في واحدة من أبرز جلسات ملتقى قراءة النص الرابع الذي ينظمه نادي جدة الأدبي كانت حول قصيدة النثر بين الرفض والقبول. رأس الجلسة د. محمد ربيع الغامدي وشارك فيها د. حسن الهويمل، د. صالح الغامدي، الأستاذة غالية خوجة والأستاذة سهام القحطاني. بدأ رئيس الأمسية بقوله: إن هذا المساء مختلف تماماً عن غيره، فلدينا باحثان وباحثتان، ولقد دأبنا على تقديم السيدات أحياناً أو على الأقل المراوحة بين السيدات والسادة، ولكن في هذا المساء سنقدم العنصر الذكوري. *الورقة الأولى د. حسن الهويمل - أستاذ الأدب الحديث بجامعة الإمام ورئيس نادي القصيم الأدبي وصاحب الثلاثة عشر مؤلفاً ومثيلها من المخطوطات والذي عرف بحواراته الساخنة ونقاشاته.. بدأ الهويمل ورقته بقوله: ما من شيء إلا وله جوهر وعرض، وتساؤلي هذا المساء سيقتصر على جوهر الشعر وعروضه.. والرافضون لأي ظاهرة أدبية أو القابلون لها يمتلكون رأياً متساوياً، ولربما كانت قضايا الأدب تمتلك الإحالة إلى ثلاثة هي: المعيار والشاهد والذائقة. إن موضعة الاختلاف حق للمتلقي، واجبة للأطراف الأخرى فهي تتفق على ذلك لكي تريح وتستريح. وبدأ صدامه مع أنصار قصيدة النثر بقوله: وما أريد تقريره أن هذه الظاهرة ليست شعراً ولا اعتراض على وجودها كظاهرة أدبية، وماذا على عشاق هذا النوع لو أطلقوا عليه النثيرة كالمقالة، والخلاف في تسمية ذلك القول شعراً. وعلى القارئ النظر والتقصي لما كتبه جون كوين عن لغة الشعر والشعرية لتودوروف. وأضاف قوله: إن مما يعمق الخطيئة ويدين المنافحين عن قصيدة النثر تحاملهم على القصيدة العربية العمودية. وما يصلح لأمة لا يصلح لأخرى فلا داعي لتكسير الثوابت. وتساءل د. الهويمل: هل تستطيع القصيدة النثرية تحطيم القصيدة العمودية؟! وقال: وسنحاول التركيز على الوزن والعروض دون البعد اللغوي، فالاختلاف حول تسمية الأشياء بغير اسمها. أما عن مسألة التجديد فقال: لا قيمة للحياة بدون تجديد ولكن التجديد لا يكون للأدنى. وبين د. حسن البون الشاسع بين الشعر وغيره بقوله: والقصيدة غير النثر مثلما أن المشي غير الرقص. فالشعراء من ابن حذام إلى امرئ القيس كانوا على الفطرة دون أن يسبقهم ناقد أو منظّر. وقال: إن قصيدة النثر تقليد غير واع، فالقصيدة الغربية لها ضوابطها التي لا يمكن التخلي عنها ولا يمكن إجراؤها في اللغة العربية، فالشعر إنشاد وتأنّ. وختم بقوله: إن قصيدة النثر تفقد وجودها بوصفها شعراً وتملك وجودها بوصفها نثراً. وقد كانت هذه الورقة الأولى بمثابة الإثارة حول الجدل الدائم وحول قصيدة النثر بين القبول والرفض. * الورقة الثانية: د. صالح بن معيض الغامدي - عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود وصاحب مجموعة من المؤلفات وله مشاركات في الندوات والمؤتمرات داخل وخارج المملكة. كانت ورقته عبارة عن دراسة نقدية لديوان محمد خضر الغامدي، حيث بيّن د. الغامدي أن قصيدة النثر نص حقيقي له حضوره في ساحتنا الأدبية ولكنه يعاني من عدة مشكلات، فهناك مشكلة التسمية التي تعد فعلاً إشكالية حقيقية، فهي التي يتقبل من خلالها المتلقي ويتعامل معها، فإذا لم يقتنع بها فلن يقتنع بما وراءها. وبيّن د. الغامدي أن على الشاعر والمتلقي أن يبذل كل منهما جهوداً مضنية ليتفهم كل منهما الآخر، ومن ذلك غياب الإيقاع. وقال: أنا أطلب من المتلقي أن يعطي نفسه فرصة لقراءة هذه النصوص ثم الحكم عليها. وقال: إن مما يزيد الإشكالية حدة، إشكالية المرجعية، حيث إن مرجعيتها غربية صرفة، والتركيز على مرجعيتها الغربية هو الذي يجعلها أكثر انعزالاً. ومن الإشكاليات الأخرى إحجام النقاد عنها، فقد أحدث ذلك فراغاً نقدياً، حيث أصبح بعض كتاب القصيدة النثرية ينقد الآخر. أما مواقف القراء فتنقسم في رأي د. الغامدي إلى ثلاثة: - فئة رافضة - تستند إلى موقف فكري متحفظ. - فئة متذبذبة مترددة - ويمثلها محمد العلي الذي يقبلها أحياناً ويردها أحياناً. - فئة متحمسة لها. ورقة - غالية خوجة ملخص تجليات المحو الحداثة والشعر في بحثي تركت لرؤياي استغوار الأعماق في الكلمة والزمن والإنسان وذلك من خلال بعض الأسئلة مثل: ماذا بين الشعر والشعر؟ وماذا بين الحداثة والشعر؟ وكيف تحولت النقوش الجدارية الأولى إلى رقم، واستمرت بين كتابة نفسها ومحوها إلى أن تملصت من تراتيلها الأولى مهاجرة إلى طورها الجديد (الشعر) كفضاء لحرية العالم الداخلي وإيقاع تحولاته في الحضور والغياب والشكل؟ ثم تساءلت عن مدى قدرة هذا الفضاء على التحليق والاغتراب والتمايز في تركيبية البنية الكلية للقصيدة من واقع ورمز وتحديث وأسطرة وسريالية وتصوف. ورقة - سهام القحطاني ملخص بحث: قصيدة النثر في الشعر السعودي قصيدة النثر في الشعر السعودي: كانت بدايات قصيدة النثر، أو كما أسماها محمد حسن عواد - رحمه الله - (الشعر المنثور) على يده عام 1351ه، بعد تجارب متعددة مع الشعر المرسل وشعر التفعيلة، من خلال قصيدة بعنوان (أيها الموت)، بل ويعلن موقفه صراحة من الشعر الجديد في كتابه الطريق إلى الموسيقى الخارجية فيقول: (.. وقعت ردة فعل على كثير من أنصار الشعر المقيد نفسه جعلتهم يشغلون بالهم - في قلق عصبي - على مصير هذا النوع الذي لم يعرفوا غيره بالعمل، ولم يعترفوا بوجود سواه في ثنايا التراث، ويصدقون - من كل قلوبهم - أن كل نتاج شعري يخرج على قوانين الفراهيدي، لا يعتبر شعراً لأن الشعر عند هؤلاء هو الكلام الموزون المقفى الذي يأتي على النسق الجاهلي وما تابعه من أنساق شاعت في الشرق الإسلامي العربي.. وجرفت الوسوسة والتعصب بعض هؤلاء إلى إشاعة أن الشعر الحر دسيسة على اللغة العربية دبرها الاستعمار لتدميرها). أما فيما يتعلق بفنية هذا الاتجاه فيقول: (فيضان حركة الشعر الحر، في البلاد العربية كلها، جعل كثيراً من المحترفين، أو متسرعي الشهرة، أو المعجبين به من غير أهله، يستسهلون اقتحامه بنماذج مشابهة له في الشكل العام، ولكنها جوفاء ليس فيها روح الشعر، ولا طبيعته، فلا إحساس بالموهبة ولا اعتراف بسلامة التخطيط ولا التفات للسمات الأصلية، ولا احترام لأصول الفن، وليس هناك غير الشكل، وغير الفوضى فأما الشكل فلعلهم وهموا أنه هو المراد من (الشعر الحر)، وأما الفوضى فلعلهم زعموا أنها عملية تهريج مريحة يستطيعون أن يضللوا بها من لا يدركون الفرق بين الشعر الضوضائي والشعر السليم). والعبارتان السابقتان للأستاذ العواد تطرحان أمامنا قضيتين: قضية الشكل الشعري، وقضية مقاييس قصيدة النثر أو الشعر الحر، أو كما أسماها الأستاذ العواد الشعر المنثور، وقضية خصائص قصيدة النثر. ولم يكن الشاعر السعودي متزمتاً اتجاه التيارات الشعرية الجديدة، بل مرحباً بكل جديد، ومجرباً إياها، وقد أسهم في خلق مرونة هذا الاستقبال والاندماج والمشاركة والتأثر طبيعة المجتمع السعودي المفتوح وخاصة في إقليم الحجاز مصدر التجديد وطبيعة المبدع السعودي الذي لا يحصن فكره بتعويذات مخصوصة، فهذا الشاعر عبدالله القرشي يبين لنا موقفه من التيارات الشعرية الجديدة وهو يقول: (ولم يكن اتصالي بحركة الشعر الحر غريباً علي أو متعارضاً شكلاً مع اتجاهاتي، فقد تخليت، كما قلت، عن القافية ذات الجرس والرنين وفي كثير من قصائدي الأولى اتجاه إلى تنويع القافية في القصيدة الواحدة، ثم اتجاه عفوي إلى الاستطراد الشعري غير الملتزم بتحكم القافية وإلى الانتقال في القصيدة الواحدة من بحر إلى بحر آخر أحياناً، ما دام أن الموسيقى تظل متماسكة ولا تتأبى على هذا الانتقال). ونلحظ أن المنهج الابتداعي في الشعر السعودي كان فاتحة التجديد الشعري على مستوى الشكل والمضمون، ويعرّف الأستاذ عبد الفتاح أبو مدين المنهج الابتداعي: (هو إشباع الشعر بالتفكير والتأمل وتوسيع أفقه بالخروج عن المنطقة الوجدانية البحتة، التي لا تخاطب إلا القلب وحده، والتي تظهر بسيطة هادئة. والقلب ليس هو كل شيء في الإنسان، بل هو قوام الجسد، فهناك (العقل) الذي لا يحسن بالشعر أن ينسى مكانته من الإنسان، وأن في إشراقه في عالم الشعر ارتقاء بمستوى الشعر نفسه،.. لهذا تفتقد مناجاة (النجوم) و(الكواكب) والحديث عن (الأفلاك) وتحليل الغرائز، وفلسفة الحياة، وتقرير النظريات السلسة، يفتقد كل هذا في غير شعر الابتداعيين، إذن فهذا هو المفتاح.. الذي يجعلنا قادرين على دراسة آثار الشعراء المجددين، ومن هذا النوع الممتاز، وتطبيقها على مذاهب الشعر الجديد). ونستطيع أن نستنبط من قول الأستاذ أبو مدين خاصية مهمة من خصائص الشعر الجديد بما فيه قصيدة النثر، وهو دخول العقل في تنظيم التجربة الإبداعية بصورة واعية، العقل الذي يفرض توصياته في كيفيات البناء والتنظيم من خلال المقطع الصوتي والتشكيل التصويري ومنحنى الجملة الشعرية وتموضعاتها، والتعامل مع الفكرة كحالة جدلية حية متقطعة من جسد التجربة متنامية الرؤى، مفتوحة القياس غير مضبوطة بفقه مرحلي أو مقوننة أو مشكلة بملامح خاصة، فالشعر الجديد يصنع رؤية. لكن هذا لا يعني أن التجديد لم يقابل بتيار مناهض، بل كما كان هناك تيار تجديدي متحرر في المقابل كان هناك تيار تقليدي، وكانت الساحة الأدبية سجلاً زاخراً لمعارك عنيفة بين الطرفين (والفئتان لا تلتقيان في شيء فالأولى مولية في الماضي والثانية ميممة شطر الآتي، وكثيراً ما يتداكان ويتعاركان دون أن يكشف كل فريق عن وجهه أو يستقبل الخصم خصمه، ربما وجلاً، وربما حياء، وربما حذراً من استشراء هذا الخصم إلى كل شيء.). خصائص قصيدة النثر في الشعر السعودي عندما هممت بتحليل خصائص قصيدة النثر في الشعر السعودي، وضعت منهجاً لذلك، يقوم على الآتي: تقسيم شعراء قصيدة النثر لثلاث فئات، فترة الثمانينات الميلادية، فترة التسعينات، فترة ما بعد التسعينات، ثم جمعت القصائد وفق التقسيم السابق، المرحلة الأخيرة، كانت تحديد محاور دراسة النصوص لاستخلاص خصائصها الفنية، وكانت تلك المحاور هي: البناء الفني، المعجم الشعري، الصورة الشعرية. وتطبيق الخصائص على أجزاء من بعض النصوص، وأدخلت قصيدة النثر في الشعر الشعبي ضمنها، لأنها تتضمن التجديد. وما لاحظته أثناء قراءتي لمجموع النصوص التي جمعتها للفئات الثلاث، المتشابه الذي يكاد يتطابق في نصوص الفئات الثلاث، سواء على مستوى البناء الفني وأقصد هنا تأليف الجملة الشعرية وتقطيعاتها أو على مستوى المعجم الشعري ولا اقصد به التكرار اللغوي، بل الترادف الذي يولد عند الفئات ذات مستوى الإيحاء، باستثناء اختلاف الصورة الشعرية، وإن كان الاختلاف في صياغتها لا يعني الابتكار، وإنما نسبية تغير جهة الرؤية للشيء ومساحة المساهمة في إزاحة بقعة الضوء عن مركز إدراك المبدع وقدرته على التكوين عن طريق الاقتباس أو الاختزال أو المزج بين المتضادات أو المتقاربات، وخلق لحظة شعرية غير اعتيادية، وإجمالاً أعني النضوج الفلسفي للمبدع. إذا قرأت مجموعة من نصوص قصائد النثر للفئات الثلاث، دون أن تعلم تاريخ نشأتها، تظن أن جميعها ينتمي لفترة زمنية واحدة، وهذه مسألة مهمة، إذ يعني هذا الأمر أن قصيدة النثر منذ منتصف الثمانينات وحتى وقتنا الحالي كانت تتحرك حول ذات المركز، ولعلني أطرح جملة من التخمينات لهذا الأمر، وتظل مجرد تخمينات لا يقينيات أستتبطها وفق استقراءاتي وهي: - استمرار تبعية الشاعر السعودي لرموز التجديد الشعري،واستسهال تمثيل دور المقلد لرواد قصيدة النثر. - قولبة تجربة قصيدة النثر في الشعر السعودي داخل دائرة التشابه مع الآخرين مما أفقده تحقيق نموذج متميز. - شاعر قصيدة النثر يحمل صوت رفض ولكنه لا يملك رؤية أو فلسفة. - تطفل أنصاف الموهبة نسّاخ القوالب الجاهزة لقصيدة النثر، وكتاب النثر الفني على مائدة قصيدة النثر . 1- البناء الفني لقصيدة النثر. تعتمد قصيدة النثر في الشعر السعودي على تفاعلات الموسيقى الداخلية، وهي بذلك تحرص على إيجاد كل تقنيات هذا النوع من الموسيقى عند تشكيل السطر الشعري أو الجملة الشعرية، كالتكرار والإزاحة الدلالية والتوازي وحروف المد وتزاوج الحروف. والكلمات، بجرسها وعلائقها النغمية والبصرية لتعكس خلفية الحالة الانفعالية، والتجانس والتنغيم وصيغ المشتقات والتقطيع والتركيب الصوتي من خلال التقابلات الثنائية، الإيقاع الصاعد مقابل الإيقاع الهابط، وهذا ما ينتج في قصيدة النثر النغم الوترية الممثل الأقوى لموسيقى الأنظمة الصوتية للحروف الانفجارية، المتناقضات. خصوصية التركيب كعلائق متشابكة من النظم. نستخلص مما سبق أن الإيقاع في قصيدة النثر هو محصول (للعلاقات الداخلية للقصيدة، أي هناك ارتباط وثيق بالدلالة المرتبطة أساساً بالصياغة اللغوية، هذه الصياغة التي هي عبارة عن سلسلة من الحركات الصوتية المقترنة بسلسلة من الحركات الفكرية، وحركة مرتكزها الأساسي الدلالة اللغوية المصاغة، تسير مع النص وتنهض في نسيج مكوناته لتوليد الدلالة النهائية، بحيث تكون هناك علاقة تأثير وتأثر بين الإيقاع والدلالة). 2- المعجم الشعري في قصيدة النثر. اللغة عند شعراء قصيدة النثر ليست وسيلة تعبير، بل هي خلق لحالة احتمال، ثابتة أو مؤقتة حقيقية أو مجازية، وتكاد الكلمة في قصيدة النثرتكون هي المسؤولة الأحادية في هذا النمط الكتابي عن صناعة التجربة، لأنها تمثل التعبير والايقاع معاً. تصبغ لغة شعراء قصيدة النثر السعوديين من خلال مواقفهم كرؤيا، تمرد، رفض، عبث، فوضى، تساؤل، شك، جدل، لا زمان، لا مكان، لا انتماء، حزن، تشاؤم، كل هذه المعطيات هي التي تشكل المعجم اللغوي في قصيدة النثر عند الشاعر السعودي، وإن اختلفت زوايا الرؤية وإيضاحاتها. وهي تكوين اللغوي شمولي ذو خصائص نوعية ومواصفات معيارية مجزأة من حيث الكلمة: والصورة، التنسيج التكنيكي لوحدة الحدث المثار والمغلف بواقعية التماثل البيئي، أو الوسط الناقل لرؤياوية الموقف الديالكتيكي لنشوء القصيدة في فرديتها القاعدية الذي يمنحها بدوره نوعاً من التصبغ الإيحائي وجانبية التلامس القرائي كحوار شعري، تمتاز بتراكمية الدفقة الشعورية والحضور السكني، فهي عالم مملوء بمناخات التكاثف الحي والتصاعد الموقعي للأشياء في انعكاسها المرجعي، لذا يصبح التعامل اللغوي ذا خصوصية توقفية، يتجاوز لملمة التعثر الفائض، لأن التلملم وسيلة شرحية لا كشفية محفّزة، وهي من وسائل الأداء الوثائقي، لا الاقتصاد الأدائي التي تعتمد قصيدة النثر، وأهم تقنيات اللغة في قصيدة النثر، الاستعارة، الرمز، الأسطورة، التكثف، الانفتاح الآلي. 3- الصورة الشعرية: (الشعر ضرب من التصوير) كما يقول الجاحظ، لم تعد الصورة في قصيدة النثر، تشبيهاً،أو ربطاً بين متباعدين لأجل خصوصية مادية، بل أصبحت علاقة عقلية، تتبلور من خلال تجربة الشاعر، التجربة المكونة لثورته، والنظام الرؤيوي الجديد الذي ينظّر من خلاله للأشياء واكتشافاتها، فالصورة في قصيدة النثر ليست انعكاساً لشيء موجود مسبق، بل هي نسيج وحدها، نسيج تتفرع منه باقي أطراف نمو جسد التجربة، فالانتقائية هي أساس الصورة في قصيدة النثر، الصورة في قصيدة النثر.. تراكيبية تراكمية، وهذا ما يحيطها بصياغة الغموض. ملاحظة: هناك نصوص، قدمت في البحث كنماذج تطبيقية لخصائص قصيدة النثر في الشعر السعودي. المداخلات * نورة الشملان: قالت: لي سؤال إلى د. حسن الهويمل، فمن المعروف أن الساحة الشعرية تقبلت الشعر المنثور وهو قريب من الشعر الرومانسي، فما رأي د. حسن؟ وسؤال آخر وجهته للجميع: ما تفسير ولع شعراء النثر بالنثر الصوفي؟ * د. عبدالعزيز السبيل: تساؤل إلى د. حسن الهويمل حول تناقض الاسم لقصيدة النثر. * الأستاذة إيمان الصبحي: تساؤل إلى د. صالح الغامدي: هل الإشكالية الكبرى لقصيدة النثر تتجه نحو المصطلح؟ * د. أحمد الجاسم قال: إن القضايا الفكرية ليست مع أو ضد، فالقضية تحتاج إلى نقاش. د. محمد مريسي الحارثي قال: المشكلة أن المصطلح غير واضح لمن تعاطوا مع هذا المصطلح الجديد. * د. عبدالمحسن القحطاني: قال إن القضية ليست قضية وزن وإنما قضية إيقاع. * أميرة كشغري: قالت: المشكلة التي تتناولها قصيدة النثر لها علاقة بالمصطلح وأتفق مع د. مريسي في فوضى المصطلحات. اللغة كائن حي يتطور، يصاب بالضعف، وهذا يعني أن اللغة بإمكانها استيعاب مصطلحات جديدة والحداثة استمرار للتراث وليست معادية له. * الأستاذ علي الشدوي: دعا إلى التعايش ونبذ قضية المصادرة وقال: لماذا هذا الوصف المهول لقصيدة النثر من د. الهويمل؟ وأشار إلى أن اختيار د. صالح الغامدي ديوان محمد خضر لا يعد نموذجاً لكتابة قصيدة النثر لدينا،فلدينا أسماء لامعة مثل عيد الخميسي. * د. أحمد الطامي: أول إشكاليات قصيدة النثر في المصطلح وما أكثر المصطلحات التي جنت على الإبداع. * د. جريدي المنصوري قال: ربما لا نتفق مع د. الهويمل في حدود المصادرة, لكن نحن بحاجة إلى الموقف المحافظ لأنه يؤدي إلى تطور فاعل للتجديد. المشكلة إما الوحدة وإما التعدد فهذا التعدد في النثر يجب أن يقابله تعدد في الشعر. أما تجربة د. صالح الغامدي فقال: إنه يمارس تجربته ونقده لشاعر غير مشهور. * حليمة مظفر قالت: نقاشاتنا لقصيدة النثر لكونها أصبحت كائناً معنا، والتجربة الإبداعية ستفرض رأيها. وتساءلت: إلى متى سيبقى نقادنا يرفضون هذا النوع؟ ودعت إلى المرونة بدلاً عن التعصب. * حسن القثمي - أحد كتاب قصيدة النثر - يكفي أنه أحد كتاب هذا النوع ولنا أن نستشف دفاعه عنه. * د. صالح زيّاد قال: موقفي من قصيدة النثر قد لا يختلف عن الإخوان الذين ناقشوها ولكن المبررات كونها: غربية، ولا تخضع لذوق الأمة، وعدم الاقتناع بها، لا تشكل منطقاً معرفياً ولا تشكل إقناعاً، فالقضية قضية هذا الكائن. أما ذوق الأمة فهو شيء أشبه بالهلام فليس هناك مقياس لقياس هذا الذوق وتحديده فذوق الأمة ليس متجانساً، فهناك أذواق متعددة. * د. حافظ المغربي: سبق أن أعلنت أني لا أتعاطف مع قصيدة النثر، فالوزن والإيقاع شيء مهم. * د. فاطمة إلياس: أعترف أني فشلت في قراءة بعض القصائد النثرية وخاصة لبعض الشاعرات وخيّل إليّ وكأنها بلغة جديدة عليّ أن أتعلمها. وهنا أجد متعة في قراءة نصوص أدونيس لأنه أجاد القصيدة العمودية بداية، وتساءلت: لماذا نعجز عن حفظ قصيدة النثر؟ * د. عبدالله الفيفي قال: ينبغي أن نفرق بين الشعرية والشعر. * د. عالي القرشي تساءل: لماذا المرأة في الأطروحات التي قدمت أكثر تقبلاً لقصيدة النثر من الرجال؟ * أمل القثامي، تمنت من يقوم بتوثيق قصائد النثر بدلاً من الاشتغال في المصطلح. تعليق الباحثين على المداخلات بإيجاز: * سهام القحطاني: البحث في نوع المصطلح مضيعة للوقت. * غالية خوجة: الصورة الرمز ليست مصطلحاً لكل قصيدة. * د. صالح الغامدي: أنا لست متحمساً لقصيدة النثر ولكن من المترددين ولست مع مبدأ ضد أو مع. وعن محمد خضر قال: لم أتخذه نموذجاً لأنه أفضل الموجودين ولكن لتوفره بين يديّ. * د. حسن الهويمل: شكر من اختلف معه وقال: لقد أمضيت قرابة نصف قرن في ترسيخ هذا المفهوم ورؤيتي في قصيدة النثر ليست وحيدة.