كنتُ أمشي، والرُّؤَى تَمشي ورائي وضجيجُ الوهم يغتال حُدائي لم أكن أسبق ظلِّي، كان يمشي عن يميني عارياً دون كساءِ صورةٌ من جسدي تمشي، ولكنْ بيننا ما بينَ سيفٍ وخِباءِ ساكنٌ ظلِّي، ويمشي، لست أدري هو يمشي، أم أنا أمشي إزائي كلَّما ناديتُه ناديت نفسي فاصفحوا عن حيرتي يا أصدقائي أين أغدو؟ لم يُجِبْ إلا هباءٌ كيف يُغنيني جوابٌ من هَباءِ؟ أين ظلِّي؟ غابت الشمس فولَّى مثلما ولَّى صفاءُ الأصفياءِ أين ظلِّي؟ من أنا؟ هل غبتُ لمَّا غاب ظلِّي، هل جَفَا الماءُ سِقائي؟ أيُّها الظلُّ الذي يمشي أَمامي ويَميني وشمالي وورائي أنا طفلٌ من رُبى الأقصى، لأرضي تربةٌ مزروعةٌ بالعظماءِ قيل لي - يوماً -: هنا أرضُك فاحرُثْ وابذُرِ البِذْرَةَ واصدَحْ بالغناءِ ها هنا مسجدك الأقصى، وهذي أرضك الخضراء أرضُ الكُرمَاءِ جَدُّك الأعلى، هنا كان مقيماً يمنح الأرضَ شموخَ الشُّرفاءِ كان يسقي الأرض من رَشْح جبينٍ فيُرينا خِصْبُها سرَّ النَّماءِ كان للمحراث في التُّربةِ بَوْحٌ يسكب اللَّهْفَةَ في طينٍ وماءِ عندها يشدو الثرى خَصْباً وتسري في غصون الدَّوْح أحلامُ الرُّواءِ علَّموني أنَّ سحَّارةَ جدي كان فيها صَكُّ أرضي وفِنائي علَّموني أنَّ هذي الأرض كانت ليلةَ الإسراءِ ميدانَ ارتقاءِ حينما لأْلأَها وجهُ نبيّ نسج الحقُّ له أنقى رداءِ من تراب الأرض جسمي، وإليها أنتهي في رحلتي نحوَ البقاءِ في ثراها تنبت الأجسادُ لمَّا يُنْفخُ الصُّور، ونُدْعى للجزاءِ علَّموني أنَّ أعدائي يهودٌ قتلوا معنى التَّصافي والإخاءِ علَّموني سِيَرَ التاريخ حتى صرت أستظهرُه دونَ خَفاءِ فتح التاريخ لي باباً مضيئاً فرأتْ عينايَ أسرارَ البناءِ كان إسرائيلُ رَمْزاً لصلاحٍ وبقينٍ وثباتٍ، ووفاءِ كان إسرائيل ذا قلبٍ رحيمٍ عابداً لله، موفورَ الحياءِ لم يكن يقتل أطفالاً ويرمي بخسيس الفعل أعراض النِّساءِ هو يعقوبُ، ويعقوبُ نبيٌّ يستمدُّ الخير من وحي السماءِ كان يعقوبُ من الله قريباً حينما لاقى المآسي بالدُّعاءِ كان يبكي أَسَفاً لمَّا تناءَى يُوسفُ الحُسْنِ، فيسمو بالبكاءِ يتسامى، وهو يقتاتُ المآسي ويرى في ليلها نَهْرَ الضياءِ ضَعْهُ في موقعه الأسمى، وشاهد وجهَه، واقرأْ تباشيرَ الصَّفاءِ ثم شاهدْ وجهَ شارونٍ وقل لي: أين وجهُ الهَمِّ من وجهِ الهناءِ أين إسرائيلُ، من صهيونَ، هذي فِرْيةُ الأعداءِ في عصرِ الغُثاءِ جَدُّ إسرائيلَ، إبراهيمُ، جَدٌّ مَثَلٌ أعلى، أبٌ للأنبياءِ قد ورثنا نحنُ إبراهيمَ، إرثاً نبويّاً غيرَ إرثِ الأدعياءِ حينما أذَّنَ للحج سمعنا صوتَه في كلِّ ذرَّاتِ الفضاءِ نحنُ في الأصلاب، لما أطربتْنا دعوة الحج، وتَرجيعُ النِّداءِ أنبياءٌ أسرجوا خيل هُداهم وامتطوها في طريق العظماءِ دوحةٌ كان لإسماعيلَ فيها ولإسحاقَ مَقاماتُ اصطفاءِ أين منها دولةٌ، صهيونُ فيها مُرْشِدٌ يدعو إلى شُرْبِ الدِّماءِ؟! يا بني الإسلام، إنا قد فتحنا بالبطولات لكم بابَ الإباءِ وانتفضنا حين أبديتم خضوعاً وتدثَّرتُم بثوب الجُبناءِ لا تقولوا: أنتَ طفلٌ، فبكفِّي حَجَرُ الفَوْزِ، وفي قلبي رَجائي أنا لا أدعو إلى إشعال حربٍ إنما أدعو إلى دَفْع البَلاءِ لا تقولوا، أنت طفلٌ، رُبَّ طفلٍ صار بالإيمانِ رَمْزَ الأقوياءِ