيس الامريكي جورج بوش ورئيس الحكومة البريطانية توني بلير ان يقوما بنقد ذاتي بشأن الحرب على العراق التي وصفها بالكارثة كما اعلن انه سيقوم بسحب الجنود الاسبان من العراق بحلول 30 يونيه. كما تشمل التأثيرات استراليا فقد اوضحت اخر استطلاعات الرأي ان حزب العمال المعارض يتمتع بتأييد حوالي 54 % من الناخبين بينما يحظى الائتلاف الحاكم بزعامة جون هوارد باقل من ذلك وقد تناقصت شعبيته. والمؤكد ان حرب العراق كانت حاضرة في الحالتين فاسبانيا شهدت التفجيرات والتى اعلنت القاعدة مسؤوليتها وهذه من تداعيات حرب العراقواستراليا هناك شكوك في تداول معلومات خاطئة ومغالاة تجاه مسألة الحرب على العراق وهذا كله يؤكد ان الانتخابات الاسبانية الاخيرة ستترك تأثيرات وتداعيات على دول التحالف الاوروبي ومسايرة السياسة الخارجية الامريكية. اهتزاز شرعية التحالف ويرى الدكتور عمرو الشوبكي الخبير بمركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية ان فوز ثاباتيرو في الانتخابات الاسبانية وهزيمة ازنار سيكون لها تأثيرها الكبير على الدول الاوروبية التي تحالفت مع الولاياتالمتحدةالامريكية ويعزز الموقف الرسمي لكل من فرنسا والمانيا اللتين عارضتا الحرب على العراق في البداية والتأثير الكبير سينصب على بريطانياوايطاليا باعتبار ان بريطانيا الحليف الرئيسي للادارة الامريكية الحالية وباعتبار ان ايطاليا ترى نفسها جزءاً من مشروع التحالف الاوروبي وخاصة موقف بيرلسكوني الاخير عن التوجهات الايطالية التي تراهن على التحالف مع امريكا. ويقول الشوبكي ان المعنى او الرسالة الجديدة لاسبانيا التي اوضح عنها ثابايترو الادانة الكاملة لحرب العراق ودعوة بوش وبلير لمراجعة انفسهما ووصف الحرب على العراق بالكارثة والاعلان عن سحب القوات الاسبانية من العراق وهذه كلها امور تعمل على اهتزاز شرعية التحالف الاوروبي الامريكي ضد الارهاب. ويضيف الشوبكي رغم ان الدور العسكري لاسبانيا في العراق رمزي ولا يزيد تعداد الجنود الاسبان اكثر من 1200 جندي الا ان انسحابهم سيكون له تأثير معنوي ورمزي كبير ومن المتوقع ان يمتد ذلك الى الساحة الاوروبية وعن مدى اظهار قوة التصويت الشعبي او قدرة الشعوب على الرؤية الصحيحة اكثر من الحكام واختيار الطريق قال الشوبكي ان الحكومة الاسبانية السابقة اتخذت خطوات مؤيدة للحرب على العراق وللتحالف الامريكي واستمر الموقف السياسي الرسمي رغم المعارضة الشعبية هناك ولكن ما حدث مع اول اختبار اصبحت الديموقراطية الشعبية ان جاز التعبير لها دور مؤثر ورئيسي في تغيير السياسات الدولية كما تأكد ان مسألة الكذب على الشعوب قد يستمر لفترة من الوقت ولكن لن يستمر كل الوقت. اما عن تأثير فوز أمين عام الحزب الاشتراكي المعارض خوسيه لويس تابايترو في الانتخابات الاسبانية على الانتخابات الامريكية التي تشهد تنافسا حادا بين بوش وكيري يقول عاطف الغمري المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الامريكية بالاهرام ان هناك تأثيرا بلا شك حول قدرة الولاياتالمتحدة على الحصول على الاجماع الدولي فهزيمة ازنار وهو من دعامات التحالف مع امريكا سيكون له تداعياته على بقية اطراف التحالف وخاصة بريطانيا فكيف تتعامل مع ثابايترو ورغم ما اعلنه توني بلير رئيس وزراء بريطانيا انه سيتعامل مع خوسيه تابايترو الا ان ذلك سيكون له عوائق كثيرة فتابايترو اعلن رفضه التام للحرب على العراق ودعا بلير نفسه لمراجعة ذاته اما الانتخابات الامريكية فلها عدة اوجه اخرى فامريكا يوجد بها شقان : الشق الاول الوضع الداخلي وهو له دور حاسم وكبير فى انجاح المرشحين والثاني الشق الخارجي واعتقد ان الشق الداخلي لن يتأثر بالانتخابات الاسبانية اما الشق الخارجي وهو المعنى بالسياسات الخارجية فان اهتزاز صورة التحالف او تفكك التحالف الغربي سيكون له تأثيره الكبير. لغة الحقيقة الدكتور ماهر قابيل رئيس الجمعية المصرية للتحليل السياسي يقول ان الخروج عن التحالف الاوروبي والمعارضة للحرب جاء من قبل التحالف ولم يأت من دولة كالصين مثلا او ايران ومن هنا يكون التأثير كبيرا وخاصة ان تابايترو خاطب الشعب بلغة الحقيقة وكشف الكذب السابق فقد وقعت في اسبانيا انفجارات ضخمة اودت بحياة اكثر من 200 واصابت المئات فسارع ازنار باتهام منظمة ايتا الانفصالية في محاولة واضحة لتصدير المسألة على انها داخلية ولا علاقة لها بالسياسة التي يتبعها ازنار وبوش تحت زعم محاربة الارهاب ثم اعلنت مصادر مختلفة انها تنظيم القاعدة فبات واضحا انها نتيجة مباشرة للسياسات الخارجية التي اتبعتها اسبانيا مسايرة لامريكا. وفى استراليا صدر تقرير اللجنة البرلمانية الخاصة بتحقيق في ملابسات الحرب العراقية وجاء فيه ان حكومة هوارد تعاملت مع المعلومات المخابراتية الخاصة بالتهديد العراقي بشكل انتقائي وانها بالغت في خطورة هذا التهديد ودعا التقرير الى اجراء تحقيق موسع حول الموضوع واطلاع الشعب على كافة الحقائق وهو ما كان له اكبر الاثر في تدني شعبية الائتلاف الحاكم وارتفاع شعبية المعارضة التي يقودها مارك ليتم وقد عملت الانتخابات الاسبانية على تأجيج هذه الخلافات واحداث هذا الفوران والبقية تأتي.