الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    استعراض مسببات حوادث المدينة المنورة    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    نهاية الطفرة الصينية !    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    «كل البيعة خربانة»    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    الأمين العام لاتحاد اللجان الأولمبية يشيد بجهود لجنة الإعلام    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اثنينية الشيخ عبدالمقصود خوجة تكرم د. عبدالهادي بوطالب
نشر في الجزيرة يوم 11 - 03 - 2004

استأنفت اثنينية الشيخ عبدالمقصود خوجة نشاطها بعد توقف فترة اجازة عيد الأضحى، وذلك بتكريم معالي الأستاذ الدكتور عبدالهادي بوطالب من المغرب الشقيق.
حيث يعتبر المحتفى به قامة في النواحي القانونية والسياسية، اضافة الى العلوم الدينية.
بدأت الأمسية بالقرآن الكريم للقارئ الشيخ مصطفى الرهوان.
قدمت السيرة الذاتية للمحتفى به.
السيرة الذاتية لمعالي الأستاذ الدكتور عبدالهادي بوطالب
- كاتب ومفكر مغربي معروف في العالم العربي والاسلامي ببحوثه العلمية وتحليلاته السياسية.
- ولد بمدينة فاس - المغرب في نهاية سنة 1923م (23 ديسمبر).
- حامل شهادة الاجازة في الشريعة وأصول الفقه ودكتور في الحقوق (القانون الدستوري).
- اللقب العلمي: الأستاذ الدكتور.
- أستاذ كرسي محاضر في مادتي القانون الدستوري، والنظم السياسية في العالم الثالث، بكليتي الحقوق والعلوم الاقتصادية بالدار البيضاء (جامعة الحسن الثاني) والرباط (جامعة محمد الخامس).
- كان أستاذاً للملك الراحل الحسن الثاني وللملك محمد السادس بالمعهد الملكي بالرباط.
- تقلب طيلة الستينات والسبعينات في عدة وزارات منها: وزير الاعلام والشباب والرياضة، الوزير المكلف بالبرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، وزير العدل، وزير التربية الوطنية، وزير الدولة، وزير الخارجية.
- رئيس مجلس النواب (1970-1971).
- سفير المغرب بالولايات المتحدة وبالمكسيك (1974- 1976).
- مستشار الملك الحسن الثاني (1976-1978).
- المدير العام الأول للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) (1982-1992).
- عضو الأكاديمية الملكية بالمغرب (1982).
- عضو المجمع الملكي لبحوث الحضارة (آل البيت) بعمان الأردن (1982).
- حائز على جائزة المغرب الكبرى للثقافة عام 1994.
- حاصل على وسام الاستحقاق الفكري من المملكة الأردنية الهاشمية.
- حاصل على وسام الاستحقاق من منظمة الإيسيسكو.
- مستشار الملك الحسن الثاني (1992-1996).
- وللأستاذ الدكتور مؤلفات في السياسة والقانون والأدب باللغتين العربية والفرنسية تبلغ 48 كتاباً.
كلمة الشيخ عبدالمقصود خوجة - صاحب الاثنينية
يطيب لي أن أرحب بكم أجمل ترحيب بعد انقطاع حظينا فيه بعيد الأضحى المبارك، سائلا الله سبحانه وتعالى أن يعيده عليكم وعلى المسلمين باليمن والبركة والنصر المؤزر، ومكررا التهنئة بالعام الهجري الجديد، جعله الله عام خير وبركة..
ويسعدني أن نلتقي اليوم لنحتفي بعلم كبير عم صيته الآفاق، أنجز الكثير من جلائل الأعمال التي أضحت مشاريع عطاء في سلسلة ابداعاته المتنوعة، كما انشأ مدرسته الفكرية التي ارتبطت باسمه.. فأهلا وسهلا ومرحباً بمعالي أستاذنا الكبير الشريف السيد الأستاذ الدكتور عبدالهادي بوطالب، الذي تجشم مشاق السفر من المغرب الشقيق ليمتعنا بصحبته الماجدة، ويشرفنا بالاحتفاء به، وتوثيق مسيرته، والاستفادة من سابغ علمه وجليل فضله.
وقبل أن استرسل مع منظومة الحركة الفاعلة التي أطلقها معالي ضيفنا الكبير.. أتوقف مترحما على أخ عزيز، وصديق كبير، أحزننا فراقه.. فكم طابت أوقاتنا بلقاء معالي الأستاذ يوسف الشيراوي، الذي شرفت الاثنينية بتكريمه بتاريخ 25-11-1418ه الموافق 23-3-1998م، فهو من أعلام مملكة البحرين، الذي عمل في سلك التعليم، ودائرة التنمية والخدمات الهندسية، ثم وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء بالوكالة، ثم وزيراً للصناعة في مملكة البحرين الشقيقة، فقد كان (رحمه الله) رمزاً من رموز الثقافة والفكر الواعي بمتطلبات مختلف المراحل التي عاشها وشارك فيها بكل ما أوتي من عزيمة واصرار على المضي في طريق التقدم والازدهار، فوظف علمه وكرس جهوده وأوقاته لخدمة أهدافه السامية المتطلعة دوما الى غد مشرق ينتظم العالمين العربي والاسلامي.. رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.. وألهم مملكة البحرين حكومة وشعبا الصبر على مصابهم الذي آلمنا جميعاً.
إن المتتبع لمسيرة معالي ضيفنا الكريم يكبر فيه الروح العلمية التي صحبته من بيت كله علم وفضل.. فآل بوطالب قد شهدت لهم مشاعل العلم في مدينة فاس منذ تأسيسها، ومنها امتد سنا أنوارهم في كل الاتجاهات ليشمل السياسة والجهاد في سبيل تحرير الأرض، وبسط العدل، وحمل راية الأمن في أجزاء واسعة من ربوع بلاده.
ومن تلك الأرومة التي تنضح بالعز، كان طبيعياً أن يشق أحد أبنائها طريقه نحو جامعة القرويين التي تعلمون مكانتها العلمية والتاريخية، فركض معالي ضيفنا الكبير في حلقات تلك الجامعة العريقة، واستطاع بنبوغه المبكر ان يطوي سنواتها سريعاً ويحظى بلقب (عالم) وفق ما اقتضاه النظام الأكاديمي في ذلك العهد.. ومن حاضنة النور شب الفتى يذرع الدنيا بعينين تلمعان ذكاء وتشعان رغبة في مزيد من التحصيل العلمي، فكان له ما أراد برعاية ملكية سامية، حيث رافق العاهل المغربي محمد الخامس الى عاصمة ملكه ليصبح أستاذاً في المدرسة المولوية وأحد أساتذة جلالة الملك الراحل الحسن الثاني (طيب الله ثراه) الذي كان ولياً للعهد آنذاك.
وفي بلاد عُرف بحب العلم والعلماء، انطلق ضيفنا الكبير في بيئة صالحة ومواتية نحو آفاق أرحب، فكان اتقان اللغة الفرنسية هدفه الأقرب، وبعد اجادتها والابداع في فنونها وآدابها، انصرف نحو اللغة الانجليزية، فأصبحت طوع بنانه ولسانه، وبالتالي فتحت له حضارتا الشرق والغرب أبوابهما على مصراعيهما، فنهل من كنوز المعرفة بشغف وحب امتدت جذوره الى أعماق تاريخ أسرته النجيبة..
وهكذا تسلح معاليه ليشق طريقه في دنيا السياسة والفكر والثقافة بما أصبح مدرسة يشار اليها بالبنان وسط التيارات الفكرية المختلفة.
ومما لا شك فيه أن المسيرة العملية التي قطعها معالي ضيفنا الكبير في مختلف مراحل حياته تنبئ بنبوغ فطري ومواهب متعددة صقلها بثقافة واسعة استقاها بصبر وأناة من مصادرها الأصلية مما أكسبه مرونة بالغة في المقارنة والمفاضلة بين المدارس الفكرية والمذاهب السياسية والابداعات الأدبية، ليتمثل كل ذلك ويهضمه بعقلية جبارة، ثم يستخلص تجربته الخاصة التي أخضعها دائما وأبداً للفكر الاسلامي المستنير، فكان بحمد الله وتوفيقه من أبرز مشاعل التنوير في وقتنا الراهن.
إن تقلب معالي ضيفنا الكبير في عدد مهم من الوظائف الرسمية التي أبحر خلالها محفوفاً بحب كل من عرفوه، سواء في المناصب الوزارية ومنها تسنمه وزارة الشغل والشؤون الاجتماعية، ووزارة الاعلام والشبيبة والرياضة، ووزيراً للصحراء وموريتانيا، ووزيراً منتدباً لدى الوزير الأول والناطق باسم الحكومة أمام البرلمان، ثم وزيراً للعدل، فوزيراً للتربية الوطنية، ثم وزيراً للخارجية، فرئيسا لمجلس النواب، كما شرف بتمثيل بلاده سفيراً في كل من دمشق، وواشنطن، والمكسيك، ثم مستشاراً لجلالة الملك، الى أن عمل أول مدير عام للمنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة.. وخلال كل تلك الأعباء الجسام لم يبتعد قط عن كرسي القانون الدستوري والمؤسسات السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس.
ومع استعراض هذه المحطات الكبيرة في حياة ضيفنا الكبير، نقف اجلالا أمام أعماله الفكرية المتمثلة في مؤلفاته القيمة التي تربو على خمسين كتاباً، صدر بعضها باللغة الفرنسية، والقادم أحلى وأجمل إن شاء الله.. وأحسب ان البشرى قد جاءت في سياق المقدمة التي وضعها ضيفنا الكريم لكتابه القيم (من قضايا الاسلام المعاصر) الذي عالج من خلاله عدة مسائل هي: التطرف الديني - الاسلام والسلطتان الزمنية والروحية - من يملك الحكم والسلطة في الاسلام - مؤسسة الاجتهاد ودورها في المجتمع الاسلامي الراهن - التقريب بين المذاهب الاسلامية وطرق التوفيق بينها..
حيث أشار في خاتمة مقدمته قائلاً: (ونعتزم اصدار سلسلة كتب لمتابعة دراسة قضايا اسلامية مستجدة أخرى، مؤملين أن يجد قراؤها فيها ما يشفي غُلتهم، وما يغني الدراسات الاسلامية المتخصصة).. ويطيب لي أن أهنئ أستاذنا الكبير على هذا التوجيه الخير، والذي سوف يسد ثغرة ظاهرة في المكتبة العربية، فمع وجود كثير من كتب التراث التي عالجت مختلف شؤون الحياة، إلا أن المستجدات قد ألقت بظلالها على تلك الدراسات وحالت بينها وبين التماس الحلول المباشرة لكثير من تساؤلاتنا المعاصرة، وإنني لعلى ثقة كبيرة بأن شخصا في قيمة وقامة ضيفنا الكبير لقمين باعادة اكتشاف تلك الكنوز، ولتكون مرجعا ومرتكزاً لكل دارس في هذه الشؤون التي أصبحت من صميم الهم العام.. متمنياً لمعاليه كل التوفيق والسداد.
وبجانب هذا العمل الدؤوب، لم يبخل استاذنا العلامة الكبير على محبيه بمقال أسبوعي خص به جريدة (الشرق الأوسط) حيث يجد متابعوه اسهاما مميزاً وطرحاً جاداً لا يدخر وسعاً من خلاله للتطرق الى أهم القضايا التي تشغل العالم العربي والاسلامي.. وبالاضافة الى ذلك فلأستاذنا الجليل موقع على شبكة (الانترنت) يمتاز بالثراء والوضوح وسهولة الابحار.. مما يشكل اضافة حقيقة لكل متطلع الى تنويع مصادر ثقافته وللتواصل مع مبدعنا، فأستاذنا قد بذل جهوداً مقدرة لخدمة قضايا أمته، فله كل التقدير والتجلة والاحترام، ونسأل الله عز وجل أن يجعل ما قدم في ميزان حسناته، وأن يسدد خطاه لمزيد من العطاء في هذا المنعطف الذي تمر به الأمة وتتكالب عليها الأمم كما جاء في الحديث، عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك ان تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها، قال: قلنا: يا رسول الله، أمن قلة بنا يومئذ؟ قال: أنتم يومئذ كثير، ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل، ينتزع المهابة من قلوب عدوكم، ويجعل في قلوبكم الوهن، قال: وما الوهن؟ قال: حب الحياة وكراهية الموت (مسند الإمام أحمد، ج5 ص: 278).أرحب باسمكم جميعاً بمعالي ضيفنا الكبير، متمنيا له اقامة طيبة بين أهله ومحبيه وعارفي فضله، وعلى أمل أن نغترف رشفاً من شلالات عطائه وديمة مزنه المدرار ثقافة، وعلماً وأدباً وفكراً أصيلاً.. سعيداً بأن يأتي هذا اللقاء ثمرة من ثمرات التوأمة التي باركها صاحب الجلالة العاهل المغربي الملك محمد السادس، وعلى أمل استمرار لقاءاتنا لتكريم علم من أعلام المغرب الشقيق في كل موسم من مواسم الاثنينية إن شاء الله.
لقد هزني الشوق لضيفنا الكريم أن أبادر بالحضور فور انتهاء فعاليات الملتقى العربي للتربية والتعليم الذي نظمته مؤسسة الفكر العربي ببيروت، مستأذناً جمعكم الكريم الانقطاع لفترة وجيزة لحضور اجتماع مجلس أمناء مؤسسة الفكر العربي بالرباط.. ومن حسن الطالع أن تأتي اجتماعاتنا القادمة في بلدنا المضياف المغرب الشقيق مقر ضيفنا الكريم، وهذا من ترتيب الحكيم العليم، فلم أعلم قبل توجيه الدعوة بمكان انعقاد الاجتماع القادم، ولكن شاء الله أن يسعدنا بضيفنا مرتين، مرة في بلده المملكة العربية السعودية، ومرة أخرى في دياره الحبيبة، مما يسهم في تمتين العلاقات الأزلية بين المملكتين الشقيقتين، وبطبيعة الحال فإن معاليه سيكون من كبار من تشرف بهم مؤسسة الفكر العربي لدى انعقاد اجتماعها الثالث بالرباط.. متطلعاً الى استمرار برنامجنا بعد ذلك على وتيرته التي تعودنا عليها إن شاء الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المداخلات
* أ.د. عبدالمحسن القحطاني: عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة قال: لم نعتد من الأستاذ عبدالمقصود خوجة أن يزج ببعضنا للحديث لأنه عودنا على التنظيم، ولكنه خرج هذا المساء من التنظيم الى المفاجأة.
وبدأ بقوله: أقول لضيفنا انه اسم له رنة في الأذن الشرقية مثل الأذن المغربية، يتفق مع ابن خلدون أن اللسان أبو الملكات، فأراه يطالب صادحاً بحقوق اللغة، فيقول: اللغة لها كيانها، وكنت أسأل: كيف اجتمعت السياسة والحقوق واللغة؟ فأقول: حيوا معي د. عبدالهادي وأهلاً وسهلاً به.
* أ.د. محمد عبده ايمان قنصل عام المغرب قال::
يسعدني اغتنام هذه الفرصة لأقدم للاثنينية وصاحبها الشكر على تفضله بالقيام بهذه المبادرة لتكريم د. عبدالهادي بوطالب، وهي بذلك اشارة لتكريم الشعب المغربي.
أستاذنا عبدالمقصود لم يترك لي مجالاً لتقديم أستاذنا، إلا أن لديَّ اضافات شخصية هذا المساء، فهناك جوانب ومواهب فذة متعددة ويصعب الاحاطة بها، ولكن أورد بعض الاشارات:
- نبدأ بشخصيته العلمية، فهو المتبحر في علوم الشريعة والفقه، التلميذ الذي حفظ القرآن بكامله في سن تسع سنوات، حصل على الشهادات العليا من الجامعة وهو في سن مبكرة، وهذا التحصيل في العلم دفع الملك محمد الخامس الذي أعجب به وبتفوقه وشمولية علمه استشف منه نابغة يفيد المغرب ومستقبله، لذلك كتب كلمة في سجل شهادة د. عبدالهادي ونوره وعلمه.
بعد تخرج بوطالب من جامعة القرويين انتقل للتدريس بها، وكان أصغر عالم علامة بها، وكان مدير جامعة القرويين رفض أن يعطيه لفظة الدكتوراه، ومنحه بدلاً منها لفظ عالم علامة، وبدأ يقدم دروسه في جامعة القرويين وكانت مدرسة جهاد، فقام بتدريس نور اليقين للخضري في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يعطي مثالاً آنذاك للشباب للجهاد ومواجهة الاستعمار الفرنسي.
طلب منه محمد الخامس أن يكون من أساتذة الحسن الثاني ولي العهد آنذاك.
جانب آخر من الجوانب الفذة وهو شخصيته الوطنية الذي كانت له مبادئ، فكان وطنيا في مرحلة الاستعمار، وكان مناضلا مشتغلا بالسياسة، استمر على مبادئه حتى بعد الاستقلال، وكان له صولات وجولات لا تأخذه لومة لائم، دخل الى دهاليز السياسة والسلطة وخرج منها نظيفاً، فهو شخصية متعددة يصعب الاحاطة بها.
* أ. محمد علي قدس أمين سر نادي جدة الأدبي قال:
بثبات شعور يملأني فخراً وأنا في هذا الوسط الذي يضم هذه النخبة الذين احتفى بهم الشيخ عبدالمقصود خوجة.
وهو اليوم كعادته يكرم رجلاً من المغرب ذاع صيته، فهو العالم المفكر الدبلوماسي ذو الفكر الثاقب.
وحريّ بنا أن نحتفي به وبعلمه وبخبرته، فهو على مدى عقود شغل عدة مناصب.
والاثنينية التي تعطي للعلماء البارزين حقهم من الاحتفاء لا شك تعتز بتكريم هذا العلم الفاضل، ولا بد من كلمة، وهي الاشادة بمسيرة الاثنينية على مدى ربع قرن كرمت فيها العديد من رجال الفكر.
* أ.د. حسن الوراكلي أستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى قال:
حين طلب مني إلقاء كلمة في هذه المناسبة وددت لو أنني أتيح لي من الوقت ما أدبج فيه كلمة، حيث تعودت ذلك، دعوني استرجع ذكرياتي وأعود بنفسي الى نحو خمسة عقود وأنا طالب في المرحلة الاعدادية أكُبّ على قراءة أحد كتبه، وأكبرت في العمل بطل الكتاب وبطل العمل د. عبدالهادي بوطالب، أعترف له، وقد مضت السنون، بأن كتابه كان هو بوابتي الى تراث الأندلس الذي دخلته وعكفت في محرابه.
وعندما يكرمه عبدالمقصود خوجة فإنما يكرم مؤسسة أنجبت عدداً من العلماء العاملين، تسعد به رائداً من رواد الوطنية، ثم نكرم فيه رجلا نذر للعمل الاسلامي جهده حينما ولي رئاسة المنظمة الاسلامية لمنظمة العلوم التربوية. وفي ختام كلمته أشاد بالاثنينية وبتعريفها برواد الفكر.
؟ د. سعيد عطية أبوعالي - مدير تعليم المنطقة الشرقية سابقاً وعميد كلية الباحة الأهلية
؟ أشاد بالشيخ عبدالمقصود خوجة صاحب الاثنينية، وقال: إن د. عبدالهادي بوطالب يحمل هموم الوطن بجناحيه المشرقي والمغربي، يذكرنا بالعلماء الموسوعيين، فهو أستاذ اللغة العربية، ومتمكن من اللغات الأجنبية، واستاذ في القانون، يتميز على غيره بأنه درس الملك الحسن الثاني.
وأضاف أنه يذكرنا بدبلوماسيته الورعة والمثقفة، فقد قدم المغرب الى ساحات العمل الدولي إبان رئاسته لوزارة الخارجية، نعتز بانجازاته ونقدر له جهوده في سبيل التربية والتعليم وخدمة الأدب والثقافة، ثم ختم بسؤال الى المحتفى به عن كون الكتاب المغربي لا يأتينا في المشرق.
كلمة المحتفى به
بعد ذلك ألقى المحتفى به د. عبدالهادي بوطالب كلمته بهذه المناسبة فقال: إن الاسلام هو دين سماحة ودين تكافل ودين حضاري، وقال: أنا أقول بتأصيل الحداثة وتحديث الأصالة، إن الاسلام أتى يجبّ ما قبله، نسخ كل ما كان في الجاهلية وأبطله وجاء بدين جديد.
وأضاف: إن الاسلام جاء بكل جديد يحرص على التفكير والفهم والادراك، وفي ذلك ألفاظ كثيرة في القرآن الكريم، ولا يمكن للمسلم أن يكون مسلماً اذا لم يفكر، وهذا التفكير هو الذي جعل الاسلام يزدهر.
وبالاجتهاد يصح القول ان الاسلام صالح لكل زمان ومكان، مصداقاً لقوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا}.الثناء هذه الليلة أكثر مما استحق، فلقد تربينا على التواضع الذي هو سمة العلماء، وهم أكثر الناس تواضعاً، والذي لا يتواضع هو الجاهل.
وأضاف: طُلب مني أن أتحدث عن جوانب من حياتي، فلقد تعلمت من والدي أن أكون متواضعاً، وأنا هنا أدردش معكم ولا أعد خطاباً.
وعرج على قصة تواضعه حيث بين أنه تربى في بيئة دينية ملتزمة، وأسهب في ذلك.أما حياته السياسية فقال: لم أطمح أن أصل الى ما وصلت اليه، فلقد دخلت في الحكومة بروح النضال، ولم أشعر أنني تحولت الى موظف يكسب أجراً شهرياً.
الأسئلة
انهالت الأسئلة على الضيف، ولكن لضيق الوقت ولتشابهها كان الاكتفاء بأبرزها:
* سعد سليمان يسأل عن تعريف الدكتور للإرهاب؟
أجاب د. بوطالب بقوله: آخر ما كتبته مقال صدر أمس في جريدة الخليج، قلت: إن البيت الأبيض ارتكب خطأ عندما خلط بين الارهاب والاسلام فخسر سياسياً.
وقال: الاسلام والارهاب عدوان متشاكسان لا يتلقيان، والارهاب هو استعمال العنف بجميع أنواعه للعدوان غير المبرر على الآخر شخصاً وجماعة ودينا وفكراً ورأياً وهو عدو المقاومة.
وأضاف أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك، وقال: إن الإرهاب ليس بضاعتنا.
* الأستاذ عبدالحميد الدرهلي الكاتب المعروف يسأل عن إمكانية قيام صحوة عربية؟
- أجاب الضيف بقوله: نحن محتاجون للصحوة، ولكن بالاستعداد لها وليس بالتمني، فهي لن تنزل من السماء.
* د. عبدالوهاب أبو زنادة يسأل عن معاناتنا من التفريق بين الأدب والتقسيم الى أدب مشرقي ومغربي.
- أجاب د. أبوطالب قائلا: نحن في الوطن العربي حتى الآن لم نوحد حتى الكتاب المدرسي.
* أشرف سالم يقول: عندما استهدفت أمتنا في أرضها خسرت، والآن استهدفت في هويتها، فهل ستصمت؟
- أجاب د. بوطالب: لا لن تصمت، والذي ينبغي في كل البلاد العربية أن نعيش عصرنا، كفانا أن نفخر بما كان لنا من أمجاد، ونتقوقع بماضينا، المهم أن ننخرط في العصر.
* عبدالرزاق صالح الغامدي يتساءل عن علاقة المغرب باسرائيل حيث ان قضية فلسطين هي قضية العرب الأولى؟
- أجاب د. بوطالب: الملك الحسن الثاني كان يقوم بمبادرات كان منها المعلن وغير المعلن ترمي للوساطة بين العرب واسرائيل لحل الصراع، والمغرب ليس له سياسة علنية وسياسة سرية.
* عبدالله الشريف يتساءل عن الأزمة بين السياسة والثقافة؟
- أجاب د. بوطالب بقوله: لم تكن بيني وبين جلالة الملك علاقة تناقض، وقد كنت مؤمناً أن ألعب دور المثقف.
* الشيخ محمد علي الصابوني يتساءل عن الحميمية بين الاسلام والعروبة وأنه لا بد منهما.
- أجاب د. بوطالب: الاسلام والعروبة ثنائية لا تناقض بينهما.
أما إذا كانت العروبة تقتضي التعصب والعنصرية فلا، فأنا أتمني للعروبة كحضارة وثقافة.
* سؤال عن الضوابط التي يجب التقيد بها عند تغيير المناهج؟
- أجاب بقوله: المحافظة على الثوابت، وقال: عندما يدخل التلميذ المدرسة سنة 2004م فيحصل على الشهادة تقريبا سنة 2025م فلنا أن نتصور كيف يكون العالم آنذاك، فلا بد من الانفتاح على علوم العصر مع المحافظة على ثقافتنا الدينية وبخاصة القرآن الكريم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.