على امتداد رمال الرَّوضة في شتاء الرِّياض الأبيض... كانت لكِ صورةُ المجد في انسياب التَّسبيح... وزفيرُ الهواءِ المثلَّج، يمسحُ وجه الرِّمال..., يمنحها انتعاش الوميض... وتشهقُ الأيدي، في ابتهال الدُّعاءِ... على امتداد فسحة الرُّوضة يا نوَّارة... والنَّفلُ، والخزامى، يمنحان العيونَ رونقَ البنفسجِ والخضرةِ... وذرَّاتُ البذور، تندسُّ بين لفيف العروق، من صَهْبة البرودة، و... يسدلُ الغروبُ ملاءته، ونفرٌ يترامى كالحصاد المجمَّع، في زوايا تتناثرُ في شهيق الابتهال، تنهضُ على صمت الرِّمال، تمنحه صوتاً إلى صوت زفير الرِّياح الهادئة، كالنَّسمة، لكنَّها، في رحيلٍ صامتٍ تتسابق!! وأنتِ... هناكَ بين الشِّغاف والشِّغاف... أتراكضُ نحو خُلْوةٍ أكون فيها مع رمل الرَّوضة المثلَّج، أودعه شهادةَ الشَّهادةِ، وفوقه أدعو لكِ بعدد ذرَّاته... على امتداد السَّمع، لا يأتي تكبيرُ الصلاةِ، وعلى صمتِ الهجوعِ تتناشدُ ذبذباتُ صوتِ المصلِّين... على بعدٍ، لونُ شُهب النِّيران في مواقد الاستدفاء... و... أنتِ... قطعةٌ خزاميةٌ تنثرين البنفسجَ في صفحة ماء العين كي تسبحَ الأماني... تلتقيكِ على امتداد ثمانٍ عَرَجْن بي، وأنتِ لم تعودي... تذكَّرْتُ موكبَ رحيلكِ، في بياضِ ثلجيَّةِ شتاءٍ، أغوصُ فيه وحدي، أتكبَّدُ بَعْدَكِ يا نوَّارة... وعلى الرِّمال كما ينهض الفجرُ... ينهض اللَّيلُ...!! يا روضة النَّفل والخزامى... بكِ تعبر الثَّواني... يا موغلةً في دياجير الأعماق، وفي قمريَّات العُمُر، وفي كلِّ وجهٍ تأتي به صفعةُ التَّذكُّر، وها...؛ أين بَعْدَكِ يكون للمتاه سكينة؟! عُدْتُ مُحَمَّلةً بالرِّمال... عُدْتُ ، بشيء من حجارة الطَّريق... عُدْتُ ، والرَّوضة لا تزال تتباهى من البرودة، وتهجعُ في منتصف النَّهار!! نوَّارة... يطيبُ لي أن أقفز بكِ بعيداً عن وخز المدينة!! اعتمرُ صوتكِ، وأرسله في آماد الرِّمال الممتدَّة، لا يلفعها غيرُ الطَّحين والخضرة، وزركشةُ ألوان الزُّهور...!!، كي يأتني صوتُكِ، بوجهكِ، فأَقوى به، على مواجهة موقد الاستدفاء!! يا نوَّارة ... هاكِ حروفي... وانقذيني من سطوة الشُّوق لكِ ومن دموعِ الحنين...! كي أبسطَ للقوسِ المعقوفِ، ليكونَ مجدافَ السَّفين... فالبحرُ يا نوَّارة، لا يزال يُزمجر...، والمراكب متأهِّبةً للسَّفر؟ متى عُدْتُ من الرَّوضة... وجدتكِ في كلِّ الدُّروب... وأنتِ لا تزالين، لا تزالين يا أمَّاه تُدرِّينَ الدِّفءَ، وتمنحين الشِّتاء...! فأنتِ وحدكِ من يأتي بالبياض، ولكِ وحدكِ أجنحة العبور...