في صباح كل يوم يخرج من أحياء وسط الرياض جحافل الليموزينات تحمل المئات بل الآلاف من الحريم (فتيات ونساء) قدمن إلى المملكة العربية السعودية مرافقات لازواجهن او زائرات، وما أن يتقنّ لبس العباءة الخليجية ولف الطرحة حتى ( ينزرعن) على كونترات الاستقبال والكاشير وغرف الأرشيف وتسجيل المواعيد في المستشفيات والمراكز الطبية ومشاغل الخياطة النسائية والمدارس الأهلية، واحيانا صالات الافراح في الفنادق والقصور، في الوقت الذي تعاني فيه الفتاة السعودية من البطالة وعدم التوظف، بل وتقابل بعشرات الحجج والعراقيل، ثم تسخر الصحافة والإعلانات المبوبة لطمس الواقع المأساوي لتوظيف السعوديات من خلال تكرار إعلانات الوظائف ( تروس بجملة للسعوديات فقط) بشرط إمكانية نقل الكفالة، ولا أدري كيف تكون للسعوديات ويشترط نقل الكفالة!!! والذي أعرفه ويعرفه كل أحد، أن السعوديين رجالا ونساء متساوون في الحقوق والواجبات، وأن العمل حق لكل مواطن، وإذا صدر قرار فإنه يلزم به كل أحد من المواطنين الا أن يستدرك بتخصيص، فحينما يصدر صاحب السمو رئيس مجلس القوى العاملة أو وزير العمل قرارا أو تعميما أو غيرهما من متخذي القرار والذي يصب في تحقيق التوجهات العامة للدولة نحو التوظيف والسعودة فإن الواجب على الجهات المنوط بها تنفيذ تلك القرارات أن تعمل جاهدا على تحقيق ذلك لا أن تكيل بمكيالين - وأنا هنا لا أوجه التهمة لأحد بعينه - وإنما أحاول تلمس الجرح طلبا للعلاج؟ أقول: لماذا؟ لا تعم المستشفيات ومشاغل الخياطة النسائية والمدارس الأهلية بالجولات التفتيشية (الدورية) الفجائية التي تقوم بها إدارة الوافدين بالمديرية العامة للجوازات للوقوف عن قرب على تلك الرزم من أوراق طلب نقل الكفالة التي يتجدد تاريخها مع هلال كل شهر هربا من استحقاق نقل الكفالة - بزعمهم - لأن هذه المتخلفة! عفوا الموظفة ما تزال في فترة التجربة التي تمتد أحيانا لحين انتهاء عقد زوجها او والدها. الفتاة السعودية لا أظن أن تلجأ للإرهاب في الأجل القصير وإن بدأت بعض مظاهر العنف الاجتماعي تظهر، والمضحك المبكي أن اول من ذاق هذا العنف سائقي سيارات الليموزين حين الامتناع عن تسديد أجرة المشوار، وأحيانا اختلاس بعض قطع الملابس الداخلية حال التسوق وغيرها كثير. ولكي نستدرك أنفسنا قبل أن نكرر ما نعانيه اليوم من بعض الشباب، يجب أن نضع لمهزلة توظيف وتشغيل حريم الوافدين حدا عقابيا ونضرب بيد من حديد على كل مخالف سواء من اصحاب المراكز الصحية والمشاغل النسائية والمدارس الأهلية، بل وحتى على ذويهم الذين استقدموهم. ودعونا نغرق في أحلام مملكة أفلاطون ونتخيل أن تلك الأعمال والوظائف التي تشغل بأيدي متخلفة - حسب تعريف وزارة الداخلية - واحللنا فتيات ونساء سعوديات وفق ضوابطنا الشرعية وعاداتنا الاجتماعية الحسنة، فحتما ستغلق الجمعيات الخيرية ابوابها، وتلغى العقود الاستشارية لمكافحة الفقر ونرتاح من تخمة المياه عند إشارات المرور لانه وبكل بساطة لا فقر عندنا. لنكون صادقين مع أنفسنا، الحاجات اليومية اصبحت صعبة وواجب توفيرها صار لزاما على كل احد، وفي ظل وجود إعلام لا يرحم فكل دقيقة تظهر على شاشات الفضائيات أنواع الدعايات التسويقية للسلع الاستهلاكية وتكون موجهة لهذه الفتاة او لاولئك النسوة اللائي (حفين) حتى امتهنت كرامة الكثير منهن بحثا عن عمل ينتشلهن من مرض الفراغ ويشغلهن فيما يعود عليهن بالنفع. لكن لا محال في ظل انعدام مفهوم الوطن وواجبات المواطنة عند الكثير من اصحاب تلك المنشآت، وأصبح الضغط النفسي كبيرا عليهن وذويهن، حتى شارك رجال الأمن في تحمل جزء ليس باليسير من خلال محاضر مخافر الشرطة كل يوم. وأنا هنا سأقولها بصراحة - وأمري إلى الله - إن اصحاب المستشفيات (خصوصا) حينما لا يقبلون على توظيف السعوديات ليس لانهن غير مؤهلات أو غير مدربات! لا إنما السبب -وأتحدى من ينكر ذلك- أن أغلب وأقول أغلب وليس كل الفتيات السعوديات، لا يمكن أن يتنازل عن تلك الموروثات الدينية والاجتماعية - التي في الحقيقة لا تتعارض مع طبيعة المهن - والتي تظهر نوعا من احترام الوطن، لكن السيد المدير يفضل أن تكون كاشفة للوجه لابسة للبنطال وأنواع المساحيق على بشرتها، ولا تنسى أحمر الشفاه فهو شفاء لكل مريض تخط قدمه عتبة المستشفى، والدليل على هذا في متناول الجميع، فلو أراد احد أن يذهب لاي مستشفى (محترم) فسيرى تلك الكونترات المليئة بعارضات الأزياء حتى تشعر وكأنك تزور احدى الدول الشقيقة، ولغياب عين الرقيب (إدارة الجوازات) وصل الأمر في أغلب المستشفيات إلى تشكيل جماعات ضغط (اللوبي) لمحاربة قرارات السعودة جنبا إلى جنب مع السيد المدير، فعند دخول أي فتاة سعودية للعمل معهن، فستواجه أحد أمرين: - فإن كانت متقنة فن مهنتها فعز الله راحت فيها، من خلال الدسيسة والنميمة لدى إدارة المستشفى لما يمتلكنه من مقومات الإغراء السياسي. - وإما إن تكون بسيطة (على نيتها) وهنا لا محالة ستكون ضحية التظاهر بالكرم (والتمرجل، والترزز). ناهيك عن معاناة رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كان الله في عونهم عند محاربة تلك المهازل اللاأخلاقية التي تصاحب خروج تلك الوافدات المتخلفات (الموظفات تحت التجربة بزعمهم) عند انتهاء الدوام في كل يوم. [email protected]